بما أن مصر أم الدنيا كما يقال .. فبالتأكيد أن تعز أم اليمن .. فتعز أرضاً وإنساناً عنوان الجمال والفن والإبداع والثورة أيضا .. تعز الثقافة والثقافة تعز. استطاعت تعز أن تمد جميع محافظات اليمن برقيها وثقافتها ومفاهيم الحضارة اليمنية العريقة. تعز الجمال بمناخها وأرضها وجبالها وأبنائها .. وحيث ما اتجهت فثمّ بصمة أمل وشعاع حضارة. تعز ثلاثة أحرف: التاء إشارة إلى التعليم، والعين إلى العمل، والزاي إلى الزينة والجمال. تعز عبده محمد المخلافي وعبدالفتاح إسماعيل ... تعز عبدالله عبدالوهاب نعمان وأيوب طارش. تعز هائل سعيد أنعم وأحمد سيف الشرجبي ... تعز جامع الجند وقلعة القاهرة. تعز العلماء والأولياء والأدباء والشهداء. مجالس تعز عن قيم الحرية والعدالة والمساواة، حديثهم ومسامرتهم تذكرك بنجيب محفوظ والعقاد ومصطفى صادق الرافعي. أحرزت تعز السبق في إطلاق شرارة ثورة 11 فبراير .. كما أنها أحرزت السبق بتضحيتها وتقديم المئات من الشهداء والشهيدات من أجل أن ينعم جميع اليمنيين بدولة القانون والمساواة والعدالة الاجتماعية. تصدرت تعز واجهة المشهد في المطالبة بالحقوق وإنصاف المظلومين واسترداد كرامة اليمنيين .. حتى وصلت رسائل تعز إلى كل بيت في ربوع الوطن: معاً من أجل إسقاط الظلم والطغيان وتسلط الفرد .. معاً من أجل المساواة والحرية والكرامة والجمال .. معاً من أجل الإبداع والفن والمفاهيم الحضارية .. معاً من أجل الدولة المدنية الحديثة. لكنه وكالعادة لا يفتأ أعداء تعز من تشويه جمالها ورسائلها .. وطمس معالمها وثقافتها وحضارتها .. أرادوها أن تعيش حياة الغاب، القوي يفترس الضعيف، وشيخ القبيلة يصادر أملاك الرعية. متى كان السلاح عنوان القوة والرجولة .. ومتى كنا نسمع بالقتل والثأر في تعز .. متى كنا نرى المسلحين في شوارع تعز كالجراد المنتشر. كانت أعراس تعز لا تسمع فيها إلا أغنية منى علي وزفة أيوب طارش .. اليوم لا تسمع إلا أصوات الرصاص وكأننا في حرب غير متكافئة مع نجوم السماء وسكان المريخ. كان الاحتكام للعقل ميزة أبناء تعز وهو سيد الموقف .. واليوم نشعر بالخزي ونحن نرى أن القانون هو شيخ القبيلة وأن العقل هو السلاح. برغم أن تعز هي من أطلقت شرارة الثورة .. إلا أنها لم تتخلص من سلوكيات ما قبل الثورة، والتي هي من مخلفات النظام السابق .. نتساءل: ماذا يجري في تعز؟، سوى القتل وتدمير للثقافة وانتهاك صارخ لقيم تعز الشامخة .. ما قيمة تصدر تعز في إسقاط النظام السابق إذا عجزت عن اسقاط مفاهيمه وسلوكياته.. الثورة يا أبناء تعز ليست مجرد الضغط على الزناد كما يقول الحكيم الإفريقي نلسون مانديلا لكنها حركة تهدف إلى إقامة مجتمع العدل والإنصاف..ما قيمة شجاعة أبناء تعز التي أبهرت الآخرين، وهم لا يملكون شجاعة التخلص من تلك المظاهر التي شوهت جمال تعز ... ما قيمة الثورة التي قامت إذا كنا تعيش زمن ما قبل الثورة ... ما قيمة الهدم دون البناء. إلى أبناء تعز وأنا واحد منهم: علينا أن نحاول استرجاع تعزيتنا: تعز الحالمة .. تعز القيم والعلم والثقافة .. تعز الثورة على كل المظاهر والسلوكيات الخاطئة ... تعز المواطنة المتساوية لا فضل لشيخ القبيلة على المواطن إلا بتطبيق القانون .. تعز القلم والصحيفة والحوار .. تعز الدولة المدنية الحديثة. إلى مشائخ تعز: المسلحون الذين يحيطون بكم من أمامكم ومن خلفكم وعن أيمانكم وشمائلكم مشاريع تدمير لا بناء .. مشاريع خوف لا أمن ... تنكر لتعز وخيانة لها. إلى محافظ تعز: الإعلان عن حزمة الإصلاحات والتعيينات على أساس الكفاءة يحسب لك.. إضافة إلى أنك تفكر بمشاريع عملاقة لتعز ... لكن قضاءك على مشاريع القتل والاغتيالات والمظاهر المسلحة، سيدخلك التاريخ من أوسع أبوابه. أخيراً: لن يسامح التاريخُ رجلاً أساء لتعز، ولم يعمل على بنائها وتطويرها، وإعطائها مكانتها التي تستحقها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461490513890029&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater