2 - 2 محفوظ شماخ المولود في 1933 بشبام حضرموت ظل عصياً على أنماط الحياة الجديدة، فالرجل الذي عاش أكثر من ثلثي عمره في المحافظات الشمالية، لم يغير يوماً من هيئته الحضرمية: مدنياً حتى الثمالة، لباسه الفوطة الحضرمية، والقميص، وشال يلتف حول عنقه، وكوفية أنيقة تعلو هامته، لا يعرف السلاح مطلقاً، أديباً، أنيقاً، كاتباً مميزاً، يجيد الإنجليزية بطلاقة، يحضر مجلسه الأدباء والمثقفون والسياسيون والتجار، نشرت «الأيام» آخر مقال كتبه قبل وفاته بأيام، كان عنوانه «يمن للبيع» بعد أن وجد نظاماً يكاد يبيع اليمن بالتقسيط المريح. شماخ كان رجل الأعمال الوحيد في اليمن الذي ينتمي إلى حزب معارض «عضو الهيئة العليا للإصلاح»، وبقية التجار إما مستقلون، أو منتمون إلى المؤتمر الحاكم على طريقة «راضوا السفهاء بنصف أموالكم»، ولم ينفك يوماً عن مقارعة السياسات الخاطئة لكل الحكومات المتعاقبة، وأبرزها أن أوصل قضية «ضريبة المبيعات» إلى المحكمة الدستورية العليا، وكلما مر طيف شماخ على الذاكرة، تذكر الناس مقولته الشهيرة أثناء حملة الانتخابات الرئاسية 2006 حين قرر جمع مليار ريال دعماً لعلي عبدالله صالح، ويومها قال كلمته الشهيرة: «سندعم مرشح المؤتمر بمليار، وسنحارب فساد حكومة المؤتمر بمليارات».. ويقال: إن خلافاً نشب بين الرئيس صالح وشماخ على خلفية المليار؛ إذ لم تجتمع غير 360 مليون ريال فقط، تم إعادتها لأصحابها. على هامش المؤتمر الأول للشركات العائلية في فبراير 2007 بصنعاء قلت له: يا عم محفوظ أنت حضرمي وباجمال صديقك، وأنت تعرف أن الحضارم ركيزة أساسية في تنمية ماليزيا «رئيسا الوزراء مهاتير محمد، وخلفه عبدالله بدوي من عائلة باعلوي.. ووزير الخارجية عبدالله البار... أيضاً حضرمي»، لماذا لا ينقل باجمال تجربة ماليزيا إلى اليمن، فرد عليه: قلت لباجمال مثالاً بسيطاً: حين التقيت مهاتير محمد في ماليزيا قلت له: لماذا تعفي وكلاء الساعات الرولكس من الضرائب، وتفرض الضرائب كاملة على وكلاء الساعات الصغيرة، فرد مهاتير: الشركات الصغيرة تأخذ محلاً في أي مكان، وتعطي العمال راتباً أقل، لكن الشركات العملاقة تأخذ محلات في أرقى الأحياء، وتدفع للعمال رواتب كبيرة، وتنفق على مكاتبها أموالاً طائلة، ثم تصبح ماليزيا قِبلةً لها، مثلاً، أي رجل أعمال سيفاخر الناس أنه أشترَى «رولكس» من وكالتها بماليزيا... صمت شماخ، وأضاف وهو يمسك بذراعي: «لا باجمال ولا النظام مقتنعون بإصلاح البلاد»!!. رحمك الله وطيب ثراك أبا عمر. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك