(ويلٌ للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون, وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون..). شدتني هذه الآيات وأنا أتأمل واقع رغيف الخبز في اليمن الميمون بنوعيه اللذين يسميهما أغلب فئات الشعب (الروتي والعَيْش) وخاصة الساكنين في المدن الذين يعدونهما أساس عيشهم، لكنهم يجدون من ينغصّون عليهم عيشهم، ونزولاً إلى مستوى الشعب وثقافته كتبت هذا المقال من دافع إنساني وإحساس بالمعاناة. وهذا ليس تنظيراً أو مباهاة وإنما شكوى وقول شرائح واسعة في المجتمع تتمثل بانحسار أوزان رغيف الخبز؛ إذ قال لي عدد كثير من الناس: (إن الروتي أو الرغيف في بداية ظهوره يكون كبيراً، وتحس بثقل عند إدخاله الكيس، لكن مع مرور الأيام وانعدام الرقابة يصغر ثم يصغر ويرتفع سعره لكن يخف وزنه). من جهة أخرى يقول آخر: (ما باقي إلا أن نرى هذا الروتي مثل العملة؛ يكبر ثم يعود إلى وضعه الأول الصغير بمبلغ كبير، وسنرى مع الأيام أن القرص الروتي سيكون بحسب ما تدفع من المال ابتداءً بعشرين ثم خمسين ثم مائة، والخمسة والعشرة الريالات لا تشتري بهما أي شيء).. وعندما قرأت تصريحات وزارة الصناعة والتجارة ومجلس الوزراء وبعض المحافظين وجدت العجب وذلك بداية الشهر الجاري؛ إذ تؤكد وزارة الصناعة والتجارة أن الزيادة في أسعار الخبز خلال الأيام الماضية لم تتجاوز87.5 % في الكيلو جرام بسبب ارتفاع أسعار القمح في السوق العالمي. وأن مجلس الوزراء وافق على مقترح لوزارة الصناعة والتجارة بإصدار قرار بشأن المخالفات والعقوبات الخاصة بعدم البيع بالوزن وعدم إشهار الأسعار، وتم تفويض أمين العاصمة والمحافظين بشأن إصدار قرارات لبيع الخبز بالكيلو وأجزائه. وأن الوزارة تركّز على البيع بالوزن لضمان حقوق المستهلك ولضمان عدم الزيادة العشوائية في الأسعار. وتم تحديد سعر الكيلو جرام من الخبز بمبلغ 180 ريالاً، على ألا يقل وزن القرص عن 100 جرام، وهو ما استغله بعض أصحاب الأفران في مضاعفة سعر القرص إلى 20 ريالاً. وكذلك محافظة تعز كان لها النصيب الأوفر في تحديد أسعار وأوزان رغيف الخبز بأنواعه المختلفة قبل أيام على مستوى مدينة تعز وعموم مديريات المحافظة. لكن صدرت تلك القرارات ولم يتم تفعيلها بالشكل الكافي.. وأصبحت القرارات حبراً على ورق، فأين التطبيق وأين الإحساس بمعاناة المواطن اليمني؟ وهل تجويع الناس وإنهاكهم في لقمة عيشهم سيجبرهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة؟ إننا نلاحظ عدم اهتمام بهذا الموضوع البتة؛ فترى مسؤولي الصناعة والتجارة والسلطات المحلية وخاصة في محافظة تعز يطلقون الأقوال لكن بدون أفعال، أو أنهم يغضون الطرف عن هذا الموضوع؛ بسبب أنهم يعرفون المشكلة لكن لا يضعون الحلول المناسبة لها، وهذه مصيبة، أو أنهم لم يعرفوا بالوضع الحقيقي أو المشكلة وتلك مصيبة أعظم؛ لأنه ربما هناك من يوصل لهم معلومات خاطئة مجافية للواقع!. من أجل ذلك هل الخوف هو سيّد الموقف أو أن الأمر ليس له أهمية من أجل تركيع الناس وجعلهم يحنّون إلى النظام السابق البائد وفق مقولة (جوّع كلبك يتبعك). من جهة أخرى ما نراه في الوضع الحالي هو غياب الرقابة وعدم استشعار المسؤولية، الأمر الذي يزيد من تفاقم الجوع ويجعل الوضع يسير من سيء إلى أسوأ، وتكون الحلول الناجعة ضعيفة. أخيراً ..لنغتنمها فرصة نقدمها إلى أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الذين يعوّل عليهم كثيراً في بناء ونهضة اليمن أن يتم مناقشة المشاكل الاقتصادية ويضعونها نصب أعينهم ويقترحون لها الحلول المناسبة وخاصة ما يصب في القضاء على أشباح الجوع والفقر والاستهتار بالكيل والميزان، وما رغيف الخبز إلا نموذج مصغر لكثير من المشاكل الاقتصادية، ولذلك لابد أن يطلق المتحاورون صرخة إلى المسؤولين الحاليين وإلى أصحاب الأفران والمخابز بأن يتقوا الله في هذا الشعب المكافح قبل أن يحل عليهم غضب الله تعالى وعذابه. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك