ثمة مؤشرات ايجابية تساعدنا كثيراً في استيعاب المستقبل الذي يدعو إلى التفاؤل، رغم كل التحديات الماثلة أمام هذه المرحلة ..ولعل من تلك المؤشرات ما أعلنه الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي مؤخراً بشأن عقد مجلس الأمن لإحدى جلساته المرتقبة في اليمن ،وهي خطوة أممية بالغة الدلالة لم يسبق أن أقدمت عليها هيئة الأممالمتحدة منذ إنشائها، حيث لا تعني فقط التوافق الأممي على دعم مسيرة التسوية السياسية في اليمن وإنما تعني كذلك التزام الأسرة الدولية ببذل كل إمكاناتها ومساعيها للحيلولة دون أن تقدم بعض الأطراف الإقليمية وبأدوات محلية على تعطيل هذه المسيرة ، فضلاً عما يرتبه هذا الحضور لتشجيع كافه الأطراف المشاركة في الحوار الوطني والمساهمة المشتركة في بناء اليمن الجديد دون تردد أو هروب. وثمة مؤشر إضافي يدعو للتفاؤل - كذلك- وهو المتمثل في الإعلان عن انعقاد دورة جديدة لأصدقاء اليمن مطلع مارس القادم في بريطانيا بهدف تقييم مسيرة التسوية السياسية وحشد دعم إضافي للتنمية، حيث تعد هذه الخطوة استكمالاً لتلك الوقفات الداعمة التي تمثلت في مؤتمرات دولية سابقة عملت على حشد قرابة ثمانية مليارات دولار في تأكيد لدعم توجهات اليمن الهادفة الانتقال إلى مرحلة جديدة تساهم في إقامة الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة، وفضلاً عن أن هذه الخطوة الأممية ستعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار في اليمن الذي ينعكس بالنتيجة على استقرار دول المنطقة ككل.
إن المشكلة الأساس التي كانت ولا تزال تؤرق اليمنيين وتدفعهم اللجوء إلى الخيارات الصعبة والمريرة ،لا ترتبط أساساً في التباينات السياسية أو في غيرها من التداعيات الاجتماعية وإنما ترتبط جوهريا بالأزمة الاقتصادية الخانقة والناجمة عن ندرة الموارد الطبيعية وسوء الإدارة التي أسهمت بهذا القدر أو ذاك على تفاقم الأزمة في مختلف جوانبها وشيوع مظاهر الفساد وانسداد الأفق أمام أية معالجات لمشاكل التنمية خلال العقود المنصرمة.
وإذا ما كانت الدول الراعية لهذه المبادرة وتحديداً في شقها الاقتصادي يأملون بأن تؤتي مخرجات التمويل والمساعدات ثمارها يانعة، فإنها تعول أيضاً وكثير على حسن وإدارة هذه التمويلات والهبات وتوظيفها في الوجهة التي تخدم التنمية، ولذلك فإن حكومة الوفاق الوطني - خلال ما تبقى لها من الفترة الانتقالية – معنية أساساً بمضاعفة الجهد وفي الإطار الذي تتمكن فيه من استيعاب وتوظيف تلك المساعدات بهدف تحسين وضعية الاقتصاد الوطني وتحفيز وتيرة الأداء والإنتاج ومعالجة مختلف الاختلالات في بنية المجتمع والمؤسسات على حد سواء.
وإننا إذ نشير إلى تلك الأمثلة الدالة على الدعم السياسي والاقتصادي الدولي لليمن، فإن الواجب على الأسرة اليمنية الاستفادة من هذه الفرص المتاحة بالعمل الجاد والمثابر على تخطي المشكلات الراهنة وتجاوز التباينات والخصومات بالجلوس إلى طاولة الحوار، باعتباره بوابة الحلول للخروج من أسر الأزمة.. وهو ما يتطلع إليه اليمنيون والمجتمع الدولي بأن يكون بمثابة المخرج من هذا النفق بل وبداية حقيقية لتلمس الحلول الناجعة لمشكلات اليمن المستعصية.. وبدون ذلك ستبقى فرص الاستفادة من المبادرة الأممية وفي طليعتها الرعاية السياسية والدعم الاقتصادي مرهونة بإرادة اليمنيين الذين تقع عليهم مسؤولية الاستفادة من مناخات هذا التوافق الأممي.. فهل يرتفع اليمنيون إلى مستوى هذا التحدي.. أم أنهم سيخيبون ظن الإجماع الوطني والتوافق الأممي بإمكانية خروجهم من هذه الأزمة؟ رابط المقال على الفيس بوك