نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز قضية وطن وشبابها خرجوا من أجل الدولة المدنية!
د. صلاح المقطري عميد كلية 11فبراير للعلوم السياسية بساحة الحرية تعز:
نشر في الجمهورية يوم 15 - 02 - 2013

درس الاقتصاد وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة السربون الفرنسية وبادر كأستاذ جامعي إلى ساحة الحرية بتعز وترأس المجلس الثوري فيها.. إنه الدكتور صلاح المقطري استاذ الاقتصاد كلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء عميد كلية 11فبراير للعلوم السياسية، ساحة الحرية تعز.. الذي يرى في الفيدرالية حلاً لمشكلات ومفاسد النظام المركزي ويعتقد أن أبناء كل محافظة إذا لم يلتفوا حول قضيتهم فسيكونون مسئولين عن عدم تحقيق مطالبها.. على هامش الاحتفال بذكرى 11فبراير في تعز كان هذا الحوار مع الدكتور صلاح وفيه تجليات عزيمة الشباب ووعيهم وصمودهم في مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة وبكلمة واحدة.. الإنصاف وإلى الحوار:
صور غريبة
عندما عدت من فرنسا بعد غياب كيف كان شعورك وأنت تطأ أرض الوطن؟
شاهدت صورا غريبة وسلوكيات بعيدة عن المدنية أناسا بملابس رثة ومتباينة وجوعى يفترشون ميدان التحرير والشوارع في قلب العاصمة صنعاء وشكل الناس ومبانيهم وكأن الجميع خارجون من حرب أو ناجون من كارثة.. بعد أربع سنوات لم أزر فيها اليمن لم أكن أتخيل وجود مآس بهذا الشكل، وهذا أظن أن غيري يشاهده ويتألم ويتكيف مع المناظر السيئة إلا أن أشكال التلوث السمعي والضوضاء في حياتنا لا يمكن التكيف معها وكذا طريقة تفكير الناس وإن اعتدنا عليها كضرورة.. هناك سلوكيات تهدد صحة الإنسان منها: البصق في الشارع ورمي القات بعد التخزينة في الأماكن العامة وإغفال الآداب عندما يأتي أحد ليسألك عن شيء دون إلقاء التحية وينصرف دون كلمة شكر، أيضاً الناس يتحدثون عن النظافة بأنها من الإيمان كما في الحديث الشريف وهي العبارة الأكثر انتشاراً في اليمن لكن السلوك مختلف.
انحدار النخبة
الأسوأ أن النخبة اندمجت مع العامة فلا توجد نخبة إلا في التفكير النخبوي والجميع ينشدون التغيير لكنهم يحتاجون إلى سلوك إيجابي، سلوك حضاري وهذا ليس مجرد كلام ومن المتعلمين والمحسوبين مثقفون يبصقون القات في الشارع ويصرخون بلا سبب حتى على زوجاتهم في البيوت هذا سلوك ناس عاميين وإن صدر عن منظرين.
تضحية من أجل التعليم
بما تفسر ذلك؟
مقارنة بما كنا نشاهده ونسمع عنه في السبعينيات والثمانينيات أعتقد أن النخبة تآكلت والقيم دمرت فقد كانت سلوكيات النخبة مدنية ومعاملاتهم راقية مع الآخرين وخاصة في تربية الأبناء وتسهم المدرسة في ذلك وكان الاهتمام بالتعليم يدفع الآباء إلى التضحية بالغالي لأن الثمرة مضمونة والحصيلة سلوك إيجابي وثقافة أفضل وهذا ما امتازت به محافظة تعز لقدرة أبنائها على التكيف وقبول الآخرين واستيعاب الجديد النافع بسرعة لأنها مدينة طبيعتها ثقافية تستطيع استعادة طبيعتها المدنية لأن أبناءها قادرون على التكيف مع الآخرين وسرعة تقبلهم للآخرين واستيعابهم للجديد واحترام القانون وقواعد السلوك العام.
مشكلات
لكن إحياء القيم والسلوك الإيجابي هدف عام لكل اليمنيين أليس كذلك؟
البداية ممكنة بالجزء المهيأ وتعز مهيأة ويمكنها أن تصبح نموذجاً لكل اليمن ولا يمكن يقبل أبناء تعز أن يصبحوا جزءا من المدنية فيما لا تزال المركزية التي هي أساس الفساد وبالتالي أهلها معنيون بصناعة النموذج أو الدفع باتجاه الأخذ بالنظام الفيدرالي بحيث يصبح لهذا النموذج صلاحياته المالية والإدارية وشرطته المحلية وتشريعاته ولذا نلوم النظام المركزي فقد عممت مشاكله بدليل إذا أرادت السلطة المحلية إحداث تنمية حقيقية في سواحلها وتحديداً المخا فسوف تواجه مشكلة الأراضي وتأثير المركزية وسيصادف المسئول مشكلة تغيير الموظفين؛ لأن ذلك يحتاج إلى قرار لا مركزي.
الفيدرالية
هل يمكنكم توضيح طبيعة الفيدرالية التي تدعون إليها؟
هي ليست فيدرالية الأقاليم الخمسة؛ لأن هذه سينقل صراعات الأمس مرة أخرى بسبب الصراع على السلطة داخل الأقاليم ويعني أن تكيف أبناء إحدى المحافظات مع غيرها في الاقليم لن يكون سريعاً وبالتالي نكون قد نقلنا الصراع بين المركز والأطراف إلى مراكز الأطراف وأطرافها.. يجب أن نبحث عن حلول جذرية لمشاكل اليمن والأفضل هو الفيدرالية ولكون النظام يقوم على الرغبة في العيش المشترك وإلا يظل الصراع، والفيدرالية لا تعني التقسيم والانفصال.
انتقال الصراع
ونريد الفيدرالية ل 17اقليما وهي عدد المحافظات في اليمن قبل الوحدة منها المحافظات الست في الجنوب.. أما الاقاليم الخمسة فستجعل أبناء محافظة ما يشعرون باستعلاء أبناء محافظة ثانية في نفس الاقليم فمثلاً بعض مناطق محافظة متجانسة مع تعز والبعض الآخر غير متجانس ويعيش صراعات قبلية، والمحافظة كإقليم سيدفع إلى التنافس في البناء بين الاقاليم وليس في الصراع ولفترة معينة إذا وجد بعدها أن الاقاليم الخمسة أفضل يمكن الانتقال إليه.
قضية
وماذا عن الهوية الوطنية في ظلمة الولاءات الضيقة؟
الهوية الوطنية والولاء لدولة وحكومة اتحادية لا يتعارض مع هوية ابن تعز أو لحج أو إب أوعدن فالفيدرالية التي نراها تمنع المركز من استخدام مناطق أداة لمآرب سلطوية وإذا قلنا بأن تضم عدن ولحج وتعز في اقليم واحد من خمسة أو ستة اقاليم سيتحسس البعض وواقع الحال يؤكد ذلك فيما يتهم به أبناء تعز من قيادات منهم دفعوا بالجنوبين إلى الوحدة الاندماجية فإذا قبل أبناء تعز بهذا فكأنهم دخلوا في صراع ضد القضية الجنوبية وهي قضية عادلة ولتعز قضيتها.
احساس بالمعاناة
ماهي قضية تعز؟
في 11فبراير 2011م الذي نحتفل بذكراه الثانية عبر أبناء تعز داخل محافظتهم وفي كل المحافظات تقريباً كونهم الأكثر احساساً بالمعاناة والتهميش وهذا سينجم مع طريقة تفكيرهم الرافضة للمعاناة والمنحازة دائماً إلى التغيير والتطلع إلى مستقبل أفضل إلى الحياة المدنية وسيادة قيم الحرية والعدالة والمساواة فيما مناطق أخرى منجرفة إلى القبلية لا إلى الدولة المدنية.. تعز كانت الأقل انجرافاً إلى القبلية وربما بتأثير من خارجها، في تعز خرج الناس من أجل الدولة المدنية الحقيقية في الغالب الأعم وإن وجدت أقلية منتفعة.
قيم أساسية
في تعز خرج الناس من أجل قيم ثلاث أساسية: الحرية، العدالة، المساواة، هذه القيم غاية ووسيلة فهي غاية يحقق من خلالها الناس الانصاف وهي أداة بدونها لا يصلون إلى مبتغاهم، والانصاف هو أن لا يحرم معظم المتعلمين من الوظيفة العامة وأن لا يحرم المتعلم من حقه الذي يذهب لمن يفتقرون للكفاءة والتأهيل لأنهم من منظمة معينة، تعز تريد الانصاف في التنمية في مختلف المجالات وقبل كل شيء حقهم في المياه الصالحة للشرب.. قضية تعز لا تعني اللا وطنية كما قد يتبادر لأذهان البعض.
تعز عاشت حاضنة لكل الهويات المحلية وسكان مدينة ليست ديكورية وليسوا مناطقيين ولا تستوعبهم عاصمة المحافظة ويحتاجهم الوطن في كل ربوعه لكن قضية تعز مرتبطة باليمن بأكمله، وكانت تعز الأكثر تحركاً في الثورة ومازال أبناؤها على ثقة وعلى أمل ليجدوا تغييرا معينا وهم صامدون في الساحة والشباب ملتفون حول مدينتهم، وإن كان الاختلاف يوجد عندما تقول تعز أولاً: تعز اقليم في إطار دولة فيدرالية.
وذلك يأتي من حذر كبار السن لتناقض أفكارهم السابقة مع ما نطرحه ولا نرى تناقض بين قضية تعز وأفكار القوميين والأمميين وحتى التيار الإسلامي لأن الجميع يستطيعون الانطلاق من الجزء إلى الكل، من الالتفاف حول قضية تعز إلى قضية الوطن إلى قضايا الأمة العربية والإسلامية.
اتهامات مخيفة
اليس لكل هؤلاء مبرر مقبول لديكم؟
المسألة أننا نلاحظ في الرافضين خوفا من مواجهة الحقيقة والهروب إلى مثل عليا وقيم كبيرة خوفاً من أن يتهموا بالمناطقية وقلنا: إذا كانت مطالبتي بحقوقي المناطقية تهمة فأنا مناطقي.
النخبة السياسية، الحزبية كانت تدرك قدرة الشباب على تحقيق كل شيء بعد فشلهم في تحقيق التحضر بأنفسهم وبأدوات سياسية، وأدوات نضالهم العقيمة سابقاً وهو نضال معارضة لمجتمع مكشوف وأدوات أشبه بنضال ما قبل عام 1990م فهم لم يمارسوا عملا نضاليا حقيقيا يرتبط بالشارع؛ لأن الخوف يكتنفهم وهو ما أفقدته المعارضة بعد عام 1990م وحتى 2011م فلم تسطع الأحزاب المعارضة أن تجاهر بمعارضتها وهو ما كانت تستطيعه ولم تفعله بسبب العقلية القديمة سيما وأن بعض الأحزاب القديمة وذات الماضي التنظيمي فقدت كثيرا من قدرتها التنظيمية والقيادة.
الجهد أهم في العمل الوطني
لكن الشباب المستقل اشتكى من تأثير الافتقار للمال على تواصله؟
المال مهم لكن العامل السلبي في ثقافة الإنسان اليمني هو الاعتقاد بأن الوفرة المالية تصنع الأشياء وأن عدم الوفرة عائق أمام حركة الإنسان والأصل أن العمل الوطني في اليمن لم يكن المال وحده سبب نجاحاته فلم يكن له تمويل حقيقي.. كما أن الذهب الذي كان يتدفق بعلب الصفيح إلى الملكيين بعد ثورة سبتمبر لم يستطع هزيمة الجمهوريين..
الإرادة وما توفره الاشتراكات والدعم من المقتدرين إن وجد إلى جانب الجهود الشخصية والتبرعات من التجار يحقق الكثير.. العمل التنظيمي يحتاج إلى جهد شخصي وإيمان بقضية أكثر مما يحتاج إلى المال، المشكلة تأتي من عدم القدرة على التنظيم والترتيب وهو جهد إذا انعدم بحث الناس عن أعذار وعوائق وهمية تظهر في شكل ندرة المال وهذا يجعلنا نلجأ إلى تنظيم فعاليات في أماكن ليست فخمة، وبتواصل مع الناس بشكل فردي هذا كمثل إلا مختلقي الأعذار وإن توفر له الهاتف المحمول تدعوه وبعد فترة يقول لك لم أكن أملك مالاً كي أتواصل.. ومع ذلك هناك من يتواصل ويشارك وينظم، والحرية للجميع وتأتي المشكلة في أن أثر إدارة العمل المنظم أو التنظيم محدود والأصل أن تكون إرادة وإدارة.
خلط مفاهيم
في هذا الوضع كيف يفهم الشباب قضية تعز الآن؟
إذا كانت النخب لا تريد الالتفاف حول القضية لما ذكر فإننا نصطدم مع البعض بسبب ما لديهم من خلط معين بين المفاهيم وكأن الكلام عن منطقة تعز واستحقاقاتها يبعد الإنسان عن الوطن بالرغم من أن وطنيتي هي دافعي للحديث عن قضية تعز باعتبار التفاف الناس حولها انتصارا لقضية الوطن وحقوق أبنائه جميعاً في الحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم، ومن السخرية بل المضحك المبكي أن أناسا يناصرون آخرين ولا يستطيعون مناصرة أنفسهم، أبناء تعز يناصرون القضية الجنوبية وهم أسهموا في إعطائها البعد الجماهيري والبعد الخاص لمشكلة صعدة ولكنها ليست قضية لمحافظة صعدة بكاملها وإنما تمثل الحوثيين فقط.
وطرحنا حقهم في معالجة آثار الحروب الستة أما إذا كانوا يبحثون في الجانب السياسي والتهميش وغيره فسميناها قضية صعدة إذا تبناها أبناء صعدة ككل، فالحوثيون شعروا وحاولوا أن يهتموا بتعز بأكثر من اتجاه وحاولوا دغدغة مشاعر أبنائها بالحديث عن مظلومية تعز ولكن من أجل كسب سياسي فقالوا: القضية الجنوبية، وقضية صعدة ومظلومية تعز، ومازال لديهم استعلاء ويرون أن تعز ليس لديها قضية تهميش بل مظالم وهذا تقزيم لتعز لأن قضيتها قضية وطن.
التفاف على الوطن
الحوثيون بحديثهم عن مظلومية تعز كأنما يقولون ليس لأبناء تعز قضية ولا حقوق أساسية ولم يذوقوا مرارة اقصاء وتهميش من الجيش والأمن وكأنهم لا يعانون من تردي الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الشرب بل هناك من استحوذ على السلطة منذ صلح دعان والذي نص على أن الائمة الزيدية لاحق لهم في حكم مناطق اليمن الأسفل الشافعية وقد اخترق النص قبل الإمام يحيى حميد الدين بعد رحيل الاتراك العثمانيين عن اليمن اثر هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى واستخدموا الترسانة التي خلفها الاتراك في صنعاء لإخضاع المناطق الشافعية وبدأت الثورات منها ثورة الشيخ حميد الدين المقطري وسميت انتفاضة المقاطرة وقمعت وشوهت سمعة المنتفضين بإطلاق تسمية “حميد الديك” على قائدهم، ثم جاءت انتفاضة قدس على الأمير الفضل ووصفوا ب” قدس نجس”.
وجاءت مطالبات بدأها الشيخ الشهيد عبدالله علي الحكيمي من عام 1935م بتغيير شكل اليمن ونظام حكمه، وفي عام 1943م خرجت وثيقة مطالب الشعب على يد النعمان والزبيري وطالبت بحكم أشبه بالفيدرالية ولأن اليمن كانت ماتزال تغلي، ثم لأن الصراع المذهبي كان لا يزال موجوداً؛ جاء الاتفاق عام 1962م بين الثوار في عهد سبتمبر وكان هدفه واضحا هو القضاء على الحكم الامامي المذهبي وأن يكون الحكم بالتساوي “تقاسم” مناصفة وبعد الوحدة تقاسم الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام السلطة باتفاق مشابه ولكن السابق تم الالتفاف عليه عام 1994م ، وفي عام 1967م وفي اتفاق الخرطوم بين مصر والسعودية.. وبانسحاب القوات المصرية من اليمن وحل حصار السبعين وكان التفافا كاملا على أبناء تعز والانحراف بمسار بناء الجيش وتصفية ضباطه وقيادات وتشكيلاته التي قياداتها من تعز ثم بدأت تصفية التجار وكان تجار تعز مستهدفين بدءاً بقرار منع استيراد السلع، واجراءات غير معلنة تضرر منها أصحاب العلامات التجارية ومعظمهم من تعز فكان اتجاه معين لتهميش أبناء تعز في الجيش والأمن والاقتصاد.. وأخيراً دمر ميناء المحافظة “المخا” وتخلف مطار تعز و..و.. الخ.
صناعة النموذج
ولكن التغيير بات أمراً واقعاً؟
المفروض أن يزداد التفاف أبناء تعز حول قضيتهم ولا يلبس البعض قبعة أكبر من رؤوسهم ويطلقون التهم على الآخرين فالصمود لدى الشباب في تعز والالتفاف حول القضية وإن شابه اختلاف في الرأي فأصل المعاناة واحد والاحساس عال بها التفافهم مطلوب لصناعة النموذج الذي يمحو أثر المعاناة ويفتح أبواب المستقبل لتعز والوطن ككل فلا انفصام بين قضية تعز والقضية الوطنية وإذا لم تنهض تعز فلن تنهض اليمن ومازالت تعز تحتضن الكثير من الابعاد ففيها البعد الجماهيري الشعبي، والرغبة في التضحية والاستعداد للخروج إلى ساحة النضال السلمي والتمسك بالدولة المدنية وتاريخياً كانت تعز شرارة الثورة.
مصالح شخصية
لماذا تخشى بعض القوى من الفيدرالية؟
لا أعتقد أن الرفض مبدئي حتى لدى التيار الإسلامي لأن الفيدرالية موجودة من قديم الزمان بدليل الاقاليم والمخاليف التي وجدت في الدولة الإسلامية وعرفت اليمن نظام المخاليف.. المخالفون المعارضون للقضية وللفيدرالية هم من يرتبطون بمصالح مع القبيلة ويتحالفون معها ومع العسكر وهي مصالح شخصية.
الفيدرالية حاجة
بدون الفيدرالية كم يحتاج اليمن من الوقت كي يغادر واقعه الحالي؟
في ضوء ما أفرزته الثورة من مشاكل وأمراض يحتاج إلى مئات السنين إلا إذا طبقت فيدرالية الاقاليم فإن تعز ستحتاج إلى عشر سنوات لتواكب العصر وكذلك عدن وحضرموت ومحافظات أخرى قد تحتاج من “15 20” عاماً والأهم أن على أبناء كل محافظة مسئوليتهم في حل مشاكل محافظاتهم لأن المركز متخلف وإذا لم يفعلوا سيشعرون يوماً أنهم ذاتهم السبب فيما هم فيه فالفرصة تاريخية والفرص لن تتكرر بسهولة.
وعلى أبناء تعز أن يوجدوا الأساس الصلب لقضيتهم ونعني بذلك أن أي مشروع معين يحتاج إلى قاعدة جماهيرية كبيرة واعية وملتفة حول المشروع المدني وهذا متوافر في تعز لأن لأبنائها أكثر من ايجابية وإن وجدت بعض السلبيات.
طمس ثقافي اقتصادي
أي نوع من السلبيات؟
تعرضت تعز لتأثيرات محاولات الطمس الثقافي والسياسي ومع ذلك فإن القيادات الحزبية مثلاً في بيئة مدنية كتعز أو عدن تختلف عنها في بيئة قبلية كمحافظة عمران أو الجوف والبيئة المدنية هي نتيجة مكتسبات عبر زمن أو عقود طويلة وأي سلبيات أو انحرافات إنما جاءت نتيجة ممارسات الطمس الثقافي والاقتصادي الذي مارسه المركز وتعز لاتزال مهيأة لمحو أي سلبيات تعاني منها طالما أبناؤها ملتفون حول القضية بل قادرة على تصدير مشروعها إلى انحاء الوطن بعكس حضرموت أو عدن وذلك لاعتبارات متعلقة بعدد السكان والعقلية المنفتحة تجاه الآخر وبحكم تكيف أبنائها في أنحاء اليمن وهم يحملون درجات علمية وهم كفاءات في كل مجال.
ويمكن لتعز في ظل سيادة القانون أن تتخلص من سلبياتها في أقصر وقت ربما خمس سنوات ونضرب مثلا على مستوى التحضر والقدرة على سرعة الفهم والإدراك من خلال تجربة حمل السلاح خلال الثورة من قبل البعض وفي احداث السبعينيات فقد تخلى عنه حاملوه سريعاً فور تحاور الدولة معهم وهذا غير موجود في المناطق القبلية المدججة بالسلاح.. كما أن مشائخها يعتبرون أنفسهم مواطنين كغيرهم.
تعز مركز علمي
ماذا تستحق تعز؟
أن يلتف أبناؤها حول قضيتهم وتحتاج ثانياً إلى انجاز هذا الاستحقاق وأن تحصل على حقها في التنمية والخدمات التي حرمت منها نتيجة المركزية والتهميش وأن تتجه لأن تكون مركزاً للعلم والثقافة على مستوى الجزيرة العربية وذلك يحتاج إلى مراكز ابحاث والارتقاء بالتعليم وإتاحة الفرصة لأبنائها كي يتعلموا في كل مجال مجاناً، فأي ثمرة من وراء ذلك لا تقتصر على تعز وإنما لليمن بكامله.
وأن تكون مركزاً للسياحة العلاجية أو الطبية للوافدين من القرن الأفريقي ومن الداخل بالاستثمار في الصحة وتستطيع أن تكون تعز مركزاً لإعادة التصدير وفيها مراكز للتدريب والتأهيل تحتاج إلى امكانيات، وتحتاج إلى تنمية سواحلها لكن المركز لو كان يستطيع لفعل لكنه نظام ريعي لا يعتمد على انتاجه ولم يكن يريد تنمية لأنها لو تحققت فذلك يعني صناعة ومصانع ونقابات مستقلة قادرة على التأثير في سياساته المتخلفة.
مشروع ثقافي
كيف تنظر إلى إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية والمشروع الذي يجب أن تمتلكه؟
إذا كان امتلاك المشروع الثقافي مهماً إلا أنه لا يكفي لوحده فلابد من مشروع اقتصادي لأن الإنسان اليمني أصبح مادياً والكل يقفز على القيم ويريد الكسب السهل وربما غير المشروع من الوظيفة العامة لتجذر الفساد ولكن فقط أذكر بمقولة لعبدالله القصيمي “الإنسان العربي وبالأخص اليمن وثني، برجماتي يبحث عن المادة” وربما أصحاب تعز هم الأقل برجماتية فما زالوا يتكلمون ويدافعون عن المثل والاخلاقيات ولم يحصلوا على المادة وحصل عليها الآخرون وضاق بهم الداخل والخارج، لا سيما العمال العاطلون عن العمل ومخرجات التعليم.
إذن المشروع الثقافي وحده لا يكفي فهو يحتاج إلى مال وكل الدول تقريباً تطورت اقتصادياً وبموازاة تطورها هذا حققت تطوراً ثقافياً مع عدة دول خليجية لأن تطورها المادي كان طفرات وناتج ريع لاعتماد اقتصاداتها على النفط وليس على انتاج حقيقي ولتطوير الثقافة في تعز لابد من تطور اقتصادي واجتماعي وسياسي.
تعز مثلت مركز جذب للمبدعين وحاضنة لكل الوافدين اليها لأنها تتقبل الجميع وظلت إلى وقت قريب مستقر المبدعين ومستواها الحضاري كان عامل جذب، وتاريخها كعاصمة للدولة الرسولية ومدينة علم وصل تأثيره في عهد الرسوليين إلى الحجاز وإلى شبه القارة الهندية حيث كان خطباء المساجد يدعون لحكامها.. وتعز تستطيع أن تعيد نموذجها الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي قدمته في العقود والأزمنة الغابرة.
كلية 11مايو
أين موقع الشباب في لوحة المستقبل المنشود؟
هم الهامات العالية ومشاعل النور وهم سيرسمون وجه الغد، سلاحهم المعرفة وقضية تعز لدى شبابها أم القضايا فهم تواقون للدولة المدنية ويدركون مدى التهميش الذي أصاب محافظتهم وتداعوا من جامعتي صنعاء وتعز وأسسوا كلية للعلوم السياسية في ساحة الحرية بتعز في مبنى تعليمي مهجور ويعكس حالة الفساد الذي تجذر في المدينة والوطن ككل وتطوع في الكلية إداريون والمحاضرون متطوعون أيضاً كل ذلك مجرد إشارة إلى ما لدى الشباب المستقل والحزبي النقي من التعصب من عزم وإصرار على العطاء من أجل تعز ومن أجل الوطن.. والهدف من إنشاء الكلية مرتبط ببقاء الساحة وسميناها كلية 11فبراير للعلوم السياسية وحتى الآن يتفاعل معنا شباب الثورة وفي قاعة واحدة الكلية لا تمنح شهادات وإنما تقدم معرفة وهي أيضاً تعبير عن موقف من امتناع وزارة التعليم العالي وجامعة تعز عن افتتاح كلية للعلوم السياسية في تعز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.