بعد عامين من المتاعب والآلام والخسائر المادية والبشرية ومن صراعات دموية مباشرة وغير مباشرة، ومن ظلام ناجم عن ضرب خطوط نقل الطاقة الكهربائية، وبعد عامين من اختلاط الأوراق وخلطها، وتصفية الحسابات على حساب البلد والناس خصوصاً الفقراء منهم الذين وجدوا أنفسهم يدفعون ما تبقى من كفاف العيش نحو المزيد من الفاقة والحرمان مع زيادة كبيرة في الخوف والحزن, وبعد عامين من الأمنيات المتكررة كل لحظة بأن تنفرج الأزمات وتضع الصراعات والحروب هنا وهناك أوزارها، وما أكثر أوزار الأزمات والصراعات وأصحابها.. بعد عامين من الصبر على اختلال الأوضاع فوق ما كانت عليه من قبل ومن تعب الانتظار وعذاب خيبات الأمل، ومن كل ما مر على المساكين في هذا البلد من سوء حال بسبب أخطاء السياسيين وخطاياهم. بعد كل ذلك وأكثر نقف على عتبات عام جديد بأمنيات أكثر وأقوى بأن نغادر دائرة العامين الماضيين ونتجاوز العقليات التي أدارت الأحداث ونتجاوز كل سلبيات المرحلة التي انعكست ألماً وحزناً في حياة الملايين وتهدد بالمزيد وبما هو أبعد من مجرد الألم والحزن...اليوم مع بداية هذا العام تأتي الأمنيات أكثر إلحاحاً من كل الأمنيات في أعوام خلت لأن طاقة الصبر قد تراجعت وزادت المعاناة ولنا كل الحق في أن نغادر مربع القلق والحسابات المعقدة، وأن نستريح من أعوام أثقلت كواهلنا فوق أثقالها الدائمة. للناس كل الناس الحق في حياة أفضل وأجمل من غير خوف على مصيرهم ومصير هذا البلد الذي تتجاذبه مطامع الداخل والخارج معاً والذي تدور فيه لعبة الصراعات الإقليمية برعاية دولية هي جزء من الصراع وتدفع به وتديره على نار هادئة لتحقيق أهداف ظهر منها ما ظهر وللأهداف بقية سوف تتضح تباعاً، ولهذا نتمنى أن يدرك الجميع ضرورة أن نخرج من دائرة العامين الماضيين نحو مرحلة جديدة تخدم تطلعات الناس وتصون البلد من مآلات الشتات والتشظي وهذه بحد ذاتها أمنية بحجم البلد طولاً وعرضاً. لم تتسع مساحة التفاؤل بعد، لأننا نقرأ تفاصيل المعادلة وندرك كيف يفكر كل طرف دون استثناء، وما الذي يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في لحظة خطأ غير محسوبة العواقب؟ وما الذي يمكن أن يحدث لو كشفت المواقف الدولية عن وجهها الآخر؟ وبالتأكيد فإن الوجه الآخر ليس جميلاً وإنسانياً كما نظن أو كما يظن البعض ممن يرون أن الوجه الأول غير قابل للتغيير وسوف يستمر حرص الرعاة الإقليميين والدوليين على هذا النحو الذي يبدو الآن، والحقيقة أن ثمة أشياء غير واضحة ومن الصعب إدراكها بسهولة من قبل الجميع...وكل ما نرجوه ونتمناه أن يكون أبناء البلد هم الأحرص والأكثر مسئولية تجاه بلدهم وشعبها، ولا شيء سوى حب البلد يمكن أن يمنع تصرفات الطيش وأنانية العيش ويمنع كل المشكلات والأزمات والكوارث المتوقعة جراء غياب المسئولية الحقيقية عند اللاعبين الحقيقيين الذين بوسعهم إخراج البلد من أزمتها أو الدفع بها نحو المجهول، وطالما كان هؤلاء وأولئك سبباً في قضايا وإشكاليات كبيرة هي اليوم أخطر ما يواجه البلد، والأوضاع لا تتحمل المزيد من تلك التصرفات ومن تصفية الحسابات وسياسات الانتقام ومن أجل المصالح والنفوذ...نتمنى أن يبدأ الجميع في مراجعة مواقفهم ويغلقوا أبواب الماضي ليعم الخير والسلام. رابط المقال على الفيس بوك