العبث والفوضى سيكونا من نتاج الانقسام المراد له أن يتجذر ويمد عروقه في قلب الأرض اليمنية, لذا نبش الماضي مستمراً, وحفارو القلوب قبل القبور يعملون بكل ما أوتوا من قوة وسلطة ومال على تفريغ محتوى الهوية من معناه الخالد بخلود حضارة هذا الحيز من العالم, فكل ذلك يصب في خانة الاستهتار بثورات هذا البلد وبحثه الدؤوب عن الحرية والاستقرار, كما يريدون إظهار التفرقة وفرض أمر جديد لا يملك أحد حينها إلا القبول به والاقتناع والعيش وفق مقتضاه وإيثار السلامة بالإياب والتنكر لكل شيء جميل حلمنا به يوماً.. هم يكرسون ويجندون ويستقطبون كل ساقط ومتهافت من أجل الارتماء في حضن العمالة والخيانة من حيث لا يشعرون أحياناً أو يفقهون.. وأحياناً بفعل الحقد والتربص بالآخر المنافس لهم كما هيئ لهم أو زينت لهم ذلك عقولهم المريضة, فلا يفرقون بين القبح والجمال وبين ما ينفع الناس أو يضر بهم وقد يهلكهم ويبيدهم.الحديث عن أسبوع ضج بالأحداث هنا أو هناك مخاطرة؛ لأنها أحداث ترسم مشاهد أكثر من سريالية فالمأساة غلافها وظاهرها, فهي تريد أن تأخذنا طرقاً لم نألفها من قبل وتسد أمامنا كل أمل بأن نعيش سعادة وإنسانية وفق مبدأ حريتك تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين.. فالناظر إلى تصرفاتنا وأحاديثنا اليومية ونقاشاتنا سيدرك كيف صرنا أكثر جرأة بالعبث فلدى البعض استعداد بأن يعبث بكل شيء ويثير الفوضى في كل شيء, أن يقطع الطريق, أن يختطف ربما يقتل أو يأمر به أو يحدث أمام سمعه وبصره دون أن يحرك ساكناً, والأدهى من ذلك أن يجند أتباعه والهجوم على حي أو منطقة بمن لديهم الاستعداد في سفك الدماء دون احترام أحد أو الرجوع إلى العقلاء ومن بيدهم حل المشكلات والسعي في حل ما يعتمل في المجتمع, ناهيك عن ترسيخ مفهوم غياب الدولة وأدواتها المختلفة.. كل ذلك يحدث دون وازع من ضمير أو دين أو خلق ثم دون رادع من قانون أو نظام يكفل للجميع حقوقهم.. ويصاحب كل ذلك التخبط الواضح من قبل بعض الساسة والمثقفين الذين لا يقلوا خطراً من حاملي السلاح وقاطعي الكهربا ومن مفجري أنابيب النفط؛ لأنهم يقتلون الحياة ويصادرون الحقيقة ويدارون الظلمة والمستبدين ويدافعون عن المتربصين.. فنرى العناد في مواقف لا نحسبها إلا ضلالاً والإيغال فيه؛ حين تؤصل للخروج عن القيم والكفر بالمسلمات, لا قصد لهم إلا الهروب من الواقع إلى واقع أكثر ألماً.. فالتحديات كبيرة والصعاب والعراقيل والتكالب الإقليمي وصور أخرى من البؤس والشقاء, لذا كنا ننتظر منهم الاتفاق مع قادة العمل السياسي على آلية واحدة تترجم كيفية الخروج من عنق الزجاجة لا الانحشار بها أكثر, مع إيجاد قاعدة عمل مشترك للسير نحو تحقيق ما نصبو إليه مغلبين قيمنا العليا ومصلحة الوطن ووحدته وقوة أبنائه على أية قيم أخرى في ظاهرها المصطلحات والتنظيرات وفي باطنها العذاب والظلم والمصادرة لتطلعات الناس وخصوصاً البسطاء منهم.. إذ تنوعت الطرق اليوم التي تتفنن في نبش جراحاتنا وتبدع في زيادة انقسامنا في السعي والعمل من أجل تقوية كيانات وكانتونات, بل والفخر بأنها ستكون شبيهة بحزب الله في لبنان الشقيق, فذهاب الكثير من المثقفين إلى صعدة مؤخراً كما أرى ينصب في هذا الاتجاه لا غيره؛ فنبش الجثث وصنع الهالة الكبيرة حولها الغرض الرئيس منها الزيادة في تعميق الكراهية وإيجاد الحاضن المفتوح للطائفية, في إطار السعي للثأر وتسويق مشاريع تسلطية من باب المظلومية فيتغيون من كل ذلك الوصول إلى الحرب من جديد, لكنها حرب بثوب جديد ستشمل كل أطراف المجتمع وأطيافه وقد تصل إلى مناطق لم تصل إليها طيلة الحروب السابقة باسم الحرب المقدسة التي تدندن من حولها النخبة وتصفق لها, وقد وجدت لها فتاوى معينة ستظهر في وقتها المناسب فالتغرير على البسطاء سهل إذا ما تمت السيطرة على علية القوم ومفكريهم فهل يعوا ذلك..!.