من ينظر إلى الحالات التي تعيشها ثورات الربيع العربي سوف يلحظ أن ثمة عراقيل تعترض هذه الثورات ، سواء في أدائها السياسي أو في معضلاتها الاقتصادية.. وسيّان كان الأمر، فإنه ينبغي ألا نقلل من دور ومسئوليات النخب التي تحملت إدارة أوضاع الحكم في هذه البلدان ، بالنظر – ربما – إلى عدم خبرتها في إدارة الحكم، وربما أيضاً لوقوعها في فخ التفرد بالسلطة واستبعاد القوى الأخرى عن المشاركة الفاعلة في إدارة الحكم، كما هي الحالة في مصر راهناً. ولذلك علينا ألا نتناسى هنا تركة النظام السياسي في هذه الأقطار وموروثات بقائه في السلطة لعقود من الزمن يصعب معها التخلص منها سريعاً لتجذّرها في مؤسسات وبنى الدولة. ربما كان الأمر الذي يضاعف من مخاطر انسداد الأفق السياسي داخل أنظمة ثورات الربيع العربي ووصول الأطراف – في بعضها – إلى حد الاقتتال، إنما تكمن كذلك في التدخل الخارجي الذي بات واضحاً فيما يحدث داخل الساحة المصرية أو على الساحة السورية وبعض أقطار هذه الثورات وإن كان بصورة خفيفة، بل لعل الدلالة في هذا الشأن استمراء سياسة التدخل التي تمارسها بعض دول الاقليم في شئون البلدان العربية و هنالك وقائع ملموسة تؤكد على حقيقة هذا التدخل. وإزاء مثل هذه الحالات من الفوضى التي تعتري المشهد السياسي والأمني والاقتصادي داخل هذه الأقطار، يتطلب من النخب داخلها أولاً أن تلتقي على طاولة حوار لتصفية أجواء الاختلاف وبما يساهم في تقليص الفجوة بين هذه الأطراف والعمل بروح الفريق الواحد لمجابهة تلك التحديات وعدم إتاحة الفرصة للقوى الإقليمية التدخل في شئونها الداخلية.. وبالتالي الخروج من عنق الأزمات بأقل كلفة. ولا شك بأننا نعرف كذلك أن الأمر لا يقتصر على مسؤولية هذه الأطراف، بل تمتد مسؤوليته إلى المجتمع الدولي الذي يقتصر دوره على مجرد التفرج على الأوضاع ، دون أن يسهم جدياً في تذليل الصعوبات الاقتصادية تحديداً والعمل على التخفيف من حدة الضغوط التي تحاصر أنظمة ثورات الربيع العربية، حيث ينظر المجتمع الدولي – أو بعضا منه – إلى مصالحه من خلال قياس ترمومتر توجهات هذه الأنظمة الجديدة قبل أن يحدد موقفاً منها. إجمالاً فإن تردد المجتمع الدولي في تقديم المساعدات الممكنة والعاجلة سوف يلقي بتبعات إضافية على أنظمة ثورات الربيع العربي، مما يعني ضرورة مساعدة هذه الأنظمة على تثبيت الأوضاع الداخلية لأقطارها وبالتالي عدم انجرارها إلى مربعات الفوضى والارتماء في أحضان بعض القوى الإقليمية، حيث سيكون لمثل هذه التحالفات دورها السلبي في خلخلة التوازن داخل هذه المجتمعات من جهة وعلى ساحة الشراكة الدولية البناءة من جهة أخرى. و إذا لم يكن الأمر محسوباً من هذه الزاوية – فقط – فإنه على الاقل يمثل جزءاً من مسئولية المجتمع الدولي تجاه المساهمة في معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية داخل هذه الاقطار ولو من زاوية الإنسانية البحتة.. وذلك أضعف الإيمان. رابط المقال على الفيس بوك