السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ، كل يوم يتضح صواب هذه المقولة الفلسفية المنطقية .ونحن في اليمن لم نشذ عن هذه القاعدة فالتفرد بالسلطة واحتكارها وفرض سياسة رجال (الديولة) لا رجال الدولة لردحٍ من الزمن جاء بمشكلاتٍ لا حصر لها للجهاز الإداري للحكومة وللممسكين بزمام السلطة أنفسهم ، مما انعكس على تردي الأوضاع في شتى مجالات حياة المواطن. ونتيجةً لسوء الإدارة وقبل ذلك الفساد السياسي وسوء استخدام السلطة كان السعي حثيثاً نحو التغيير؛ وبصرف النظر عن طريقة هذا التغيير شعبوياً كان أم نخبوياً ، كان سيحدث عاجلاً أم آجلاً هذا ما تؤكده وقائع وتجارب التاريخ وهذا ما حدث في فبراير من العام2011م. وبصرف النظر عن ملابسته ومسبباته وشرارته الأولى، فالوضع كان مهيأ في أي لحظة للانفجار. هذه الحقيقة التي قد لا تخفى على أحد عاقلاً كان أم بنصف عقلٍ وأظن أن المعتوهين أيضاً يقرون بذلك، لكن ومع وضوح تلك الحقائق ومؤكداتها من وقائع التاريخ، ستجد من يحاول إخفاء الشمس في رابعة النهار براحة يده، وتراه يملي إرادته برسم حدود وملامح المستقبل لليمنيين بنفس ريشة رسام السلطة السابقة وطريقته وكأن شيئاً لم يحدث. وكأن دماء بريئةً لم تسل على الأرصفة والشوارع جهار نهار؛ وأرواحاً أُزُهقت وما زالت تُزهق بدون أي مبرر ؛ وكأن أحداً لم يعان شظف العيش المضاعف وتردي الخدمات وفقدان الأمن والأمان قبل وأثناء الثورة التي أظن أن أيامها ما زالت مستمرة وستستمر؛ وكأن الشعب لم يبت لياليٍ طوالاًٍ على ضوء الشموع وما زال لا لشيء سوى الانتقام من هذا الشعب وإرهابه وتركيعه؛ وكأن قيام الشعب بثورته أو انتفاضته أو حتى الانقلاب سمه ما شئت كانت ترفاً ولم يكن هناك ما يُبرر هذا السعي نحو التغيير. إن ما يحدث لرمز الثورة اليمنية ماضياً وحاضراً تعز هو محاولة لاجترار الماضي العفن واسقاطه نحو المستقبل لتستمر الحكاية وكأن شيئاً لم يكن.ليس الهدف المحافظ شخصياً وإنما الهدف المبدأ الذي جاء بموجبه، ليس الهدف مرةً أخرى المحافظ وإنما أسلوب وطريقة إدارته التي قطعت الطريق عليهم نحو استمرار مصالحهم والسير في بناء الولاءات على طريقة عهد السلطة السابقة. لذا فهم يرون لزاماً تركيع هذه المحافظة وإفشال تجربتها غير المعهودة عليهم. ولكي لا تخرج منها سنةٌ تستن بها بقية المحافظات، مراهنين على أفول شمس الثورة وخفوت وهجها وبأنهم استطاعوا تلجيم هذا الشعب وتوجيه ثورته بالإتجاه الذي يخدمهم. وعلى افتراض أن توهمهم هذا صحيح ألم يدركوا بأن السلطة السابقة للبلد كانت تسير في الإتجاه الخاطئ (سياسياً وإدارياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتعليمياً وصحياً ....)لذا وصلت الأمور إلى حالة الإنفجار الشعبي الحالة التي لم نكن لنصل إليها لو أنها كانت تسير في المسار الصحيح؛ ألم يؤمنوا بأن ثمة سياسة خاطئة كانت متبعة ممن حكم وتسلط سواء كانوا أحد أقطاب هذا الحكم والتسلط أم لم يكونوا فالعبرة هنا ليست بالأشخاص بقدر ما هي في النتائج التي يجب أن يلمسها المواطن في حياته المعيشية اليومية ؛ ألم يجدوا شيئاً يدعوهم إلى قليلٍ من التفكير بإعادة النظر في طريقة وأسلوب إدارة الدولة، وأن ما كان يحدث يجب ألاَّ يتكرر. إذا لم يجدوا شيئاً في كل ذلك عبرةً وعظةً، فهمساً في آذان الحكام المتسلطين في عهدهم الجديد لا تظنوا بأن بإمكانكم إدارة الدولة بذات الطريقة.وعليكم ألاَ يفوتكم حقيقة أن الأيام تعيد نفسها ، وبأن المستفيد من مخرجات الثورة اليوم سيكون مكان من ثار عليه الشعب بالأمس ولكن بمدةٍ زمنيةٍ أقصر مما قد تتوقعونه ، إن لم تعوا وتدركوا ما الذي يجب عليكم عمله.وإذا أردتم أن يعود الجنوب إلى حظيرة الوحدة عن رغبةٍ وقناعة. ولكي نختزل الوقت والجهد فيما ينفع الناس وسينفعكم بكل تأكيد ،ولكي لا نخسر مزيداً من الأعوام والعقود متخلفين فيها، فقط بسبب التديول وليست المشكلة هنا فقط بل فيمن لا يريد أن يعمل بحقها أيضاً !!!. رابط المقال على الفيس بوك