يبقى الارتجال والعشوائية آفة هذه البلاد التي ترزح تحت وطأة سوء الإدارة والتخطيط ، والافتقار- إن لم يكن انعدام – الكفاءة والمسئولية المسبب الرئيس لمعظم النتائج الكارثية التي تتساقط على رؤوسنا ورأس الوطن تباعاً ! شكوانا ليست لحظية ، ووجعنا أبعد من كونه مرحلي ، الداء متجذر طال كل تفاصيل الحياة ، فقط الأحداث الكبيرة تُعري هشاشة ما هو قائم ، تكشف سوءة الإجراءات الترقيعية ، تسلط الضوء على جوهر الفشل ومكامن الإخفاق التي من شأنها أن تضعنا والوطن على كف عفريت الصُدف ، ونزعات الشر المتأصلة لدى الكثير من الحمقى والمعتوهين المنتشرين في طول البلاد وعرضها..! كانت المناسبة هذه المرة بحساسية بناء حياة لأجيال متعاقبة، بضخامة إعادة صياغة مستقبل لوطن برمته ، لا تحتمل - إطلاقاً – أي خطأ أو أدنى تقصير خاصة فيما يتعلق بالجوانب الأمنية . ( الحوار ) حدثً استثنائي يتطلب ما هو أكثر من الاستنفار الأمني الذي أخذ مداه في الأيام القليلة الماضية قُبيل وأثناء انعقاد الجلسات العامة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في العاصمة صنعاء ، يتطلب حضور الحس الاحترازي قبل تكثيف التواجد الشكلي لرجال الشرطة والأمن ، يتطلب بُعد نظر في نشر وتوزيع الوحدات الأمنية والعسكرية المُهيأة والمتهيئه لمواجهة أسوأ الاحتمالات قبل حديث الانتشار المخترق أساسا من الداخل ، يتطلب حسن تقدير في اختيار المواقع و الأماكن المناسبة لحماية المقرات محل الحراك و النشاط التحاوري ، يتطلب سد ثغرات النفوذ أمام الجانحين والمتشيطنين من التسلل إلى آخر معاقل الأمل اليمني العام . على بعد أمتار قليلة فقط من فندق “ موفمبيك” مقر انعقاد المؤتمر وبالتحديد على امتداد شارع الأربعين المؤدي إلى سعوان ما تزال جماعة مسلحة تصول و تجول ليلاً ونهاراً، تمارس هواية بث الرعب العام على الساكنين هناك ، تجوب بأدوات الموت المنطقة ، تمشطها كغازٍ متغول بحثا عن ثمةغنيمة تشبع بها نهم بداوتها و شره تخلفها . تقتحم حرمة البيوت التي تأبى الالتزام بقوانين التعنت المفروضة بقوة العنف ، تهدد بالقتل من يزاول عملاً أو مهنة في الأوقات الخارجة عن حدود المزاج السليماني المتقلب أصلا لديها ، تعتدي بالضرب و الإهانة على كل من يقول “لا” لهذا التبجح أو “ لا” لهذه العنجهية ..! تستمرئ نفش ريش سطوتها التهكمية في مقابل تقييد حريات المواطنين الذين يتعرضون إضافةًً إلى ما سبق لأسوأ الانتهاكات التي ليس أولها تفتيش مركباتهم ، منعهم من اعتلاء سطوح منازلهم خاصة في المساء ، و ليس آخرها إقامة مهرجانات القنص و( التنصع) الليلية التي أصبحت جزءاً من الطقوس اليومية التي اعتادها مواطنو تلك المنطقة ، يحدث كل ذلك على مرأى و مسمع من الجهات المعنية وأطقم و مدرعات الأمن المتمركزة هناك منذ شهور ، ما ذكرت ليس مشهداً لفيلم أمريكي كلاسيكي يتناول رعاة البقر في الشرق الأمريكي ، أنه الواقع المعاش في المحيط القريب لموفمبيك ، ولمعالي الوزير أن ينزل بنفسه إذا ساوره الشك في صحة ما أوردته...! أنا هنا لا أحصي الأخطاء – على كثرتها –لا أدون السلبيات -على كثرتها –ولا اتتبع عثرات المهام الكبيرة -على جسامة تبعاتها- أردت فقط مع غيري من المواطنين الذين طرقوا كل الأبواب ، خاطبوا كل الجهات أن أكف عن الصمت كسلوك عام تربى علية الشعب لعقود طويلة ، أن أساهم في رفض العيش تحت اشتراطات الأقوياء ، أن انفض عني تهمة شاهد الزور الذي يقف مكتوف الأيدي ووطنه على مرمى فوهات المحاولات المتربصة و النوايا الآثمة . أردت إبراز حجم الصحوة ، مستوى اليقظة التي تدّعي الجهات الأمنية وعلى رأسها وزارة الداخلية وصلاً بها وهي منها براء ، فإذا كان هذا الوضع في هذا التوقيت في هذه المنطقة ، فكيف بسواها من المناطق في الوقت الحالي أو في الأوقات الاعتيادية ؟!....سؤال يفرض نفسه. رابط المقال على الفيس بوك