وأنا أتصفح أحد المواقع المغمورة لفت نظري خبر عن قضية اغتيال , لم يكن الخبر على درجة من الأهمية حتى ليكون بارزاً على أي شكل من الأشكال , تصفحت الخبر وإذا بي أجد في تفاصيله جريمة سادية بكل ما للكلمة من معنى، اغتيال على مرأى ومسمع الكثير، في مقهى إنترنت في العاصمة , انتابتني نوبة من التيه والذهول ومعه نوبة من الحزن على الواقع المخيف الذي تنحدر إليه البلد , الاغتيالات كما لو كانت وجبة شبه يومية , أتذكر أن اغتيالاً سبق هذا الاغتيال لضابط في الحرس الجمهوري سابقاً حدث أمام عيني بجوار وزارة الدفاع في العاصمة , بعد أن فر الجناة عاد الناس يمارسون أعمالهم كأن شيئاً لم يحدث , أصبحت الاغتيالات روتيناً يومياً لزاماً علينا أن نعايشه ,لا أحد يهتم بقضية اغتيال بسبب التكرار اليومي لمثل هذه الحوادث وامتلاء صفحات الجرائد والمواقع بها. هذه المرة يغتال ناشط ثوري في مقهى إنترنت , لكن أحداً لم يشجب أو يستنكر, في الفترة الأخيرة سمعت عن الكثير من الحكاوي التي أصبحت بقدرة قادر قضية رأي عام, بيانات وإدانات بسبب مقال في إحدى الصحف , أيضاً بسبب (مضرابة) حصلت بين اثنين أحدهما من أدعياء الحداثة والمدنية , الكثير والكثير من هذا الغسيل يصير إلى قضية رأي عام بفعل الفرز الأرعن واللاأخلاقي لتلك الأحداث كان علي أن أكمل قراءة خبر اغتيال منير حيدر عل فيه ما سبب لكل هذا الصمت عن جريمة مثل هذه , في المقطع الأخير من الخبر يذكر أن منير أحد القيادات الشابة في التجمع اليمني للإصلاح بالعاصمة صنعاء, وهذه كل الحكاية , وهو ما يفسر الصمت المطبق لمنظمات ( أو دكاكين ) المجتمع المدني , التضامن وبيانات التنديد والاستنكار مفصلة بمقاس الشلة (إياها ), وطز في المدنية وأخواتها. صديقي عبدالله الحرازي يكتب بحرقة عن هذا الحادث ( لو أن حيدر (رحمه الله ) مجرد صعلوك تعرض لملطام لامتلأت صفحات الفيس بوك بالتنديد والتضامن ولعن لحكومة الوفاق ووووو ). قارنوا فقط بما حصل للنائب حاشد ( مع إدانتنا لذلك العدوان ) أمام رئاسة الوزراء وكيف أصبحت تلك القضية مشجب تم إلحاقه لاحقاً بكل خيبات الماضي والحاضر والمستقبل أيضاً , وكيف تحول العسكري البليد الذي اعتدى عليه إلى مرشد للإخوان المسلمين من خلال الرابط العجيب (اللحية ) , بين قضية حاشد ومنير, منير تم تهديده في الفيس بوك ومن ثم اغتياله (عيني عيني) ولا بواكي له ولا نوائح ولا إدانة أو استنكار أو حتى (الله يرحمه ). كم في هذا البلد من خيبات ورزايا , لكن أن يصل الأمر إلى فرز فكري وسياسي للأرواح والدماء , فهنا تكمن أم البلايا والمصائب , هذه المعيارية تعري أي معنى يتصل من قريب أو بعيد هؤلاء بحقوق الإنسان والمدنية التي يتشدقون بها , ليعرف الجميع أن كل ذلك العويل مجرد مزايدات ومكايدات يراد من ورائها تصفية حسابات سياسية تحت يافطة مهترئة وبالية من الحقوق والحريات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك