اليابانيون يحتفلون اليوم بتفتح زهر الكرز ودخول فصل الربيع.. أصلا عادي.. إحنا مانحب هذه البياخة.. ثم نحن أيضا نحب الاحتفالات ونحتفل دائما بس مع فارق بسيط بيننا وبين تلك الشعوب الفطساء..!! هم يحتفلون كلما تفتحت زهرة أو نضجت ثمرة أو شاهدوا قوس قزح، ونحن نحتفل كلما حدثت مجزرة وكلما استذأب فاسد، وكلما ضرب عمود كهرباء، احتفالاتنا كلها وطنية ودموية يعني باختصار احتفالاتنا فيها شحطة وحمرة عين، واحتفالاتهم مش مشحوطة خالص يا اخواني هولا مافيهم رجولة ولا زرة، قلك احتفال بزهر الكرز.. الحكومات دائما مسئولة عن شحطة شعوبها ونحن بحمد الله حكومتنا فيها رجال مايعجبهم المسوقة والرخاوة، ولو رجعنا إلى ارشيف الزرة اليمني سنجد الكثير من المشاهد الدالة على ذلك فعلى سبيل المثال قبل حوالي اربعة اعوام قامت جامعة صنعاء بقطع شجرة عمرها أكبر من عمر الجامعة، لسبب بسيط وهو أن بعض طلاب وطالبات الجامعة غير المشحوطين كانوا يحبون الجلوس تحتها، وعندما علمت الجامعة بذلك شعرت بخطورة كبيرة على الشحطة اليمنية وقررت اجتثاثها من الارض حتى لا تكون مأوى الممسوخين من الشباب والفتيات الحبيبين..!! نحن نزرع العنب ومشهورون بزراعته ولكنا لم نحتفل يوما بنضجه ولا بوفرته ولا حتى بغلاء سعره، لدينا احتفال بإسقاط الإمامة والاستعمار والنظام، لدينا جمعة الكرامة وجمعة النهدين، ولدينا قريبا الاحتفال بأول خبطة لكلفوت على برج كهرباء وأول احراق لأنبوب نفط، وأول تقطع لشحنة غاز، باختصار نحن شعب أوائل. أيها المواطنون الشرفاء نحن نحتفل بالدماء، وكلما سال دم احتفلنا به وخلّدناه ذكرى وانتظرناه بفارغ الصبر لنحتفل، نحن نحتفل بكل دمار وخراب بكل فساد وفوضى، أيش من عنب أيش من زهر كرز أيش من خبالة.. اليابان والصين دول مصنعة من الدرجة الأولى على مستوى العالم ، عقول نظيفة وإقبال تام على الحياة، تذهب إلى إحدى محال بيع لعب الاطفال عندنا تقلبها فتجد مكتوباً عليها ملاحظة: لم يشارك أطفال أعمارهم أقل من 12 سنة في صناعة هذه اللعبة..!! عندنا طفل عمرة 12 سنة بالكاد يصنع “ مرمى أو مخمع أو منصع” من أجل أن ينصع الأستاذ عند السبورة أو يكسر زجاج الجيران، أما الطفل في سن العاشرة يردد بغباء مشحوط في الفصل الدراسي نشيد جميل: أبي اشترى لي ساعة فلم أنم من الفرح، ويوجد ملاحظة على الساعة، هذه الساعة تم تصنيعها من قبل اطفال لا تزيد أعمارهم عن ثمان سنوات.. يعني طفل يصنع وطفل يغني، والفارق بسيط جدا أن الأستاذ والأب والمدير كلهم يصرخون في وجوه أطفالنا قع رجال مشحوط، في الجانب الآخر يهمسون في آذان أطفالهم: كن عالماً، فكّر..جرّب.. حاول. حين كنت معلمة أهداني أحد طلابي وردة وهو يحتضنني ويقبلني، بعد قليل أجد زملاءه يضحكون عليه وينادوه يابنت، وأخبروني يا استاذة مش هو رجال مشحوط مايشتري الورد الا البنات..!! لا أعرف ربما يحتاج هذا البلد إلى الرخاوة أكثر منه حاجة إلى الزرة .. طبعا بالمفهوم الياباني والصيني، نحتاج شيئاً من الاحتفال بما تمنحنا إياه الأرض بما تجود به علينا من تميز، لا أن نحتفل بما نجود به عليها من دماء ودمار وخراب، لا أعرف ماهي الزهور التي يمكن أن تتفتح في بلادنا وهي تستقبل الربيع، هذا إن كان الربيع لا يزال يمر في اليمن أو يتذكر طريقه إليها..!! نحتاج أن نحتفل بما يمنحنا السعادة والقدرة على العطاء، القدرة على الإمتزاج بالأرض لتخرج لنا أجمل مافيها، وتعلّمنا أن العطاء حب لا يتقنه إلا الذين يسعدون به.. رابط المقال على الفيس بوك