يا لهذه الفتاة اليمانية القروية الثائرة الشجاعة!! من أين لها كل هذه الروح الوطنية القتالية الباسلة؟! من أين لها كل هذه الشجاعة النادرة؟! من أين لها كل هذه المشاعر الثورية الملتهبة؟! من أي مدرسة وطنية، ثورية نضالية تخرجت؟! من أين استمدت كل هذا العزم وكل هذا الصمود البطولي النادر؟! كيف استطاعت التغلب على المعيقات المجتمعية وعلى عقد المرأة ومخاوفها؟! كيف استطاعت تحدي العادات والتقاليد الرجعية المتخلفة؟! وكيف اجتازت حدود المحظورات المفتعلة؟! كيف تعدت المسافات الوهمية الشاسعة الزيف؟! من أين لنا (توكلات) يمانيات آخريات، يجتزن حدود الشهرة القروية والمناطقية والحزبية والوطنية، ولا يتوقفن إلا عند أبعد نقطة في آفاق الشهرة والمكانة الريادية في عالم اليوم؟! لا عن طريق التمثيل الدرامي القائم على الإغراء ولا عن طريق الإبداع الفني الأدبي أو الغنائي، اللذين طالما كانا محفوفين بمخاطر الشبهات والشائعات أو عيوب الابتذال اللاهث وراء المال المدنس أو الشهرة الزائفة المحدودة الأثر.. وإنما عن طريق وعر، صعب محفوف بمخاطر التضحية بالنفس.. وهل هناك ما هو أغلى من النفس، لا من أجل غايات شخصية أنانية، ولكن من أجل وطن مجهد وأمة منهكة، لم تجد بين جموعها سوى عدد قليل من الرجال، المستعدين للتضحية الغالية من أجلها ودون تردد.. والافتداء السخي دون مقابل شخصي!! لعل (توكل) بكل ذلك أرادت، ضمن الذي أرادته من الغايات الوطنية الجليلة والإنسانية السامية، تحطيم قواعد المألوف والسائد، وبالذات تلك المقولة القائلة بأن وراء كل رجل عظيم امرأة..لتقول بأن وراء كل شعب ثائر امرأة، أو أن وراء كل تغيير وطني حاسم امرأة، وربما وراء كل مستقبل وطني زاهر امرأة؟! نعم!! قد يكون الأمر كذلك يا امرأة.. وإلاّ فماذا نسمي بسالتك الكفاحية الرائعة وأنت تتقدمين جموع الشباب الوطني الثائرة، تجوبون شوارع العاصمة، مرددين، بقوة وإرادة، شعاراتكم الثورية الأروع، ملهمين الحماس الوطني المتأجج في كل نفس وفي كل بيت في اليمن، وربما في العالم العربي على الأقل، حتى أخجلتم مدعيي الثورية والوطنية من الرجال المثقلين بأطنان صخرية من الخوف، المكبلين بقيود فولاذية من التردد ومحاذير الجبن الأرنبي المذل؟! لمَ تهابوا رصاص المأجورين ولم تخشوا هراوات المنتفعين الأغبياء الخالية صدورهم من الروح الوطنية والإنسانية!؟ وإلاّ فماذا نسمي صمودكم المعطر بالعفاف في ساحات التغيير يا امرأة؟! يا امرأة ثائرة اسمها (توكل) !! ما الذي دهاكِ لتقودي مسيرة شبابية بذلك الحجم باتجاه مجلس الوزراء؟! ألم تخيفك التحذيرات؟! ألم تخشي وحشية القناصة على أسطح المنازل؟! ثم أين كان خوفك الفطري الغريزي من الموت القادم عن طريق القتل البشع؟! وكيف كان شعوركِ وسط ذلك الرصاص المنهمر الذي حال بينك وبين التقدم نحو الأمام..؟! أو لماذا اخترتي الثبات على الأرض، بدلاً عن الانكسار والعودة إلى الوراء يا امرأة؟! فلله درك كم كنت شجاعة وسط غيمات كثيفة من البارود!! لعلك لم تكوني على علم بأن الكاميرات تبث لحظات صمودك عبر الأثير المباشر!؟ لقد روعتي محبيك على حياتك، مثلما أخفتي جموع المسلحين المتصدين لمسيرتك!؟ ويوم أن زف الإعلام العالمي بشرى اختيارك مرشحة للجائزة العالمية الكبرى.. ملأتي الدنيا وشغلتي الناس!؟ فالجميع بين مفتر حاقد حاسد كذاب وبين باحث في تاريخنا الوطني الكفاحي عن لقب يليق بامرأة يمانية مثلك؟! وحينما لم نجد سوى ملكة اسمها (بلقيس) أطلقنا عليك اسمها (بلقيس اليمن الحديث)؟! فهل قادت الملكة بلقيس ثورة مثلك؟! وهل واجهت الرصاص مثلك؟! وهل كنت تنشدين مملكة وقطراً وهيلماناً كالتي كانت لها؟! بلقيس التاريخ ذهبت إلى مملكة بني إسرائيل سليمان، ويقال إنها تزوجت منه، بعد أن تعرضت لخديعة الصرح الممرد.. أما أنت فقد ذهبت (بحجابك) شامخة الأنف رافعة الرأس وعدتي كما ذهبتي ولكن بجائزة نضالك البطولي..!! ويوم أن عدتي إلى أرض الوطن الحبيب معززة مكرمة مبجلة تحملين بين يديك وساماً أممياً رفيعاً، لم تسبقك إليه أعرابية من قبل، كاد الوطن بمن فيه أن يعانقوا الجبال والسماء فرحة وابتهاجاً واعتزازاً.. عدا قلة قليلة من مرضى النفوس انكفأت كئيبة مسودة الوجوه!! ولكي تثبتي لهم عزة نفسك ورفعة مقدارك فقد وضعتي ملايين الدولارات المهداة إليك في خزينة الشعب!! لقد كان بإمكانك – يا اختاه- إيداع المبلغ في أرصدة بنكية خاصة بك وبأولادك وأسرتك.. فما أعظمك أيتها الفتاة اليمانية الثائرة الواعية الورعة...المحبة لوطنك وشعبك اليماني العظيم!! لقد شرفتي أهلك وناسك ووطنك وأمتك!! ولقد شرفتي أمك الأولى (حواء) مثلما شرفتي بناتها في عصرك!! وها هي ذي الأمم المتقدمة المتحضرة العارفة بمقدارك تحملك من أقاصي الأرض أمانة إنسانية جديدة!؟ وها هي قيادة وطنك الجديدة تحبوك بكرم اللقاء، وقد أصبحتِ عنصراً وطنياً مهماً في لجنة الحوار!! فأي المهام الوطنية والأممية ستثقل كاهلك؟! وأي هموم أسرية في بيت الزوجية المجيد ستحول بينك وبين همومك الكثيرة ومهامك الإنسانية الكبيرة في قارات العالم الخمس؟! يا امرأة.. يا توكل.. يا أيتها اليمانية الزكية.. ما أروعك!! [email protected]