لقد أحدث توقف المؤتمرات الصحفية الأسبوعية ارتياحاً عبّر عنه البعض بالصمت وعبر عنه البعض الآخر بالضجيج وكان إيقافها من الأولويات الملحة والموجبة لتدخل القيادة السياسية بصورة تدل على السخف والاجتهاد في ادعاء العلم بما وراء الإيقاف من أسباب لاتمت للحقيقة بأي صلة من الصلات القريبة من الصواب. كيف لا.. وقد أكد البعض من الذين كتبوا عن الجهة التي قامت بإيقاف هذه المؤتمرات بأنهم أغبياء ولايفرقون بين الديمقراطية وبين الشمولية وبين الحديث بصوت عالٍ وبين تكميم الأفواه بحكم مالديهم من ثقافات شمولية تجعلهم يخولون أنفسهم صلاحيات الحق في تمثيل الآخرين ونيابتهم في اختيار مايجب ومالايجب من القيادات والمواقف والمؤتمرات ، متناسين أن الديمقراطية تكفل لكل شخص ولكل جماعة ولكل حزب الحق الكامل في اختيار قياداته وعقد مؤتمراته وتحديد مواقفه بمحض إرادته الحرة وأن القيادة السياسية لاتتدخل في مثل هذه الخصوصيات الحزبية والتنظيمية المتاحة. والحقيقة أنني لم أجد سبباً لذلك التشفي المعبر عن رغبة جامحة للتدخل بشئون الآخرين سوى القول بأن استمرار عقد المؤتمرات بصورة منتظمة هي القاسم المشترك الذي جعل المتطفلين على الصحافة والسياسة يبالغون في تناول الأسباب التي أدت إلى إيقاف عقد المؤتمرات الصحفية خلال الأسبوعين الماضيين، ربما لأنها أصبحت نافذة لمكاشفة الفاسدين والمفسدين بما يقومون به من ممارسات لاتتفق مع مبادئ الشفافية والحكم الرشيد التي طالما دعا إليه الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وذلك ماجعلني أعدهم بأن الأسباب كانت ذاتية وأنني سوف استأنف عقد هذه المؤتمرات الصحفية بعد عودتي من الرحلة العلاجية إن شاء الله سبحانه وتعالى. وقلت أيضاً بأن الأحزاب التي أمثلها تلتمس لي العذر لأسباب صحية ولم تطالبني بإيقافها. أقول ذلك وأعترف أنني لم أكن أعلم بأن البعض من الذين يستعينون على فسادهم بالسرية وحجب المعلومات عن رجال الصحافة والإعلام سوف يرتاحون إلى هذه الدرجة من إيقاف المؤتمرات الصحفية التي يجب أن تتسع لتشمل جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية لأن الفساد والإفساد لايجد له مناخات مواتية إلا في دهاليز الصمت ودياجير الظلمات.. أما في الأجواء المفتوحة والحديث بصوت عالٍ فلا مكان للفساد والكذب وتشويه الحقائق التي لايجب أن تغيب عن أبناء الشعب ،لأن حرية الصحافة لاتقل أهمية عن حرية السياسة, والشفافية لاتقل أهمية عن الديمقراطية نفسها ،نظراً لما تمثله من مناخات صحية وأجواء محاطة برفاهية الشعب ورفضه لهذا النوع من الصمت الذي لايستفيد منه سوى الفاسدين والمفسدين في الأرض الذين تجاوزوا سرقة السلطة والثروة إلى سرقة الثورة التي حلم بها الشباب. ومعنى ذلك أن عقد المؤتمرات الصحفية ظاهرة ديمقراطية حضارية تندرج في نطاق اهتمامات القيادة السياسية التي طالما وعدت أبناء الشعب اليمني قاطبة ببناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان ،لاسيما ونحن على أبواب واعدة بعقد مؤتمر الحوار الوطني نحتاج فيه إلى معرفة الحقيقة من خلال الحوار الوطني وماينطوي عليه من التعددية في الآراء والتصورات والمشاريع الهادفة إلى الاتفاق على مانحن بحاجه إليه من منظومة دستورية وقانونية تحتاج إلى الشفافية والحديث بأصوات عالية ولكن بوسائل وأساليب سلمية تندرج في نطاق العلاقة بين الرأي والرأي الآخر ، مجسدة لما لهم من الحقوق ولما عليهم من الواجبات الوطنية المتساوية فيما يبدونه من الآراء وفيما يتداولونه من المعلومات وفيما يمارسونه من النقد الذاتي والنقد الموضوعي النابع من الحرص على البناء ، ناهيك عن ذلك النوع من النقد الذي قد يتجاوز الرغبة في البناء. أقول ذلك وأقصد به أن المؤتمرات الصحفية في مجتمع ديمقراطي تعددي يهدف إلى إرساء الدعائم الراسخة للتداول السلمي للسلطة ،ظاهرة ديمقراطية حضارية توجبها المصلحة الوطنية لجماهير الشعب وهيئته الناخبة صاحبة القول الفصل في التداول السلمي للسلطة. ومعنى ذلك أن العملية الديمقراطية تحتم على جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية في عصر يقال عنه عصر المعلومات والاتصالات والإعلام والقنوات الفضائية ،عقد هذا النوع من المؤتمرات الصحفية المفتوحة للصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة بشفافية نابعة من الحرص على سباق البحث عن الحقيقة على قاعدة التنافس بين الآراء ،لاسيما ونحن قاب قوسين أو أدنى من بدء الحوار الوطني الذي سنقف فيه أمام مانحن بحاجة إليه من منظومة دستورية وقانونية مشتركة تحدد طبيعة النظام السياسي والنظام الانتخابي ونظام الحكم المحلي الذي نتفق عليه في أطروحاتنا وتداولاتنا الحوارية المفتوحة على جميع الآراء إلى غير ذلك من الحقوق والحريات الخاصة والعامة في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية الخدمية منها والإنتاجية والتي تستوجب التعامل بعقول مفتوحة وبنفوس راضية وبقلوب عامرة بالإيمان والحب لكي نحقق مانحن بحاجة إليه من التعاون والتكامل والتفاعل والتكافل في نطاق الاختلاف الذي لايفسد للود قضية، وسواءً كانت الكتابة عن مؤتمراتي الصحفية نابعة من حرص أو نابعة من أنانية ،فإن المؤكد الذي لاأستطيع أن أنكره على الآخرين الذين أُحسن بهم الظن أن من حقهم أن يصفوا هذه المؤتمرات بما يحلو لهم أن يصفوها به من آراء نقدية نابعة من حرص على البناء أو نابعة من حرص على الهدم ،لأن العملية الثورية الجدلية عبارة عن صراع مستمر بين السالب والموجب تحتوي على قدر من التداخل بين مايمكن القول إنه بناء ومايمكن القول إنه هدم من أجل البناء لأن الجدل معناه أن كل موجب يحتوي في ذاته على قدر من السلب وكل بناء جديد لابد أن يبدأ رحلته بهدم ماقد خطط له القديم لأن الصواب لايخلو من خطأ في سباق البحث عن الحقيقة على قاعدة(رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب). أقول ذلك وأقصد به أن رئيس الجمهورية لم يسبق له أن اتصل بي ولم يطلب مني وقف هذه المؤتمرات الصحفية ولو حدث ذلك لتوقفت من باب الاحترام لرأيه باعتباره النائب الأول الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام قبل أن يكون رئيساً للجمهورية وذلك ماقلته مراراً وتكراراً في مؤتمراتي الصحفية لكنه لم يحدث ولن يحدث في عهده الهادف إلى اجتثاث كل ماتبقى من رواسب الشمولية ومخلفات الممارسات الفاسدة والداعية إلى الفساد. أخلص من ذلك إلى القول إن ماكتبته بعض المواقع وبعض الصحف الحزبية حول إيقاف المؤتمرات الصحفية الأسبوعية الناطقة باسم المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من الخصوصيات الحزبية لايحق لأحد مصادرتها أو التشكيك بها بأي حال من الأحوال الدستورية والقانونية وإن كان للآخرين حق إبداء الرأي فيها. رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=455101881195559&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater