ما من أحدٍ –سوى المرضى وأصحاب السلطة الزائفة- إلا وصفَّق لقرارات الهيكلة المتممة لأسس إعادة بناء القوات المسلحة الوطنية التي بدأت قبل أشهر ، دلَّت على كل ذلك الاستطلاعات والاستبيانات الواسعة وبيانات التأييد من مختلف الجهات والشخصيات العامة. كانت الأصوات تأتي من كل مكان تطالب بإصدار القرارات وتستعجلها، لكن الرئيس هادي باعتباره القائد المسئول عن التغيير الثمين في مرحلة استثنائية ، لم يكن يهدر الوقت بل كان ينفق هذه الفترة في الترتيب القانوني والسياسي وتفكيك موازين القوى بتموضعاته الجديدة، وملاكاته البشرية والمالية والتحكم بها بآليات منضبطة ولصالح المهام الوطنية. أثبت الرئيس أن الوقت معادل مهم في عناصر التغيير لا يغفله، وأنه يقدّر مواعيد النقلات المناسبة في الزمن المطلوب فهو لا يتعامل بردود الأفعال ولا بتأثير من الضغوطات من كل اتجاه.. حتى إذا أصدر قراراته ضَمِنَ تنفيذها واستمرارها لتوفر اشتراطاتها وضماناتها. القرارات بما أخذت به من أبعاد مختلفة في التعيينات والاستحداثات أعطت مؤشراً قوياً لإرادة التغيير صوب بناء جيش وطني حيث حَرَّرت المؤسسة العسكرية الوطنية من سيطرة الفرد أو القبيلة أو العائلة أو المنطقة ورَدَّته إلى ملكية الشعب وأعادت الاعتبار للجيش الذي أُسيء استخدامه في غير مهامه وأُقحم فيه وفي مواقع قيادية عليا ووسطى دخلاء عاثوا فيه فساداً وأهدروا مقدراته. الإرادة السياسية ممثّلة في الرئيس هادي حزمت أمرها للسير في طريق هيكلة الجيش والأمن إلى نهايته وقد قطع حتى الآن الشوط الأهم وما بقي مجرد متمم تكميلي حيث إن القانون للدفاع والأمن أنجز، ومسرح العمليات رُسم، والموارد المالية ضُبطت، والمناطق العسكرية حددت جغرافيتها وحدودها، وعُيّن قادتها وأركان حربها، وهيكل وزارة الدفاع ولأول مرة تتبع القوات المسلحة وزارة الدفاع، ولأول مرة ينظم قانون هذه المؤسسة بعد أن ضربت بها الفوضى والمصادرة والإجحاف. هذا كله يؤكد مرة بعد أخرى أن الرئيس هادي يخلص الجيش من هيمنة أي أطراف وليس له أية حظوظ من النفس أو الأسرة أو المنطقة في هذه التغييرات. حاول البعض أن يشوّه الإرادة الوطنية لتخليص اليمن من واقع الانقسام في الجيش والبلاد بوهم وجود نية للتمديد، أو تكريس الأسرة أو المنطقة ، وهو ما لم يحدث ولن يحدث ، والتمديد ليس في صالحه بل الانتخاب بشرعية شعبية، وهو ما سيحققه، فهو لا يزال يؤكد أنه في مهمة استثنائية وطنية ويشعر بالمسئولية العظيمة، ولم يسع إلى السلطة ولكن قدره وضعه في هذا الموضع الحساس، وأحسب أن الرئيس هادي زادت أسهمه الشعبية والنخبوية لكونه الأجدر بقيادة اليمن في هذه المرحلة. قرارات الجيش هي الاستحقاق الأكبر المتحقق حتى الآن -إلى جانب الاستقرار- إلى حدٍ كبير في الأوضاع وتطبيع المعيشة والخدمات. وهي ستنعكس إيجاباً على كل شيء لاسيما الحوار الوطني الشامل المنطلق الآن المعوّل عليه صياغة دستور جديد يرسم معالم اليمن الجديد، فهو المؤمّن لنتائج الحوار وأطرافه المشاركين ، وخلق أجواء صحية له. إن إنجاز الهيكلة في المؤسسة العسكرية وإعادة بنائها سيجعل من اليسير إنجاز كافة الإصلاحات والهيكلة وسائر الاستحقاقات الأخرى . يحق لنا كيمنيين أن نتفاءل في غدٍ واثق ومشرق جديد ولكننا مع ذلك أمامنا تحديات لا زالت قائمة لن نتجاوزها إلا بالالتفاف حول الإرادة السياسية الشرعية ببرنامج واضح يتبلور في استحقاقات المرحلة الانتقالية دعماً ومسانداً ومشاركة حتى نحقق مقاصدنا في يمن جديد ودولة حديثة. رابط المقال على الفيس بوك