بات من المؤكد اليوم أن إيران تريد أن تتعامل مع الجمهورية اليمنية بأبوية متطرفة: دينية وسياسية .. فاليمنيون في نظرها لا يعرفون أين مصلحتهم ولا ما الذي يضرهم, ولأنهم كذلك فلا ينبغي في رأي النظام الإيراني أن يكثروا التساؤل حول كل إجراء تُقدِم عليه إيران, حتى ولو كان هذا الإجراء إرسال السفن المحملة بالسلاح الخفيف والثقيل لإغراق اليمن بالدماء. ففي نظر الطرف الإيراني وحلفائه أن سؤال اليمنيين عن هذه الأسلحة: من أين؟ ولمن؟ ولماذا؟ كلها أسئلة تنم عن قصر نظر وعدم وعي بالمصلحة العليا للأمة الإسلامية, ولا ينبغي لهذه الأسئلة أن تشغل الإنسان اليمني عن مقاومة الخطر الحقيقي الذي يتهدده, المتمثل بتوغل الغرب في شؤون اليمنيين, وهذه المقاومة في رأي إيران لن تكون ناجحة إلا بالتفاف اليمنيين حول الملك المفدّى سيف بن ذي يزن الجديد “عبد الملك الحوثي” بمعاونة “باذان الجديد” وإمدادات الحرس الثوري الإيراني لإخراج الأحباش الجدد وتمكين أنصار الله. هكذا تريد البطريركية الإيرانية أن تمرر سياستها المغرورة على اليمنيين, هذه السياسة المؤيدة برعونة الدب الروسي والتنين الصيني, في مجلس أمن دولي يعجز أن يقول للمغرور: أنت مخطئ ولا بد أن تراجع سياساتك .. لكن ليس لليمنيين أن يستغربوا من فشل الأممالمتحدة في إقناع إيران بتعديل سلوكها, فهل صنع هذا العالم شيئًا تجاه طائفية النظام والأذرعة الإيرانية المسيطرة في بلاد الرافدين, أرض الأماجد ورأس الحربة العربية؟ لم يصنع شيئًا, ولن يصنع, وهل صنع شيئًا من قبل تجاه الاحتلال الأمريكي الغاشم الذي ضحى بمليوني عراقي ما بين شهيد وجريح تحت أكذوبة أسلحة الدمار الشمال؟. إن إيران تريد أن تستعيد مجد الأمة الفارسية, وهذا طموح مشروع, لكن غرورها واعتقاد أكاسرتهم القديم بأنه يجري في عروقهم دم إلهي, سيدفعها اليوم إلى ميكافيللية مسعورة تبيح لها اتخاذ البلاد العربية - وفي المقدمة اليمن – ساحة حرب مفتوحة ومعارك بالوكالة للوصول إلى خصوم المجد الإيراني ومناجزتهم, ولهذا خرج اليوم الرئيس أحمدي نجاد ليقول بكل وضوح: إن إيران اليوم دولة نووية وينبغي أن يتعامل الآخرون معها على هذا الأساس, وهي في حقيقة الأمر رسالة لليمنيين قبل غيرهم, مفادها أن من حق إيران أن إلى اليمن ما تشاء وتخرج ما تشاء, لأنها اليوم صوت الوطن العربي والإسلامي المقهور بين الأمم, وأنها الراعي الذي يدرك مصالح رعاياه, ولهذا تصبح صفقات الأسلحة الإيرانية المهربة إلى اليمن ضرورة لا تحسبوها شرًا لكم بل هو خير لكم, ولا بأس إن فتكت هذه الأسلحة بجميع اليمنيين ما دامت الأمة ستحيا وستنهض من جديد بقيادة النظام الإيراني صانع المجد والتحرير. أيها اليمنيون أنتم حكماء, وهذه سمة خصكم بها الله وشهد لكم بها نبيكم, فلابد أن تفهموا عبر التاريخ ودروس الواقع جيدًا, ولا بد أن تفهموا الآخر وتقرؤوا سلوكياته بموضوعية لتدركوا كيف نظرته لكم وما الذي يريده منكم. أيها اليمنيون: أنتم صغار في عيون النظام الإيراني .. صغار بكل اتجاهاتكم وانتماءاتكم ومكوناتكم وإمكانياتكم .. نخبًا وجماهير دولة وشعبًا .. هذه حقيقة ينبغي أن ندركها جميعًا ولا ينكرها بعد اليوم إلا مكابر, وعليه فلا تركنوا على المجتمع الدولي في إنصافكم, إذ لا بد من أن تتحصنوا بما يمكن أن ينصفكم ويقدركم على حماية أمنكم ووطنكم من غرور النظام الإيراني وغطرسته ومخططاته للنفاذ من خلالكم إلى تحقيق طموحاته. كيف تكبرون في عيون النظام الإيراني وغيره من الأنظمة المعادية؟ ستكبرون إذا امتلكتم الإرادة التي تمكنكم من إفشال مشاريع القتل ومخططاتها التي تستهدفكم, وهذا لن يكون إلا إذا خرجتم من مؤتمر الحوار الوطني بقرار يمني موحد ومجمع عليه ومؤيد بالإرادة الدولية, وعملتم على تعميق الوحدة الوطنية في صفوفكم, وتضافرتم من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل, وإنصاف المظلوم والأخذ على يد الظالم, هذا كله سيجعلكم تقفون على أساس متين في مواجهة ما يستهدفكم من مشاريع عدائية. ستكبرون وستحفظون وطنكم آمنًا مستقرًا إذا تسامحتم, وتناسيتم الأحقاد وتساميتم على الجراح, وغلبتم مصلحة الوطن, وتركتم المناكفات والمكايدات, ووقفتم جميعكم ضد ما دون ذلك من مصالح, ووقفتم وقفة رجل واحد ضد من يريد أن يشق عصاكم وينشر فيكم الفتنة, ويقتات على أوجاعكم ودمائكم. تفرقكم وتناحركم سيقودكم إلى مستقبل مظلم لن تجدوا فيه طريق الهداية, ولا يظن بعضكم أن في الانقسام طريقًا إلى النهوض واكتساب القوة بوجود الثروات .. لعمري أنكم ستلاقون مصير ملوك الطوائف في الأندلس “كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسد” لأن هذه الأسلحة التي تريد إيران إدخالها إليكم تؤكد أن هناك في طهران من قد أهدر دمكم.. فهل فهمتم؟. قولوها لإيران: الآن فهمناكِ يا إيران, مثلما قالها بن علي للتونسيين: الآن فهمتكم .. فمن الصواب أن تأخذوا الحكمة من أفواه المخلوعين!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك