رغم اعتزازي بالتقليد السنوي لمؤسسة السعيد بتعز واحتفالها الكبير البهيّ في هدفه والمكرر في واقعه وأطروحاته ونتاجه.. إلا أنها بدت تلك المؤسسة المحُبطَة في إقناع بشمرجة الوسط الثقافي أنّ الفرق بين السياسة والثقافة هو ذات الفرق بين الماء والنار رغم التقائهما في نجدة الفواجع. هذا التقليد نموذج محبة يُحسب لتعز الإنسان الممهور بالتوق نحو تسيّد الحضور المعرفيّ.. وقبل ذلك للعائلة الشاهقة بنبلها الرفيع.. وسعة وعي إدارة مؤسستها الأنيقة في التزامها بالبرنامج ومواعيد حصاده رغم عبثية كل شيء حولها. احتفاء مؤسسة السعيد هذا العام خذل إيماني بزهوه المتأصّل بذاكرتي.. لانخراطه في ثقافة تمرير الخلايا النائمة في الوقت الخطأ.. وعدم غربلة المؤسسة لقائمة المدعوين الذي كنتُ أنتظر أن أرى فيهم المعنيين بثقافة العمل الجماهيري والإنساني بعيداً عن قائمةٍ مكررة وترشيحات متهالكة جاءت من جهات مدعوّة هدفها تسخيف الحدث الكبير. رأيتُ البعض ممن يستحقون أن نفخر بهم على امتداد خارطة الوطن.. لكن لم أرَ الكثير ممن كان يجدر بالمؤسسة أن ترصد حضورهم وتعمل على ذلك وفق خطةٍ تواكب فاعليّة «تعز عاصمة للثقافة».. حتى وإن كان حدث العاصمة الثقافية يتعارض مع النمط الدقيق لمؤسسة السعيد، لكنه لا يخرج عن الإطار المفترض لمدينةٍ كانت قِبلة الحالمين والمستغفرين لأضواء المجد بصورته الماكثة في أعماق الموعد المُنتظر. مؤسسة السعيد لم تكن بحاجة لبعض الوجوه المكفهرّة التي أساءت بحضورها للمعنى السامي للفعالية.. وأتاحت الفرصة للنيل من فيضها الاستثنائيّ.. والنتاج المرجوّ لحدث عجزت عنه وزارات معنيّة.. وعوائل وبيوتات أكلت الأخضر واليابس ولم تقدّم شيئاً للإنسان والأرض فضلاً عن أيّ مبادرةٍ ثقافية للمجتمع. ولا أدري هل هو أمر جيّد أن يرتبط الاحتفال السنوي للمؤسسة بشخص مديرها الأستاذ فيصل سعيد فارع بدماثة خلقه وسعة روحه، رغم الإرهاق البادي على وجهه المبرمج بنصف ابتسامة منذ سنين طوال.. أم أننا سنفتقد ما تبقّى من هدوئه الممنهج في ظلّ صراخ المثقفين أو بالأحرى همجية الكثير ممن يُحسبون على هذا الوسط الموبوء. بلا شك آلمني وآلم الكثير من الحضور ماشعرنا بأنّ نظرة المؤسسة للاحتفال أصبحت كتحصيل حاصل أو كإسقاط واجب وإلا لما رأينا مثلاً عشرات البطائق بأسماء الكثير من المثقفين والمبدعات من مختلف المحافظات اليمنية مرتبة بعناية بمدخل المؤسسة على طاولة تدركُ جيداً كما نعلم أنه لم توَجّه لتلك الأسماء دعوات حضور.. ولا أدري ما الهدف من تلك المكرمة المُريبة. بالإضافة لمقاطعة الكثير من الأسماء الإبداعية والإعلامية من أبناء مدينة تعز لحضور الفعالية بعكس سنوات سابقة، وهذا باعتقادي يُحسب ضد تلك الأسماء لا المؤسسة إلا في حالة عدم دعوتها لهم. ورغم عدم حضور وزير الثقافة أو نائبه غير أنّ أجمل ما كان في هذا الاحتفال هو حضور الإنسان الشاهق فنان القلوب الظامئة للجمال.. ومعشوق الأماني وعازف الأرواح لوطنٍ بأكمله الفنان الكبير أيوب طارش.. والذي التفّت حوله الجماهير من الحضور في ابتعادٍ واضح عن الأفراد المحسوبين على السياسة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك