هانحن على بعد عشرة أيام من 18 مارس ، حيث من المقرر أن تنطلق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني ، الذي ستعقد مجموعاته المختلفة في ست مدن يمنية . كلما اقتربنا من 18 مارس ازدادت حدة العراقيل التي يحاول البعض وضعها في طريق عربة الحوار، وفي نفس الوقت تزداد حالة الترقب لدى مختلف اليمنيين لما يمكن أن يشكله هذا اليوم من فارق في حياتهم ، باعتبار أن الحوار هو الحل الوحيد المتاح حالياً لحماية اليمن من الذوبان والتمزق والتشرذم. يتعاظم في هذه الايام الحديث عن قضايا الحوار ، وخصوصاً عن القضية الجنوبية التي سيعتمد على حلها مستقبلاً البلاد برمتها . يعقد في دبي اليوم السبت اجتماع لبعض القادة الجنوبيين الذي يطرحون “ الانفصال” كحل رئيسي للقضية الجنوبية ، ومع تسليمنا بأن ليس كل من سيحضر اجتماع دبي ليس كل قيادي جنوبي يتبنى “ الانفصال” كخيار وحيدة. السئوال الذي ينبغي أن يتوقف أمامه الجميع في اليمن وخصوصاً اولئك الذين طرحوا “ الانفصال” كحل هو .. هل يمكن ان يكون “ الانفصال” حلاً للقضية الجنوبية ، وهل ستنتهي قصة الجنوب المؤلمة بالانفصال ؟! اعتقد جازماً أن الانفصال لن يكون حلاً على الاطلاق ولن يشكل فارقاً في حياة الجنوبيين ، كذلك الحال في حياة الشماليين ، وهو بالتأكيد لن يكون حلاً لأزمة اليمن كوطن واليمنيين كشعب . يدرك العقلاء من اهل الجنوب أن الانفصال سيكون مدمراً للجنوب أولاً ، ولليمن بشكل عام ، فالانفصال سيفتح الباب على مصراعيه أمام صرعات جنوبية جنوبية وشمالية شمالية ، وجنوبية شمالية لا تنتهي ولن تنتهي حتى تقضي على الأخضر واليابس في اليمن بأكمله . من يعتقد أنه سيجد دولة بالانفصال واهم جداً لأنه لن يجد سوى سلسلة من حلقات الصراع المناطقي في الجنوب والطائفي في الشمالي بالاضافة الى صرعات الحدود والحقوق بين الشمال والجنوب . دعونا فقط نتخيل كيف يمكن أن تحل قضية ممتلكات أهل الجنوب في الشمال وممتلكات أهل الشمال في الجنوب ، وكيف يمكن أن تحل قضية الحدود بين الدولتين المفترض قيامهما في حال الانفصال لاقدر الله . بل دعونا نتخيل فقط كم من طائفة في الشمال ستبحث عن استقلال وكم من منطقة في الجنوب ستبحث عن انفصال مشابه ، وكم من حروب انتقامية يمكن ان تنشأ ، خصوصاً وأن تأريخنا المعاصر مليئ بدورات الصراع وهناك أطراف يمنية تترقب لحظة كهذه للانقضاض والانتقام لما أصابها في فترات تأريخية معينة . يدرك العقلاء في اليمن أن من يطرح الانفصال كحل إنما يفعل ذلك هروباً وتنصلاً من استحقاقات بناء اليمن الجديد ، الذي ينبغي أن يكون بديلاً لكل دورات الانتقام والصراع وأن يكون واسعاً بقدر سعة اليمن . على أن الأهم الآن ونحن نعالج قضية الانفصال ان نكون عقلانيين وأن نبتعد عن خطابين مقززين .. خطاب الوحدة أو الموت وخطاب الإنفصال أو الموت فكلاهما مدمر . علينا أن نقبل بأن يطرح الأنفصال كحل من الحلول القابلة للبحث والتفاوض ، وان تطرح الوحدة كحل قابل للبحث والتفاوض ، ونقرر على اساس من الحوار الصادق ما الذي يمكن ان يكون حلاً ونقبل به .. وأنا على يقين أننا لو بحثنا الأمر بجدية وواقعية وصدق فلن يكون الحل الا الوحدة .. اما الانفصال فسيكون هروباً من واقع مؤلم إلى مستقبل مدمر ..والله من وراء القصد رابط المقال على الفيس بوك