ليس صعباً أبداً أن يتكرر نموذج الشيخة «موزة بنت ناصر المسند» في اليمن، الأمر يتطلب فقط توجه دولة. لما قال فخامة الرئيس صالح ذات مرة: «نريد شرطة نسائية» وصمم على إنشائها، يومها، طبعاً، حتى جدتي - الله يرحمها- كانت تشتي تتعسكر!
وتخيلوا مثلاً لو أن الرئيس وأقاربه – كلاً حسب موقعه – يظهرون - على الأقل- في احتفالات اليوم العالمي للمرأة بصحبة زوجاتهم؛ باعتبارهم قادة المجتمع.
لابد أن هذا التصرف الراقي سينعكس بالتأكيد على كل «المشحوطين» في البلد، وسيصير الأمر عادة حميدة، تقوم بها كل تلك الشوارب الجالسة في الصفوف الأمامية.
أما أن يبقى أكبر رأس في البلد وأبناؤه وأبناء أخيه مجرد وفرة من العسكر «المشحوطين»، واضعين نساءهم في بيوت مرفهة، وعند كل فعالية تجدهم – وبكل جوادة- يطالبون المجتمع الغلبان والمليء بالعقد أن يدعموا المرأة باعتبارها شريك الرجل في التنمية والبناء، فإن كلامهم ذاك يظهرهم وكأنهم – فقط - في مهمة «مخاوصة» رسمية على نساء المجتمع الغلبان !
الأمر لا يتعلق بنخبة الحكم فقط. قادة الأحزاب السياسية هم الآخرون يضعون نساءهم في البيوت، ويخوضون بنساء عمال البلدية معارك الانتصار لحقوق المرأة باعتبارها النصف الآخر للرجل !
نخب رأس المال المؤثر أيضاً، هم الآخرون يحدثونك بإسهاب عن سيدة الأعمال العفيفة الطاهرة «خديجة» التي عمل النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) تحت قيادتها، وحين يصل الأمر إلى ذكر أسماء إحدى النساء في عائلاتهم تجدهم «يتنحنحون» ويشعرونك من خلال نظراتهم المتذمرة بأن السيرة النبوية التي ذكرت أسماء نساء النبي الكريم كانت تحتاج لها بصراحة «شوية زرَّة» !
السادة الوزراء ومحافظو المحافظات وأمناء عموم المجالس المحلية.. هؤلاء – بالصلاة على النبي- تجدهم حتى في احتفالات عيد الأم يضعون نساءهم بين الحيطان، ويهرولون - مدججين بالعسكر والمرافقين - وكأنهم ذاهبون إلى مجلس قيادة الثورة. ويدخلون قاعة الاحتفال دون أن تكون بصحبتهم حتى أم الصبيان، ولن نقول: أماً واحدة من العائلة، حتى ليعتقد المرء أن مسؤولينا كلهم أيتام أو مقطوعون من شجرة، لا أمهات لديهم ولا زوجات ولا بنات ولا أخوات، تماماً مثلهم مثل طرزان أو «ماوكلي»! وهات ياخطب عصماء عن المرأة.
«وكله كوم والمنهج المدرسي كوم لوحده.. منهج مزرور ومشحوط، ويبدو كما لو أنه رضع من ثدي الفرقة الأولى مدرع».
في حصة النحو نقرأ: «ضرب زيدٌ عمراً» ياساتر؟ ترى ما الصعوبة مثلاً في جعل العبارة تصير «أحبَّ زيدٌ عمراً» هل سيؤثر ذلك على الوحدة الوطنية لا سمح الله؟!
وفي حصة القراءة يجد الطالب نفسه أمام شخصيات كسولة « أبي صالح»، «أمي بلقيس»، «أخي أحمد»، «أختي أروى». ومن أول ابتدائي وحتى الصف الخامس و«أبي صالح» هو لوحده «عبده الرجَّال» و«أخي أحمد» هو الابن «المشحوط» وخليفة والده في كل شيء و«عررر حد يطلع نخس».
أما «أمنا بلقيس» يارحمتاه لها، من صف أول إلى صف سابع، وهي تكنس وتطبخ «لوما يفتصع ظهرها»، و«أختي أروى» اللي جالسة «موسّحة» إلى جوارها في البيت وتنتظر ابن الحلال متى «ينبع» لها!
على هذا الحال الذي نحن فيه، لو قدر للملكة بلقيس أن تكون موجودة في اليمن الآن لابد أننا سنجدها ذات يوم وقد ذهبت بصحبة عاقل الحارة إلى أقرب قسم شرطة لتشتكي بأن أولاد الحارة يعايرون ابنها «مُجاهد» بأنه تربية «مكلف»! وبأنهم من صبح الله وحتى المغيب ينادونه في الشارع أمام الملأ : ييه، يابن بلقيس!
كما وسنجد عاقل الحارة، وقد جمع مائة توقيع، جميعها تطالب كتبة التاريخ بأن يحترموا أنفسهم، ويغيروا اسمها من بلقيس إلى «أم مجاهد»!
ولو قدر للشيخة «موزة» أن تعيش بوضعها الملكي في اليمن فإن أقصى ما يمكن أن تفعله هو أنها ستجلس إلى جوار شاشة تلفاز الفضائية اليمنية لمشاهدة نشرة الأخبار، وكلما ظهر مسؤول على الشاشة ستقول لخادمتها بلهجة العارف : ابصري هذا زوج فلانة. وهذا ابن فلانة. وعند مشاهدتها لجمهور النساء اليمنيات اللائي ملأن ملعب 22 مايو في مباريات خليجي 20 لابد أنها ستهمس ساخرة : وهو لا ما معاهن «يتقمبعين» ؟ ياخزى البلا.
التخلف والانفتاح.. الحرب والسلم.. الحب والكراهية.. الإنتاج والفرغة. كل ذلك في الأول والأخير توجه دولة.
قطر الدولة الصغيرة مثلاً، نجحت عموماً لأنها أحسنت استغلال الثروة، وعملت على إعادة إنتاج تفكير الناس بما يتواءم مع متطلبات حياة القرن الواحد والعشرين.
وهذه المهمة الحضارية لا تتطلب إحساساً بالحياة فحسب، بل وتتطلب وعياً مرتبطاً بالفضيلة، وبعدم التعالي على الآخرين.
بيد أن المشكلة المخيفة في اليمن هي أن نخبة الحكم الذين يمتلكون كل شيء.. الثروة والدولة، والقرار، ووسائل التغيير، يظهرون في هيئة وفرة من المترفين البائسين الذين مازالوا «يتخاوصوا» على الحياة مجرد «مخاوصة» فقط، ولا يمتلكون جرأة الانطلاق إليها.
صاحب الرقم 15 متسلحاً بصوت عذب، يخوض الفنان الشاب فؤاد عبدالواحد نزالاً أنيقاً عبر قناة «دبي» ليصبح نجم الخليج.
وإن كنا بالأمس قد خسرنا ماتشات كورة القدم في خليجي 20، لعل «فؤاد» صاحب الرقم 15 يستطيع من خلال التصويت له أن يعوض خسارتنا الكروية الفادحة، ويمنحنا انتصاراً معنوياً نحن – كشعب - للأمانة في أمس الحاجة إليه.
للتصويت للفنان فؤاد عبدالواحد.. ارسل الرقم «15» إلى: MTN» 5702» 4208 «واي» 4208 «سبأفون»