الإنسان عدو ما يجهله هكذا قال الأقدمون وقد صدقوا فكم من عداوات ومحن صنعها جهل متبادل بين أطراف متشاكسة كل واحد لا يعرف عن الآخر بالقدر الذي يجعله يفهمه فينتج فهما قاصراً من طرف عن آخر أو عدم فهم تماماً فيحدث الصراع. ما يجري في بلداننا العربية من اختلافات بين الأطراف السياسية لعدم فهم كل طرف للآخر من ناحية ومن ناحية ثانية لروح الأثرة التي صبغت هذه القوى بلا استثناء ، فكل طرف يريد أن تكون (الكعكة) كاملة من نصيبه ناسياً أو متناسياً أن الوطن للجميع وليس لفصيل دون آخر أو طرف دون آخر أو لحزب بعينه ، فالكل شركاء في هذا الوطن وليس (عزبة ) أحد مهما كانت قوة نفوذه في الشارع..كل هذا يجعلنا نبدو مازلنا في سنة أولى سياسة سواء في بلادنا أو ما يجري في مصر رغم عدم خوفي على مصر بل الخوف الذي ينتابني هو على هذه البلد أكثر، وذلك لأني أرى شعب مصر – بكل أطيافه- أكثر وعياً منا وأكثر انتماءً وحباً لبلادهم منا هذا الأمر الذي قد ينزعج مني البعض لذلك لكن الواقع على الأرض يقول كذلك ودعونا نقارن فطيلة الأحداث التي مرت على مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011م وحتى الآن لم يقم أحد هناك بقطع خطوط الكهرباء أو تفجير أنبوب النفط – إلا في حالة نادرة – ولا شيء مما نراه يحدث في بلادنا بشكل متكرر .. التيارات السياسية في مصر رغم اختلافها هذه الأيام لا نجد هذا الاختلاف يصب ضد مصر أو منشآت مصر أو البنية التحتية هناك بل ضد أشخاص ورموز التيارات السياسية سواء في السلطة أو المعارضة . لهذا كله أرى الخوف على بلادنا ومستقبله أكبر لأننا مازلنا جميعا ًنجهل مصلحتنا الوطنية . الشعوب اليوم في العالم تنسى صراعاتها التاريخية القديمة وتلتفت إلى مصلحتها المستقبلية حتى تضمن لها موضع قدم على الساحة الدولية بدلاً من أن تظل عالة على الآخرين ، ونحن في اليمن ما زال الصراع يجتر نفسه بين الأحزاب جميعها . الجهل بالمصلحة العامة لهذا الوطن وعدم تغليب تلك المصلحة على كياناتنا الضيقة الشخصية منا أو الحزبية أو المذهبية لن يصنع آلية للحفاظ على الكيان الأكبر الحاوي لكل هذه الكيانات الضيقة وهو اليمن الذي لو ذهب – لا سمح الله – فلا جدوى في بقاء كل هذه الكيانات ؟! عودة إلى ماركس من عنوان المقال قد يتبادر إلى الأذهان جملة كارل ماركس الشهيرة «الدين أفيون الشعوب» لان الدين لا يشجع الفكر الحر الذي ينتج بل يبقيهم كالمخدرين دون طموح للتقدم والتغيير… والحقيقة أن الأديان لا تمثل المخدر الذي زعمه ماركس بل هو التدين الخاطئ الذي يفرغ طاقات الفرد فتخبو تحت مسميات دينية من زهد وتصوف وإتكالية وغيرها .. هذا التدين الخاطئ ينبثق من الجهل في فهم ديننا أو في طريقة إفهامنا ديننا على أنه على هذه الشاكلة فيصبح الجهل هو أفيون الشعوب سواء الجهل بالدين أو الجهل بالدنيا أو بكليهما معا والله أعلم. رابط المقال على الفيس بوك