ما من واحد من بين ثلاثة أشخاص إلا وأبدى ارتياحه لاضراب الجزارين ظناً، منه بأن آكلي اللحوم يومياً سيتضررون من انقطاع اللحوم ولايدري بعضهم أن هؤلاء المدمنين على أكل اللحوم بمعدل نصف رضيع يومياً ستصلهم كالعادة، لأن الجزارين الذين لايذبحون الأبقار متوسطة العمر إلا في عيد الأضحى وكذلك التيوس المستوردة والمحلية والكباش من الجنسين. وقد ثارت ثائرة أحدهم من الشخص الذي تمنى لو يضرب موالعة القات عنه يوماً واحداً فقط بحيث لايتناوله, فلو فعل كل الموالعة فعلة كهذه لأجبروا المقاوتة والمزارعين على خفض أسعاره التي يشكون منها هذه الأيام الشتوية التي دائماً مايقال بأن أصحاب الإمكانيات كالمظلات الواقية من الصقيع الذي تشتهر به المناطق المرتفعة مثل ذمار وصنعاء وحجة وعمران وهي مناطق تحولت معظم أراضيها إلى مزارع القات وأصبحت ذمار على سبيل المثال منطقة مصدرة للقات لليمن كلها. وفيما يتفق الجميع على أن القات شجرة مضرة بصحة الإنسان وماله وتفكيره وعلاقاته الأسرية وعلى الأرض والمياه وكل المخلوقات والبيئة بصورة عامة إلا أنهم يعترفون بالضعف أمام أغصان القات وهي فوق الشجرة أو معروضة للبيع بيد المقوت الذي يزّينها للمولعي كما يفعل الساحر المجرب والمجيد لمهنته المحرمة. ومن يعتقد أن مزارعي القات سيقتدون بمزارعي حراز الذين قام عدد قليل منهم بقلع عدة شجيرات أمام كاميرا التلفزيون والكاميرات العادية فهو واهم بل إن هناك من سيقومون بغرس أضعافها في حراز ذاتها ويرفضون علناً زراعة البن تحت مبرر أن محاصيل البن بطيئة ولاتغطي النفقات التي تصرف عليها في السقي والحماية بينما البن يحتاج إلى ظل دائم بأشجار الطنب وإلى مياه كثيرة.. إذاً فاضراب الجزارين سيحقق الهدف المنشود لهم وهو رفع الأسعار أو الموافقة الرسمية عليها بحسب تقديرهم لها وسيكون عدد أنصارهم قليلاً إلا أنه مؤثر وفعال، نظراً لأن آكلي اللحوم اليومية بشراسة سيحصلون لهم على الموافقة الرسمية وإن كان الإضراب دعماً لأحدهم تعرض للاعتداء أو القتل فلا بد أن يلقى القبض على الجاني فوراً تلبية لمتنفذ لايستطيع أن يتغدى إلا باللحم المشوي والمحنود والمسلوق في كل مائدة وفي الصباح والمساء, ونفس الشيء سيفعله تجار ومزارعو القات عن طريق المتنفذين أنفسهم والذين يملك بعضهم مزارع قات واسعة في أكثر من مكان وسيبقى الفقير الذي لايملك مالاً يشتري به قليلاً من اللحم في الأسبوع أو يمضغ القات في الأسبوع أيضاً كما هو يندب حظه في هذه الحياة والرزق على الله.