قبل عدة أسابيع كنت أود الكتابة على موضوع نقد الخطاب الديني الأهوج ثم تراجعت قلت ربما سأكون مجحفاً ان عممت الأمر على الجميع من سماع خطيب واحد حاولت أتقمص هدوء قلم الكاتب الرائع جمال حسن، لكني فشلت كنت متضايقاً من خطيب الجامع الذي كسر المنبر بيده وكسر رؤوسنا بصوته إلى ان وصل بقوله “ على كل من هو مع بشار الأسد أن يخرج من الجامع ليغتسل ويعلن إسلامه !” حينها وددت أن “اصرخ: العلمانية هي الحل” ... في الواقع نحن العرب واليمن بشكل خاص نتعامل مع عواطفنا بشكل مباشر ليس على مستوى الخطباء وإنما الكتاب أيضا لكي تكون خطيبا لن تحتاج إلى شيء سوى صوت جهوري ولسان سليط ،وتحفظ بعض من الآيات التي تسقطها على غير واقعها ليهز البقية لك رؤوسهم وتبرز محاجر عيونهم ... كنت اشعر بأسف مما نعيشه من بؤس نصر على الحفاظ عليه .... في الجمعة التالية عرفت أن هنالك سعي ممنهج لتأليب الناس ضد الحوار وبوسيلة فتاكة جدا في مجتمع مؤمن بفطرة كنت في شارع هائل وجدت أن لهجة الخطباء بدأت تتوحد في إعادة تعريف الدولة المدنية وسقف الحوار وكيف أن هنالك من يريد تحكيم الطاغوت من عملاء أمريكا ... بدأ الخطيب يعدد مخاطر أمريكا وأهدافها الخفية وكيف تتآمر على الإسلام وإنها تريد تدمير الحوار وحرف مساره إلى خارج الدين دون ان يذكر لنا من هو راعي الحوار والمبادرة أصلا .... عادة ما نفرغ طاقاتنا في مواقف انفعاليه ليغط العقل في نومه العميق طويلا وليس أدل من ذلك مشاهد القتل التي لم يعد يحسب لها احد حساب أصبحت شيئاً من تفاصيل حياتنا يمكن ان حدثت مذبحة نخرج بمسيرة وبيان ثم تعود الأمور على سابق عهدها .... الجمعة الماضية أدركت كم كان الدكتور ياسين مصيباً في معرض كلامه عن الذين يتدثرون بعباءة الدين -وليس بالضرورة ان يظهروا هم - من اجل الحفاظ على مصالحهم كلما شعروا بخطر ... الخطيب هدد وأرعد فوق رؤوسنا عن موضوع الحوار وتحكيم الشريعة كنت اتساءل كم هي الأديان التي في اليمن لكي نقول مثل هذا القول .... فجأة وبدون مقدمات تحدث عن أنه شاهد مقابلة مع شوقي القاضي وانه سمعه يشكر أمريكا ليصرخ بوجوهنا “ قبحه الله قبحه الله “ صدمت من سلاطة رجل يدعي انه واعظ يلعن ويسب لكل من يخالفه الأمر سياسيا لم اقل دينيا ..... لم يرتاح ضمير الرجل بعد الى نهاية الخطبة فقال بكل وضوح نريد تحكيم شرع الله وان الذين يمثلون الشعب في هذا الحوار يجب ان يكونوا “من العلماء وشيوخ القبائل المتجردين” لم أقف عند اي تجرد يقصد بل واصل حديثه “ولا يبت في القضايا غير اهل الحل والعقد فقط من رجال الله في الأرض” ثم دعا لنا بقائد ربانيا ..... هناك من لا يريد لهذا البلد ان يخرج بسلام الى حلم طال انتظاره هناك من لا يتوانى عن استعمال الدين كقفاز في ممارسة رذائلة ! رابط المقال على الفيس بوك