عامان إلا قليل لمحاولة التغيير التي أنعشت ذاكرة الوطن أو ها كذا حسبناها , التغيير من العادي واليومي المستهلك الى الغد والطفرة والتنوع , كل من كان مع او ضد آمن بالتغيير ولو من باب التغيير كواقع سنني , فقد تكلست الهمم واصفرت الأحلام من ذلك الواقع المترهل والمتكرر للوطن , فعاش الناس حلم الزمن الوردي بعد أن فقدوا علاقتهم بالألوان والزمن وصار الرمادي هو السائد في حياتهم , عامان إلا قليل لم يفق الوطن على ما كان يحلم به ولا جديد في مساراته ومستقبله ((غير ذهب حمود وجاء حمادي )) لازالت ثقافة الناس ذاتها .. لا انتماء , إحباط , لغة الفشل والنقد المضحك المبكى , الفوضى , تسير في الشوارع وتنظر في وجوه الناس فتصدمك تلك النظرة الشاردة المحبطة أو تلك الانفعالية الكاذبة التي لا تقدم ولا تأخر في مسارنا وسلوكنا كأفراد أو كوطن , لغة الفشل في كل مفرداتنا اليومية , صرنا نخاف من النجاح بل وصلنا الى رهاب من النجاح , فالفشل أصل والنجاح استثناء في حياتنا , كل المشاريع التى قد يجتهد البعض في أن يخلقها ويصنع منها منطلقات لمرحلة قادمة تصيب الناس بالحساسية والاستفزاز أو لنقول البعض الذين أستوطن الفشل في حياتهم فتجدهم كالغربان ينعقون بالمبررات والخيارات الانهزامية التى تعبر عن نفسيات محبطة , فتجدهم يغيبون المشروع ويذهبون الى الشخصي من الحياة , يتحول اهتمامهم وإيمانهم من الفعل ومعطياته الى اعتقادهم وانشغالهم بالفاعل كشخص وليس كفكرة ومشروع فيغيب المشروع وتطفو على السطح الشخصنة , وهذا الشكل من العلاقة والسلوك هو الذي يصنع الدكتاتور والانتهازي والاقصائي في حياتنا , فتتسع فجوة الكفر بالتنمية وبالمستقبل وتغيب أي محاولة للنهوض في ذلك الثقب الأسود من حياتنا ووجودنا , لذا لم تصعد أي مشاريع تقترب من خفق الوطن وأمله فكلما حاول طامح أن يتقدم كمشروع حقيقي وجد جزاري الوطن بانتظاره عند مشارف الحلم , لابد أن تؤتي المرحلة ثمارها في وعينا لنخرج من ضيق الماضي ومخرجاته أن يتحول إيماننا وتفكيرنا الى الفسيح من الافق من الشخص الى ما يحمل من مشروع , ليبرز الرجل المشروع والمدينة المشروع والوطن المشروع مشروع للغد , وليس الرجل الفرد لنخرج من صراعاتنا حول الذات الى المعطيات أو كما يقول الفقهاء البحث في الذات كفر وفي الصفات تعبد أن نتنافس من أجل وطن ونعمل من أجل مشروع كبير يستوعب الجميع ,ليكن نظرنا موجه صوب المسئول او القائد كمشروع وليس كشخص , لقد اختلط لدينا الثابت بالمتغير في تعاطينا مع الحياة السياسية والاجتماعية , إن بروز الكثير من القيادات الجيدة في مرحلة مابعد 2011م على سطح المشهد السياسي اليمني يجعل الكثير ممن لم يستوعبوا ويعتادون على التغيير يوصمون المرحلة بالفشل إجمالاً وتلك القيادات بالفاشلة , في حين أن الوقت لازال مبكراً لإطلاق الأحكام وتقييم نشاط وانجازات أولئك , بعيدا عن المهاترات الحزبية والمناكفات السياسية الرخيصة , فما أعتاده البعض من إطار فكري وسلوكي يجعله يشهر سيفه في وجه الوطن ظنا منه أنه يشهره في وجه س او ص من تلك الشخصيات في حين أن تلك الشخصيات أصبحت تمثل فريق مرحلة , فكل نجاح او محاولة للخروج من نفق المرحلة يجير فشلا وضعفا وقلة إدراك , هذا يجعل أي مشروع جاد لبناء اليمن وترميم ماتهدم في الماضي يصطدم بالكثير من المتارس والعقبات على مستوى الواقع العملي ومستوى الوعي الجماهيري , هذه المرحلة هي مرحلة فلترة حقيقية للمشاريع الجادة والقيادات النوعية والفاعلة ، لذا لابد من أن نأخذ نفساً عميقاً لقادم الأيام ونكون محفزات للجادين ولا نسكن السوداوية ونلبس السواد في صبيحة الوطن , فما اقبحنا وما أقسى الشمس علينا حينها , دعوهم يعملون فما أسهل النقد وأصعب الفعل والتصحيح في مسارات العمل, نحتاج الى أن نتشارك هموم المرحلة ونستشعر واجبنا الحقيقي في البناء وليس الهدم . هذا لا يعني عدم التصويب والنقد البناء الفاعل ولكن يجب أن نختار درب العمل من أجل الوطن وله نغضب وبه ننجح ,أن نكون مرآة حقيقية ساطعة للوطن بقوته وضعفه ولا نغبر الورد خوفا من إبر النحل .