(1) ..كل واحد منا يحب وطنه حبا جارفاً ، ولا تغرّنا ألفاظ السخط التي يبديها البعض - وكلنا هذا البعض- تجاه وطننا في ساعات الضيق وسوء الحال ، لأنها عبارات لا تكون من القلب أبداً بقدر ما هي ردة فعل للواقع المعاش في هذا البلد ، ففي النهاية لا نجد أحداً يكره وطنه بقدر ما يكره السوء الحاصل في هذا الوطن ، وهذا الكره لهذا السوء هو نوع من حب الوطن وإن كنا لا ندري… (2) .. هذا الوطن لا نعني به الجغرافيا ولا حدودها فقط ، لأن الجغرافيا مجرد محدد للوطن الى جانب التاريخ والإنسان بما يحمله من مشاعر وهموم وعلاقات متينة بهذا الوطن ، وهو ليس إنسان اليوم خاصة بل الانسان الممتد جذوره منذ أكثر من تسعة آلاف سنة - كما يقول المؤرخ محمد حسين الفرح - على تقاطع جغرافيا وتاريخ هذا الوطن وسيمتد إلى ما شاء الله ، فالوطن ليس التراب والمساكن ، الوطن هو الإنسان ،ولكن أي إنسان ؟ الإنسان الذي يحس بالانتماء الى هذا الوطن ويترجم هذا الانتماء إلى عمل ينفع به نفسه والوطن …. فكم من أوطان خالية من أهلها رغم كثرة القاطنين ! (3) .. كلمة (اليمن) على بساطة نطقها كم تعبّر عن معان سامية في نفس كل مواطن ينتمي لهذا الوطن ، ولن يدرك هذا الشعور إلا من غادر حدود هذا الوطن الى خارج أجوائه لسبب من الاسباب المتعددة ، لكن الوطن المجرد (اليمن) لن يكون أحد هذه الاسباب التي أدت الى هذه المغادرة - كما يتوهم البعض- بل الذين لم يحسنوا التعبير عن انتمائهم لهذا الوطن هم احد هذه الاسباب او منْ صنعوا جزءاً منها ، لأنهم وإن تشدقوا بالانتماء لم يكونوا صادقين ، بل كان انتماؤهم أصلاً لمصالحهم الشخصية ،الحزبية ، الفئوية …الخ ولم يكن الوطن في الحسبان ! (4) .. لا أطلب من أحد أن لا يفكر في مصلحته الشخصية ، فنحن لسنا أنبياء ، وكلنا يفكر في مصلحته الشخصية ، ولا أطلب من أحد أن يكون مثالياً وأن يقدّم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية ، لكني أدعو أن يكون تحقيق مصالحنا الشخصية ،الحزبية ، الفئوية …الخ ضمن مصلحة الوطن ومترافقة معها وليس متقاطعة ولا متصادمة معها ، فصلاحنا جزء من صلاح الوطن كله …فهل نستطيع ؟ (5) .. أتمنى لوطني أجمل ما يتمناه مواطن بسيط - مثلي - لوطنه ،فبقدر ما نرى أوطان الآخرين نريد وطننا أن يكون أحسن من تلك الأوطان ! ألا يتمنى الواحد منا وطناً مستقراً ؟ وشعباً متقدماً يرفل بخيرات الوطن ؟ ومواطنةً متساوية لكل أفراد الوطن بغض النظر عن كل الفروق التي صنعناها بين شرائح المجتمع المتعددة ؟ وأمناً يمد رواقه لكل أجزاء الوطن ؟ ومستقبلاً مزدهراً - لا غامضا ً - للأجيال القادمة ؟ كل هذه الأماني وغيرها لن يحققها لنا أحد - بعد مشيئة المولى عز وجل- من غير أنفسنا - نحن اليمنيين- فلن ينوب عنا في مهمة بناء وطننا أحد غيرنا ، لأن هذه المهمة لا ينفع فيها (نائب الفاعل) ولن تستقيم (جملة) الوطن المفيدة إلا بفاعلها الحقيقي …. فهل ترانا نفعل ذلك ؟ أترك الجواب لكم رابط المقال على الفيس بوك