المجتمعات التي تعيش وتتعايش في إطار التعدد والتنوع هي الاكثر حيوية وإنتاجا وتطورا، بعكس المجتمعات المغلقة التي لا تتسع لغيرها ولا تسمح للتنوع والتعدد بأن يأخذا حقهما في تحريك مسارات الحياة الراكدة. «1» ليس الانتماء لجنس أو عرق أو طائفة أو هوية معينة هو ما يحفز على الابداع او يمنح أي من تلك الهويات أفضلية على غيرها او يمنحها حقوقاً ومزايا مختلفة عن غيرها، وينتقص من سواها، وأي ادعاء لأفضلية جنس أو لون أو عرق ليس اكثر من مغالطة واضحة لحقائق الخلق وإرادة الخالق، وأبجديات الأديان، وتلك الامتيازات ليست أكثر من محاولة أي جماعة تروج لها للاستئثار بالسلطة والثروة أو الحصول على مزايا مادية وأخرى معنوية من المجتمع تحت لافتة الحق الالهي والاصطفاء السلالي، وتلك مغالطة لحقيقة الاديان القائمة على المساواة والعدالة وإلغاء التميز والتمييز إلا بالعلم والعمل والالتزام بمبادئ المواطنة والمساواة والعدالة. «2» لم تعد تلك المغالطات حكراً على جماعات او فئات وطوائف بعينها فهذه العدوى انتقلت للاطار الاوسع المتمثل في ادعاء العديد من الاحزاب والجماعات السياسية والدينية أنها وحدها تحتكر الصواب والحقيقة وأن كل من يخالفها ليس الا شرًا مستطيرا يجب اقصائه والتحريض ضده بكافة الوسائل والسبل، مما جعل تلك الأحزاب والجماعات تستخدم نفس مفردات الخطاب الاقصائي مع اختلاف توظيف النص ومواضع الاستخدام. «3» في ظل تمترس جميع تلك الأطراف حول ادعاء الافضلية والاحقية في الحكم والسلطة وانشغالها بالصراع فيما بينها، لن تخرج البلاد من مربع الصراع المقيت، وستستمر عملية الدوران في دوائر العنف المغلقة والمفتوحة على الكراهية والتحريض على العنف، وستستمر القوى المهيمنة والمحرضة في تقديم ارواح اليمنيين في كل شبر من البلاد كقرابين تضمن استمرارها في نفس دائرة الاضواء ومربعات التقاسم، ومن أجل الخروج من تلك الدوامة يجب على العقلاء من جميع الاطراف السياسية - مع أني اشك في وجودهم وإن وجدوا فإنهم اعجز من ان يقدموا حلولا ناجعة لهذه المشكلة- العمل على تجنيب البلاد المستقبل القاتم الذي ينتجه الخطاب الإقصائي والتحريضي المسيطر على الاداء السياسي والاجتماعي للاطراف السياسية المحتلفة، وتبني خطاب مدني عاقل ومعتدل قائم على نبذ العنف والتطرف والاقصاء ويعزز من روح المواطنة المتساوية والعدالة وسيادة القانون وحقوق الانسان، وهي مفاهيم بدون تطبيقها والعمل بها وتحويلها لسلوك عام يؤمن به جميع الفاعلين السياسيين لن تقوم لأحد قائمة بدونها. [email protected]