الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    القوات المسلحة الجنوبية تحبط هجوما للقاعدة في أبين    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    المهندس صعتر و جهاد الكلمة    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    ريال مدريد يثأر من مانشستر سيتي ويتأهل إلى نصف نهائي أبطال أوروبا    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    نعيبُ جمهوريتنا والعيبُ فينا    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    حراس الجمهورية تجبر ميليشيا الحوثي التراجع عن استهداف مطار المخا    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    الحوثيون يضربون سمعة "القات" المحلي وإنهيار في اسعاره (تفاصيل)    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    فيديو اللقاء الهام للرئيس العليمي مع عدد من كبار الصحفيين المصريين    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    انس جابر تعبر الى ثمن نهائي دورة شتوتغارت الالمانية    استقرار أسعار الذهب عند 2381.68 دولار للأوقية    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    محافظ المهرة يوجه برفع الجاهزية واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية تحسبا للمنخفض الجوي    وفاة وإصابة 162 مواطنا بحوادث سير خلال إجازة عيد الفطر    أبناء الجنوب يدفعون للحوثي سنويا 800 مليون دولار ثمنا للقات اليمني    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    مصير الأردن على المحك وليس مصير غزة    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآثار .. ثروة لم نحسن استغلالها
نشر في الجمهورية يوم 18 - 10 - 2008

نبش ، عبث ، نهب ، تهريب وطمس معالم، خماسي مخيف يشكل أكثر من خطورة
سيناريو التدمير لحضارات اليمن لم يتوقف بعد !
الجنداري :
للأسف تعرض تحف وقطع أثرية في متاحف عالمية تحت مسميات غير يمنية
محافظ مأرب :
هناك مواقع لا تزال عرضة لأعمال النبش والتدمير وأخرى شيدت فيها مساكن
د.محمد علي العروسي :
تهريب الآثار والمخطوطات أخطر ظاهرة تواجهها بلادنا
تملك اليمن كغيرهامن دول الشرق الأدنى القديم ثروة أثرية ثمينة وتاريخاً حضارياً عريقاً تضاهي به حضارات الشرق الأدنى القديم كحضارات بابل في العراق والحضارة الفرعونية في مصر وغيرها من الحضارات القديمة ، وهي نتاج لنشاطات إنسانية للممالك اليمنية القديمة كمملكة سبأ ومعين وأوسان وقتبان وحضرموت وحمير ، غير أن تلك المواقع والمعالم التاريخية والأثرية لتلك الحضارات تتعرض اليوم لحرب شرسة من قبل عصابات محلية وأجنبية تعمل على نهب وسلب كل ما تستطيع نهبه من قطع أثرية وتحف فنية ونقوش مسندية ، المواقع الأثرية تدمر وتنهب محتوياتها ، والمخطوطات اليمنية الإسلامية تهرب إلى الخارج ، وتاريخ اليمن العريق يتاجر به لصوص الآثار .. هكذا هو حال تراثنا وتاريخنا اليوم.
لايكاد يمر أسبوع إلاّ ونسمع عن إحباط محاولات لتهريب قطع أثرية كانت في طريقها إلى الخارج عن طريق المنافذ البرية أو البحرية أو الجوية ، معارض بيع الآثار في العواصم العالمية تعج بالمقتنيات الأثرية اليمنية والتي تباع في مزادات علنية ، الذهب والكنز المزعوم للإنسان اليمني الأول دفع بالكثير إلى ممارسة الحفر العشوائي للمواقع الأثرية ، فلا يجدون سوى مداميك ظلت مكانها لسنوات طويلة تبحث عمن يستقرئ تاريخها العظيم فلم تجد سوى لصوص الآثار وناهبي التاريخ الذين يصرون على تدميرها وتشويه معالمها ، حتى المقابر الصحرية تم التسلق إليها والإعتداء على من ينامون فيها منذ آلاف السنين.
(الجمهورية) حرصت على تنبيه المعنيين بخطورة سرقة تاريخ اليمن وذلك من خلال مناقشة عدد من الأكاديميين في جامعة صنعاء لمعرفة أسباب تلك الهجمة الشرسة على تاريخنا وحضارتنا ،كما التقينا مع مسئولي السلطة المحلية في محافظة مأرب حيث رصدنا ما تتعرض له المواقع الأثرية في هذه المحافظة كنموذج لما تتعرض له المواقع الأثرية في مختلف محافظات الجمهورية لذلك التقينا مدير مكتب الآثار فيها وبعض المواطنين من أبناء محافظة مأرب أيضاً ، كما تواصلنا مع مدير مكتب الآثار في مطار صنعاء ، لمعرفة الآلية المتبعة لكشف مهربي الآثار اليمنية وما هي أهم وأبرز القطع الأثرية التي يحرص المهربون على تهريبها ، وأخيراً التقينا بالدكتور عبدالله باوزير رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف في مكتبه بديوان عام الهيئة حيث وضعنا بين يديه صورة توضيحية لما تتعرض له المواقع الأثرية في محافظة مأرب من اعتداءات متكررة لنهبها وتدميرها ، مع أنها تعتبر أحسن حالاً بكثير من مواقع أثرية في محافظات أخرى كالمواقع الأثرية الموجودة في محافظة الجوف والتي ليس عليها رقيب أو حسيب يعبث بها لصوص الآثار كيفما يشاؤون رغم علم قيادة الهيئة وكافة المعنيين بذلك.
خطر التهريب على تاريخ اليمن
البداية كانت مع الدكتور محمد علي العروسي أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بجامعة صنعاء والرئيس السابق للهيئة العامة للآثار والمتاحف والذي تحدث عن هذه الظاهرة فقال :
تعد عملية تهريب الآثار والمخطوطات في عصرنا الحالي أخطر ظاهرة تواجهها بلادنا فسرقة المدن التاريخية والمواقع والمعالم الأثرية والمتاحف ونهب محتوياتها من القطع والأدوات والتحف الأثرية وإخراجها إلى خارج البلاد هي اعتداء على الوطن كل الوطن وعلى سيادته الوطنية .. ووفقاً للمادة (1-4) من قانون الآثار رقم (12) لسنة 49م فإن تهريب الآثار إلى خارج البلاد جريمة يعاقب عليها القانون رغم ما فيه من قصور.
ثروة قومية :
أما الأخ عبدالعزيز الجنداري أمين عام المتحف الوطني بصنعاء فيؤكد من جانبه بأن الآثار بمختلف أشكالها وأنواعها هي ثروة قومية خلفها الأجداد للأحفاد حيث تعود إلى عصر الحضارات اليمنية القديمة وكذلك حضارات اليمن الإسلامي حيث توجد العديد من المعابد والقلاع والقصور والسدود والمساجد والأضرحة وغيرها من المعالم الأثرية الثابتة في مختلف المناطق اليمنية وهناك العديد من المقتنيات والتحف الأثرية الموجودة في مختلف متاحف الجمهورية ، وكل ذلك هو جزء من انجازات الإنسان اليمني في العصور القديمة والتي لاشك تدل على عظمته وتاريخه العريق ، ذلك التاريخ الذي يحق لنا أن نفتخر به بين شعوب العالم ، وهذا التاريخ الذي من حقه علينا أن نحافظ عليه ونحميه من مختلف العوامل الطبيعية التي تؤثر عليه لكن للأسف نلاحظ أنه اليوم يواجه مختلف أنواع العبث والتشويه والتدمير والتهريب على يد أبنائه ، والتي شكلت معولاً ليس لصيانتها وترميمها وإنما لهدم كل ما هو جميل فيها ، معولاً لنبش احشائها ولسرقة ما تحتويه من كنوز أثرية ، وقال الجنداري :
إن تدمير المعالم التاريخية ونهب ماتحتويه من آثار له انعكاسات خطيرة على تاريخنا وحضارتنا من حيث ترتيب الأحداث التاريخية العظيمة التي مرت بها اليمن ، وإعداد جداول الملوك والممالك اليمنية القديمة وقصة زيارة ملكة سبأ لنبي الله سليمان عليه السلام والمذكورة في القرآن الكريم وفي الكتب السماوية الأخرى ، حيث أدعت كما يعلم الجميع كثير من الدول نسبة هذه الملكة العظيمة إليها ويقولون أنها ليست ملكة يمنية وهذا الأمر يبين بجلاء خطورة تدمير المواقع الأثرية وتهريب الآثار إلى الخارج ومن المعلوم أن معرفة التاريخ اليمني القديم لا يتم إلاّ من خلال الآثار الثابتة والمنقولة وأي تدمير أو تهريب لهذه الآثار لاشك سيخفي حلقة هامة من حلقات التاريخ اليمني القديم الأمر الذي سيتيح الفرصة لأعداء اليمن من نسبة الحضارة اليمنية لهم.. ويضيف قائلاً: والأشد من ذلك أنه يتم اليوم عرض تحفنا وآثارنا في بعض المتاحف العالمية في الدول الأوروبية تحت مسميات غير يمنية ، وهو انتهاك صارخ لتاريخنا ومحاولة لطمسه وتزييفه.
تجارة رائجة :
أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور فؤاد الصلاحي فيرى أن تهريب الآثار تعتبر في عصرنا الحالي تجارة رائجة ليس في اليمن فحسب وإنما في الوطن العربي بشكل عام وقال : هناك عصابات محلية وأجنبية تعمل على شراء المقتنيات الأثرية لوضعها في المتاحف العالمية في أوروبا وبالنسبة لليمن لاشك أن تهريب الآثار والمخطوطات إلى خارج اليمن يؤثر بشكل كبير على بلادنا على اعتبار أن الآثار هي ذاكرة الوطن وبالتالي هي ملك لكل أفراد المجتمع ، لذلك الحفاظ على هذا الميراث الثقافي والتاريخي والحضاري العظيم هي قيمة أخلاقية واجتماعية ووطنية والخطورة تكمن في أننا نحول معالمنا الحضارية وموروثنا الثقافي كمقتنيات أثرية ومخطوطات إسلامية نادرة إلى سلع تجارية تباع وتشترى في المزادات العالمية ، ويؤكد الدكتور الصلاحي قائلاً : وإذا ما استمر هذا الوضع واستمرت عملية بيع التاريخ اليمني بهذه الطريقة فبالتأكيد سيأتي اليوم الذي نكون فيه بدون تاريخ أو هوية ثقافية وحضارية وكما يعلم الجميع بأن من ليس له تاريخ ليس له حاضر أو مستقبل.
محو الذاكرة التاريخية
أما أستاذ الأدب بكلية التربية بمحافظة مأرب الدكتور عادل الشجاع فقال : إن تهريب الآثار والمتاجرة بها يعتبر محواً للذاكرة التاريخية والحضارية للبلد ، وقال : هناك دول معروفة تعمل على مسح هذه الذاكرة وفتحت لها متاحف فخمة جداً وبدأت تشتري الآثار اليمنية وتعرضها في متاحفها على اعتبار أنها جزء من تاريخها.
وأضاف الدكتور الشجاع قائلاً : وللأسف المواطن اليمني لا يعي أهمية وقيمة هذه الآثار وأهمية التاريخ اليمني والارتباط الحضاري حتى أصبح هناك انقطاع بيننا في الوقت الراهن وبين امتدادنا الحضاري ، لذلك الشعب اليمني للأسف أصبح اليوم غير مرتبط بالقيم الحضارية وكأن لم تكن لديه حضارة في الماضي والسبب دون شك عدم الوعي بما نملك من موروث حضاري وثقافي كبير ..
أيضاً الدكتور سمير العبدلي- أمين عام منظمة إرادة شعب يؤكد بأن الآثار والمعالم الحضارية والتاريخية هي ذاكرة الشعوب وأي شعب بدون ذاكرة هو بالتأكيد بدون تاريخ ، ويقول: واليمن كما يعرف الجميع دولة حضارية يمتد تاريخها إلى عمق التاريخ ولها حضارات متعددة كحضارة سبأ وحمير وقتبان وأوسان وحضرموت ومعين.
قصور كبير في نصوص القانون
يرى الدكتور العروسي بأن هناك قصوراً كبيراً في نصوص القانون الموجود إلا أنه يتحتم على أجهزة الدولة وفي مقدمتها وسائل الإعلام التأكيد بأن لكل مواطن ومواطنة حقاً في كل قطعة أثرية ومخطوط وتحفة وموقع ومعلم تاريخي ، وأنها ملك لأبنائنا جميعاً ، ملكية عامة لا يحق لكائن من يكون تدميرها أو بيعها أو تهريبها أو المساس بها أو الاستيلاء عليها وتحويلها إلى ملكية خاصة ، وقال : ويتحمل الجميع أفراداً وجماعات أحزاباً ومنظمات وأجهزة رسمية ومدنية وشعبية المسؤولية الكاملة في الحفاظ على هذه الآثار والمخطوطات والمواقع والمدن والمعالم الأثرية والتاريخية ، وحمايتها والمحافظة عليها باعتبار ذلك حفاظاً على هويتنا الثقافية والحضارية.
الهدف من تهريب الآثار
أما بالنسبة للهدف الحقيقي من وراء تهريب الآثار والمخطوطات اليمنية وتدمير وتخريب معالمنا وشواهدنا التاريخية من وجهة نظر الدكتور العروسي فهو طمس هويتنا والانتقاص من دور آبائنا وأجدادنا العظيم في صنع الحضارات الإنسانية ، وتزييف حقائق تاريخية هامة وطمس ومحو معالم وأدلة مادية تستفيد منها أجيالنا في الدفاع عن الأرض والهوية والتاريخ .. فمثلاً لو حدث نزاع وأدعت دولة أجنبية ملكيتها لمديرية ما أو جزيرة من الجزر ، فستكون آثار ومعالم مخطوطات هذه الجزيرة أو المديرية أصدق وأوضح دليل على يمنيتها ، أما إذا تهاونا في الحفاظ على آثارها وتراثها الحضاري ونجح الأجنبي في تدميرها وتهريبها فسيتمكن من طمس وتزوير الكثير من الحقائق التاريخية، ليس فيما يتعلق بالأرض فحسب ولكن أيضاً في محاولة التشكيك في صحة وسلامة مبادئ وفكر عقيدتنا ومحاولة تشويهها من خلال مزجها بأفكار ومذاهب هدامة مبتدعة ، وبهدف خلق الفتن والنزاعات وتفتيت المجتمع ومسخ الهوية الوطنية والثقافية.
الدكتور عادل الشجاع أيضاً يؤكد بأن الهدف من تدمير المواقع الأثرية ونهب مقتنياتها هو تمزيق التاريخ اليمني وهناك عصابات ومافيات مرتبطة بالخارج وتعمل على ذلك.
أسباب التهريب :
كما يرى الدكتور العروسي : أن الأوضاع الاقتصادية المتردية تعتبر من أهم أسباب تهريب الآثار والمخطوطات وذلك بسبب الإغراءات المادية التي تدفع بمهربي ولصوص الآثار إلى التفريط بمصالح الوطن العليا بقيامهم بسرقة وبيع وتهريب الآثار والمخطوطات وتدمير المعالم والمنشآت والمواقع الأثرية والتاريخية ، وهي أعمال غير مشروعة وجرائم يتم ارتكابها تحت مبرر التخلص من الظروف المعيشية الصعبة أو طموح الإثراء السريع ..
ويضيف الدكتور العروسي أن من أهم أسباب استمرار تهريب آثارنا اليمنية من وجهة نظره خاصة وهو رئيس سابق لهيئة الآثار وبالتأكيد هو على علم ودراية بشؤونها واختصاصاتها وبما تعانيه أيضاً:
أولاً : عدم توثيق وتسجيل وتوصيف وتصوير آثارنا الثابتة الموجودة في المواقع الأثرية وآثارنا المنقولة الموجودة في المتاحف والمخازن ، وغياب الرقابة المستمرة لما تحويه هذه المتاحف والمخازن وعدم معرفة مصير آلاف القطع الأثرية التي دخلت متاحفنا منذ انشائها قبل عشرات السنين والتي تم الحصول عليها سواء من الحفريات الأثرية التي نفذتها الهيئة العامة للآثار والبعثات الأثرية ، أو عن طريق الشراء ، أو تلك القطع الأثرية التي تم تقديمها كهدايا للمتاحف.
ثانياً : وجود مافيا منظمة تقوم بسرقة وشراء وتهريب الآثار والمخطوطات ، وتتشكل هذه المافيات من بعض الأشخاص من ذوي النفوس المريضة التي ماتت ضمائرها وليس ولاؤها للوطن.
ثالثاً : إن تقصير الجهات المختصة ، المعنية بالحفاظ على تراثنا الثقافي والحضاري، في أداء واجبها وعدم قدرتها على تنفيذ المهام المنوطة بها في الحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية والمخطوطات وعدم وجود أي تنسيق وتعاون بين هذه الجهات وأجهزة الأمن المختلفة والمجالس المحلية في المحافظات والمديريات يساعد كثيراً في استمرار وتزايد جرائم تدمير وسرقة وتهريب الآثار والتراث .. وأيضاً عدم صلاحية وفعالية قانون الآثار الحالي رقم (12) لسنة 94م.
فالعقوبات التي نص عليها لا تحد ولا تساعد على وقف أعمال سرقة وتدمير وتهريب الآثار والمخطوطات والمعالم التاريخية، وهي حتى أي العقوبات الواردة فيه لا تخيف لصوص ومهربي الآثار.
محاولة إفراغ اليمن من محتواه الحضاري :
أما الدكتور فؤاد الصلاحي فيقول : إن ظاهرة تهريب الآثار اليمنية زادت انتشاراً خلال السنوات القليلة الماضية والسبب في ذلك هي العوامل الاقتصادية لأن تجارة الآثار هي تجارة رائجة اليوم ومربحة ، وقال أيضاً : إن هناك قوى محلية وإقليمية تعمل على إفراغ اليمن من محتواه الثقافي والحضاري إلى جانب وجود أعداء يعملون على طمس الهوية العربية والإسلامية ويقول الدكتور الصلاحي إن ما حدث من نهب للميراث البابلي القديم في العراق الشقيق من قبل عصابات منظمة دليل على وجود أعداء يعملون على طمس الهوية العربية التاريخية في كل بلداننا العربية ، وفي اليمن نشطت هذه العصابات بسبب ضعف التشريعات والقوانين المحلية ولعدم وجود شرطة متخصصة بحماية الآثار والمواقع الأثرية.
الجهل بما نملك من إرث :
أيضاً الدكتور عادل الشجاع يرى من أن أهم أسباب انتشار ظاهرة تدمير المواقع الأثرية تهريب الآثار اليمنية إلى الخارج إلى جانب الفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية وأيضاً الجهل بما نملكه من إرث حضاري كبير وبأهمية وقيمة تاريخنا العريق .
الدكتور الشجاع أيضاً يتفق مع الدكتور العروسي والصلاحي بأن العوامل الاقتصادية تعتبر سبباً رئيسياً في انتشار العبث بتاريخنا وحضارتنا خاصة وأن قطعة أثرية صغيرة قد تباع بملايين ومع أنها في الأساس تساوي أكثر من ذلك بكثير تساوي تاريخ شعب وحضارة أمة خاصة وأن الكثير من المواطنين يجهلون قيمة هذه الآثار خاصة أبناء المناطق التي تزخر بالعديد من المواقع الأثرية.
ويضيف : الدكتور عادل قائلاً : وللأسف أن بعض القائمين على حماية هذا التراث هم الذين يساعدون في بيعها وتهريبها إلى الخارج.
الدكتور سمير العبدلي - أمين عام منظمة إرادة شعب يرى من جانبه أن أهم أسباب انتشار ظاهرة تهريب الآثار هو الضعف الموجود في قانون الآثار وعدم قيام الجهات المعنية كوزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار بدور جاد في حماية المعالم والمواقع الأثرية من العبث والتهريب والتدمير لكل ما هو تاريخي وحضاري وكذلك الاهمال في متابعة ما تم تهريبه إلى العديد من الدول .. وأيضاً عدم القيام بمسح وتوثيق كافة المواقع الأثرية في مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية وكذلك المقتنيات الأثرية الموجودة في المتاحف اليمنية.
المواقع الأثرية التي تدمر معالمها بالنبش والسرقة
وبالنسبة للمواقع والمدن والمناطق الأثرية التي تدمر معالمها وتنهب محتوياتها يقول الدكتور محمد العروسي : الحقيقة أن العديد من المدن والمناطق والمواقع والمعالم الأثرية والتاريخية في كل محافظات الجمهورية وفي غالبية المديريات في كل محافظة من هذه المحافظات تتعرض حالياً للنبش والحفر العشوائي والتدمير والسرقة وتهرب آثارها إلى خارج الوطن بشكل مستمر .. وتعد مناطق ومواقع الآثار في محافظات الجوف ومأرب وشبوة وصنعاء وتعز والحديدة والمحويت وأبين وريمة الأكثر عرضة للحفر العشوائي والتدمير والسرقة من وجهة نظر الدكتور محمد العروسي .. ويقول :
وخلال الأربع السنوات الماضية بدأت أعمال حفر عشوائي ونبش وتدمير كثير من مواقع الآثار في محافظة ريمة ، التي انشئت وأعلنت محافظة في العام 4002م .. ومايدعو للحسرة والحزن الشديد هو ما تقوم به عصابات المافيا من أعمال حفر وتدمير وتخريب وسرقة آثار عدد كبير من المدن التاريخية العريقة ، كانت بعضها قبل أكثر من الفين وخمسمائة سنة من أشهر وأهم مراكز الحضارة اليمنية القديمة (التي تعد واحدة من أقدم وأكبر وأعرق حضارات العالم القديم) .. منها مدن السوداء والبيضاء ومعين في محافظة الجوف التي تحولت إلى خنادق وحفر كبيرة ، ومدن ناعط وكانط في محافظة عمران ، ومدينتا هجر كحلان وحنو الزرير في محافظة شبوة ، ومدينة غيمان في محافظة صنعاء وغيرها من المدن في غالبية محافظات الجمهورية.
تأثير التهريب على السياحة :
وتحدث العروسي كذلك عن تأثير التهريب على السياحة فيقول : نلاحظ على واقعنا المحلي اليمني المعاش حالياً ركود السياحة ويرجع إلى أسباب عديدة ، منها اعتقاد السائحين بأننا كيمنيين دولة وأفراداً لا نكترث لأعمال التدمير الشرسة اليومية التي تتعرض لها مواقعنا ومدننا الأثرية والتاريخية ، واستمرار تهريب آثارنا ومخطوطاتنا إلى الخارج، حتى أن أشخاصاً يذهبون إلى القول بأننا شعب لا يستحق هذا التراث الحضاري والثقافي العظيم ، إذ يعتقدون بأننا لا نبذل أي جهد للمحافظة عليه وحمايته.
بالتأكيد هم مخطئون لأن كل يمني شريف يفخر كل الفخر ويعتز بتراث آبائه وأجداده ، ولن يتوانى أو يتأخر أبداً عن حمايته والمحافظة عليه ، ولكن ضعاف النفوس موجودون في كل زمان ومكان.
أهم عناصر الجذب السياحي تدمر
والآثار هي من أهم عناصر الجذب السياحي ، لذلك فإن بقاء آثارنا اليمنية الثابتة في مواقعها والمنقولة في متاحفنا يقدم للسائحين صورة إيجابية عن وطننا الحبيب ، والآثار دليل صادق على تاريخنا الحضاري العريق ، وهي أحد المصادر الرئيسة للمعلومات التي نحصل عليها من التراث الحضاري والتاريخي والثقافي والعادات والتقاليد والحياة الاجتماعية التي عاشها اليمنيون في مختلف المناطق منذ آلاف السنين ..
ففي المناطق التي نقوم بزيارتها تشكل المعلومات التي نشاهدها كالمناظر الطبيعية والمنشآت والمعالم التاريخية والآثار والأدوات والأواني الأثرية والحرف اليدوية والتقليدية وغيرها من موروث حضاري تشكل في مجملها موضوعاً متكاملاً عن تاريخنا وحضارتنا وترد بشكل قاطع على استفساراتنا واستفسارات السائحين ويشبع فضولهم وترسخ المعلومات والصور الحية في أذهاننا جميعاً .
ويضيف قائلاً : من المؤكد أن السياحة الأثرية آثاراً تنموية إيجابية على بيئتنا الطبيعية والبيئة البشرية ، وتتمثل في دعم وتحريك عجلة الاقتصاد والتنمية وفي دفع الحكومات إلى حماية وصيانة المناطق والمعالم والمنشآت والمواقع التاريخية والأثرية التي تشكل مع البيئة الطبيعية عناصر رئيسة من عناصر الجذب السياحي .. وتعول بلادنا كثيراً على السياحة التاريخية والأثرية بشكل خاص وعلى السياحة بشكل عام في دعم اقتصادنا الوطني والنهوض بالتنمية ، حيث تشكل الآثار أهم مواد الترويج والدعاية لجذب وإغراء السائحين من مختلف الأنواع والفئات ، وفضلاً عن أهميتها العلمية فإنها تعد من أهم عوامل الجذب والتشويق السياحي الترفيهي.
المناطق اليمنية مناطق سياحية طبيعية رائعة تزخر بالآثار التي تريدها جمالاً وروعة وبهاء ، وبحماية آثارها تستطيع أن تلعب دوراً اقتصادياً غاية في الأهمية وسيكون لها تأثير فاعل في تنشيط ودعم التنمية، فالعملات الصعبة التي ستولدها السياحة في بلادنا ستشكل مستقبلاً رافداً هاماً من روافد التنمية المستدامة . لذلك يتحتم علينا حماية آثارنا ومخطوطاتنا ومعالمنا التاريخية وعدم السماح بتدميرها وسرقتها وتهريبها ، ولو استمرت عمليات تدمير وسرقة آثارنا ومخطوطاتنا وتهريبها إلى الخارج وهُدمت معالمنا التاريخية فما الذي سيدفع السائحين إلى القدوم لزيارة بلادنا ؟ لن يأتوا إلينا أبداً لأن آثارنا ومخطوطاتنا التي تجذبهم ، إذا تم بيعها برخص التراب وتم تهريبها إلى الخارج ستكون معروضة في متاحف بلدانهم القريبة من مساكنهم ، وبدلاً من قدومهم إلى بلادنا لزيارة مدننا ومناطقنا السياحية ومعالمنا التاريخية ومتاحفنا بهدف الاستمتاع بمشاهدة آثارنا ، فإنهم حين يدركون بأن آثارنا ومخطوطاتنا هُربت إلى بلدانهم فسيتوجهون حتماً لمشاهدتها في قاعات وصالات متاحفهم.
مسؤولية مَنْ حماية الآثار؟
أما عن مسؤولية حماية هذا الإرث من وجهة نظر الدكتور محمد علي العروسي فيقول: أن حماية تراثنا الحضاري والثقافي واجب ومسؤولية وطنية لا ينحصر القيام بها على المؤسسات الرسمية فقط بل هي مسئولية عظيمة تتحملها كل أجهزة الدولة والسلطات المحلية وأعضاء مجلس النواب والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الحاص. ويؤكد قائلاً : وباختصار فإن مسئولية حماية آثارنا ومخطوطاتنا ومعالمنا التاريخية وعدم السماح بتدميرها وسرقتها وتهريبها مسئولية تقع على عاتق كل يمني ويمنية بدون استثناء.
ضرورة محاربة الظاهرة :
الدكتور فؤاد الصلاحي أيضاً يؤكد على ضرورة محاربة ظاهرة تهريب الآثار اليمنية على مستويات عديدة وتتمثل في حماية المدن والمواقع والمعالم الأثرية والتاريخية وتكثيف عملية التوعية بمخاطر أعمال النبش والتدمير للمواقع الأثرية أو استمرار عملية التهريب للآثار إلى الخارج من خلال التنسيق مع مختلف وسائف الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية ومن خلال عقد الندوات التوعوية بأهمية الحفاظ على هذا الإرث الحضاري والثروة التاريخية الكبيرة وحمايتها من العبث والتشويه والسطو ، وتعزيز منظومة القيم الثقافية والحضارية خاصة أن المعالم الأثرية هي الشاهد الحي على عظمة حضارتنا وتاريخنا العريق ، لذلك تدمير الآثار هو طمس لتاريخ اليمن وتهريب القطع الأثرية هو تهريب لهذا التاريخ.
الدكتور عادل الشجاع كذلك يتفق أيضاً مع الدكتورالعروسي في أن حماية الآثار هي مسؤولية وطنية واجبة على الجميع وقال : كلنا نتحمل مسؤولية هذا العبث بالتاريخ وبالذاكرة اليمنية والحكومة تتحمل المسؤولية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام بمختلف وسائله والأحزاب السياسية ومشايخ القبائل الذين يتواجدون في المناطق الأثرية ووزارتا الثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثار بدرجة أساسية.
مدير الآثار بمطار صنعاء :
خلال نصف العام الجاري تم إحباط محاولات تهريب لعدد (170) قطعة أثرية
التهريب عبر مطار صنعاء :
علي مانع المحسني مدير عام مكتب الآثار بمطار صنعاء تواصلنا معه بهدف معرفة الآلية التي يتبعها المهربون لتهريب الآثار اليمنية إلى الخارج وما جنسية المهربين في الغالب فقال المحسني :
معظم مهربي الآثار اليمنية هم من المواطنين اليمنيين إلى جانب بعض الأشقاء العرب من مختلف الجنسيات وخصوصاً الأشقاء العراقيين والسوريين وكذلك خليجيين ، إلى جانب بعض السياح الأجانب ، وذلك بحكم خبرته في العمل في مكتب الآثار من خلال التفتيش الدقيق للمسافرين حيث تتم عمليات التفتيش عبر الأجهزة الخاصة والتي تم وضعها في صالة المغادرة بالمطار وفي قسم الشحن والمرسى الخاص بحقائب المسافرين والبريد ودخول وخروج المضيفات والطيارين ، وقال : وعند وجود بلاغ على أحد المسافرين أو وجود شك لدى منذوب الآثار أو الجمارك المتواجدين في المطار على أحد المسافرين تتم مراقبته وتفتيشه وتفتيش حقائبه بدقة.
وأضاف قائلاً : بأن مطار صنعاء يعتبر ممراً غير آمن لمهربي الآثار وذلك لوجود سبعة من موظفي الآثار يعملون على مدى الأربع والعشرين ساعة وموزعين على صالة المغادرة وقسم الشحن والمرسى أيضاً وكذلك لوجود ضباط الجمارك ويعملون كذلك على مدى الأربع والعشرين ساعة لذلك هو ممر غير آمن بالنسبة لمهربي الآثار اليمنية إلى الخارج بدليل محاولات التهريب عبر مطار صنعاء قد خفت كثير عما كانت عليه في السابق.
احباط عدي محاولات لتهريب الآثار :
وقال : وبالنسبة لعدد القطع الأثرية التي أحبطت محاولة تهريبها إلى الخارج عبر مطار صنعاء الدولي خلال العام الجاري8002م يقول علي مانع المحسني بأنها تقدر بمائة وسبعين قطعة أثرية خلال النصف الأول من العام الجاري متنوعة الأشكال والأحجام وبينها بعض القطع المزورة والمقلدة بعناية كبيرة.
أما الآلية التي يتبعها المهربون لتهريب الآثار يقول عنها مدير مكتب الآثار بمطار صنعاء من خلال عملنا في المطار نلاحظ أن بعض السياح يشترون القطع الأثرية بعفوية على اعتبار أن ذلك ليس ممنوعاً وبالتالي يضعونها بشكل عادي في حقائبهم ومثل هؤلاء يتم اكتشافهم بسهولة من خلال جهاز التفتيش الموجود في صالة المغادرة أو المرسى الخاص بالحقائب.
عمل منظم
وقال : بالمقابل هناك عمليات تهريب للآثار بشكل احترافي ومنظم فمثلاً يأخذ المهربون النقوش الحجرية ويتم تكسيرها إلى عدة أجزاء صغيرة حتى تبدو وكأنها أحجار للزينة كما يعملون علي تبييضها لتبدو حديثة وليست قديمة ، لكن غالباً ما يلجأ المهربون إلى تهريب القطع الأثرية الصغيرة الحجم مثل العملات والتمائم وغيرها لأنه من المستحيل تهريب أي قطعة كبيرة من مطار صنعاء لأنها تنكشف بسهولة ، أما الصغيرة فيستطيعون إخفاءها بعناية ، وفي هذا الإطار يقول مثلاً تم اكتشاف المئات من العملات الإسلامية على ثياب أحد المواطنين اليمنيين وغلف كل عملة بالقماش حتى تبدو (كالأزرار) وهي في الأصل دراهم ذهبية ترجع إلى العصور الإسلامية الأولى ويقول مدير الآثار بمطار صنعاء أيضاً تم اكتشاف أحد الأجانب وضع العديد من العملات القديمة والتمائم الصغيرة داخل عمود نرجيلة (مداعة) أما أحد العراقيين فكان لديه إفريز لعدة وعول وكتب عليه بعناية (خاص بالمتحف الوطني العراقي) .. كما تم اكتشاف أحد الدبلوماسيين الأجانب ولديه أوانٍ أثرية نادرة جداً وضعها داخل عش للطيور . كذلك تم احباط محاولة تهريب مخطوط أثري نادر جداً وهو مخطوط صغير الحجم لذلك تم وضعه داخل قلادة فضية كبيرة على صدر إحدى المسافرات فشك مندوب الآثار لأن القلادة كانت كبيرة نسبياً وأصر المندوب على فتح القلادة فوجد المخطوط بداخلها وهناك عدة طرق وأساليب يلجأ إليها المهربون لتهريب ما بحوزتهم من آثار وتحف فنية نادرة.
كما تحدث علي المحسني عن أهم المدن والعواصم العالمية التي يحاول المهربون تهريب الآثار اليها عبر رحلات مطار صنعاءفيقول :
يحاول المهربون تهريب القطع الأثرية إلى العديد من المدن العالمية ولعل أهمها دبي والقاهرة وعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية وفرانكفورت وباريس ولندن ، ولذلك يتم دائماً التركيز على الرحلات المتجهة إلى مثل هذه المدن والعواصم العالمية.
آراء المواطنين
بعد ذلك اتجهت إلى محافظة مأرب للالتقاء بمحافظ المحافظة والأمين العام للمجلس المحلي ومدير مكتب الآثار بمأرب هذه كانت المهمة الرئيسية وكنت أتمنى زيارة مختلف المواقع الأثرية في محافظة مأرب وكذلك المدن والمواقع الأثرية في محافظة الجوف والتي تدمر وتنهب في وضوح النهار والكل يعلم بذلك ، السلطة المحلية والهيئة العامة للآثار والمتاحف ومجلس النواب الذي أرسل لجنة لزيارة المواقع الأثرية في مأرب والجوف العام الماضي وخرج بتقرير مفصل عما تتعرض له الآثار في تلك المحافظتين من دمار وخراب كبير ..
وأنا بدوري كنت أتمنى زيارتها غير أن زيارة المواقع الأثرية في الجوف تحتاج إلى مرافق ودليل ومن الصعب أن يزور تلك المواقع صحفي لحاله (الجماعة بيغفروه) هذه الجوف مش لعبه خاصة عندما يزور الشخص المواقع الأثرية تتكون لدى بعض المواطنين ريبة وشك ، وقد يظنونه جاء (يتفقد) المهم اكتفيت بزيارة المواقع الموجودة في عاصمة محافظة مأرب.جهات الرقابة غائبة
ولم أتمكن من زيارة حريب لبعدها عن عاصمة المحافظة ، وأثناء زيارتي للموقع الأثري لمدينة مأرب القديمة عاصمة مملكة سبأ التقيت بالأخ علي عرفج الأمير حارس الموقع والذي سألته هل هناك أعمال نبش وتخريب في هذا الموقع الأثري ؟
فقال أعمال النبش والتدمير لمدينة مأرب القديمة كان في السابق أما اليوم فلا يوجد أي عمل من ذلك وبإمكانك التأكد من ذلك بنفسك ..
أيضاً التقيت بالشيخ صالح محمد دهيش من أبناء مديرية الوادي والذي قال : بأن السبب في تدمير المواقع الأثرية ونبشها ونهب ما تحتويه هي الجهات المهنية التي لاتقوم بواجبها في حماية المواقع والمعالم الأثرية من النبش العشوائي والتدمير لأن المواطن لا يعي أهمية هذه المعالم من تاريخ وحضارة عريقة لذلك المواقع تنهب وتدمر باستمرار .. وأضاف الشيخ دهيش قائلاً : وبالنسبة لدورنا كمشائخ وأعيان المحافظة نقوم بتبليغ الجهات ذات العلاقة والسلطة المحلية عند تعرض أي موقع للنبش والنهب.
لاتجاوب معنا
لكن للأسف لانجد هنا أي تجاوب في هذا الجانب.. لذلك هذا العبث مازال مستمراً ..
كما التقيت الأخ مبارك حسين مبارك والذي يعمل دليلاً سياحياً فقال : كان معه فوج سياحي في زيارة إلى موقع هجر العادي الأثري في مديرية حريب ويرغبون في تصوير الدمار الحاصل للموقع فمنع الأهالي السياح من التصوير وعندما عرف الدليل بنفسه لهم وقال إنه من الأشراف سمحوا لهم بالتصوير ..
كما التقيت أيضاً الأخ صالح عبدالله الهدار في المحافظة وهو بالمناسبة من أبناء مديرية حريب فسألته عن المواقع الأثرية الموجودة في مديريته وما تتعرض له من نبش وتدمير فقال الهدار : هناك العديد من المواقع الأثرية في المديرية غير مسورة وبدون حراسة أهمها (موقع العادي القابل الأجروف جو الأشراف هجر حريب الطاطا) وغيرها من المواقع الأثرية التي تتعرض وبشكل يومي للتدمير والنبش بهدف نهب ما تحتويه من كنوز وتحف أثرية مثل التماثيل الآدمية تماثيل لشيوخ وتماثيل صغيرة لأطفال حجرية وبرونزية وكذلك تماثيل لأسود وغزلان ووعول وغيرها من التحف التي تنهب من هذه المواقع والجهات المعنية تعلم بذلك ولا تحرك ساكناً.
ملاحظات واستنتاجات لجنة مجلس النواب
زارت لجنة الإعلام والثقافة والسياحة بمجلس النواب في 82-7-7002م المواقع الأثرية والتاريخية في محافظتي مأرب والجوف بناء على تكليف المجلس لها لتقصي الحقائق حول أعمال النبش والتدمير والنهب لهذه المواقع في هاتين المحافظتين وخرجت بالعديد من الملاحظات والتي من أهمها الغياب شبه الكامل وعدم المتابعة من قبل الجهات المختصة ممثلة بوزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للآثار والجهات المعنية والحكومة بشكل عام باعتبار المسؤولية تضامنية وتكاملية للحفاظ على هذا التراث التاريخي العظيم.
كما أكدت اللجنة بأن دور السلطة المحلية غائب هو الآخر في تحمل مسؤوليتها تجاه المواقع والمعالم الأثرية كل في محافظته.
أيضاً لاحظت اللجنة مدى حجم الأوضاع المأساوية للمواقع والمعالم الأثرية جراء أعمال النبش والتدمير ويتمثل ذلك في الحفر العشوائي ونهب مكونات المعالم والمواقع الأثرية وأخذ أحجارها لبناء مساكن في المناطق المجاورة للمواقع الأثرية وبعضها تتم المتاجرة بها من قبل عصابات تهريب الآثار والبعض الآخر لاستخدامها كمتاحف خاصة في منازلهم .. وكذلك ادعاء العديد من المواطنين ملكيتهم للمواقع الأثرية .. وأيضاً تدني مستوى الوعي بأهمية وقيمة هذه المواقع والمعالم التاريخية .. بالرغم أن هذه الزيارة كانت قبل عام كامل إلا أن الوضع لم يتغير بل ازداد سوءاً.موقع (هجر العادي)
الأخ مبخوت مهتم مدير مكتب الآثار في محافظة مأرب سألناه عن ماهية موقع هجر العادي الموجود في مديرية حريب فقال : بأن هذا الموقع عبارة عن تل منبسط مكون من ركام وخرائب لمدينة من المدن الأثرية القديمة وتقع على حدود مملكة سبأ وقتبان ويضيف قائلاً : وعلى مايبدو أن هذه المدينة هي مدينة قتبانية لوجود عدد من النقوش التي تحمل دلالة على اللهجة القتبانية .. كما تدل آثار الموقع الأثري وركام الأجزاء المعمارية التي ظهرت نتيجة لأعمال النبش العشوائي أن هناك أساسات متفاوتة الأحجام والأبعاد مما يدل على وجود سكن منظم في الموقع .. كما يلاحظ أن لهذا الموقع أو المدينة سوراً يحيط بها .. ومن خلال ما سمعنا من بعض المواطنين الساكنين في الموقع أن هناك عدداً غير قليل من المعثورات ذات القيمة التاريخية والفنية يتم استخراجها من الموقع عن طريق النبش العشوائي مما يدل على أن هذا الموقع كان موقعاً استراتيجياً وحيوياً لطريق القوافل التجارية القادمة من تمنع عاصمة مملكة قتبان إلى مأرب عاصمة مملكة سبأ.
أسباب تدمير ونهب المواقع الأثرية في مأرب
وفي هذا الإطار طرحنا تساؤلاتنا واستفساراتنا حول الأسباب الحقيقية لتدمير ونهب المواقع الأثرية في محافظة مأرب والتي اشتدت قسوة وضراوة خلال الفترة الأخيرة خاصة المواقع الأثرية الموجودة في مديرية حريب كموقع (هجر العادي) على الأخ مبخوت متهم مدير مكتب الآثار بالمحافظة والذي بدوره بدأ حديثه إلينا بتقديم لمحة موجزة عن تاريخ الاعتداءات المستمرة على المواقع والمعالم الأثرية في مأرب وعن نشأتها وتطورها فقال بعبارة ألم وتحسر وندامة للأسف (لم يهن تاريخ أمة من الأمم على يد أبنائها كما هان تاريخ اليمن على يد المثقفين من أبنائه).
وأضاف قائلاً : هذه المقدمة هي لأحمد شرف الدين في كتابه (اليمن عبر التاريخ) وكان صادقاً فيما قاله لأن آثار محافظة مأرب الهامة التاريخية والحضارية عاصمة اليمن القديمة وعاصمة أول دولة يمنية موحدة في تاريخ اليمن وبلاد سيدة الشورى الأولى في العالم القديم وتلك المآثر التي خلدتها الكتب السماوية وذكرتها فعلاً تعرضت ولا تزال تتعرض للنبش والتدمير والنهب والسلب.لنهب مخزونها الحضاري والفني والتاريخي ومن جهة أخرى تدمير معالم مواقعها الأثرية وجهة ثالثة طمس وتشويه حقائقها التاريخية سواء بصورة عشوائية من قبل العابثين بتاريخ الأمة أو بصورة منظمة بالتعاون مع قضايا وهموم الآثار وعدم اتخاذ الاجراءات الجادة لتأهيل تلك الآثار بما يلائم مكانتها الحضارية بين الشعوب الأخرى.
ويضيف مبخوت متهم : ولكي نتأكد من هذا الأمر حري بنا أن نعطي لمحة تاريخية عن بداية المحاولات لتدمير المواقع الأثرية والتي بدأت في عام 1944م بعناية أحمد الكحلاني عامل الإمام في مأرب حيث كانت حصيلة ما تم تدميره أبواب مدينة مأرب السبئية والقصور ومعابد الآلهة السبئية في كل من مأرب وصرواح وآثار سد الجفنية ومنشآت الري القديمة ولم يكتفِ مسؤولو وعمال الإمام عند هذا الحد بل بادروا في نهب أحجار مواقع الآثار من مختلف المناطق وذلك لغرض بناء وتشييد أبنية الدولة وكانت بصمات عامل مأرب السيد حمد المفضل والذي أكمل ما بدأ به أسلافه لإتمام دار الحكومة (دار الضيافة) والتي شيدت كلها من آثار قصور ملوك سبأ والمعابد القديمة وأسوار المدينة.
تدمير آثار وحضارة اليمن
لقد ضربوا أروع الأمثلة في تدمير آثار وحضارة اليمن الأمر الذي نتج عنه قيام الأهالي بتقليد الحكام ومسؤولي الحكومة فاخذوا من جانبهم يحطمون الآثار القائمة (ماقصروا أبداً) ليبنوا منازلهم ويحز في النفس أن ترى الأحجار المكتوبة بخط المسند والتي تعتبر أهم وأبرز مصادر التاريخ القديم يحز في النفس أن تشاهدها مكسرة إلى أجزاء صغيرة لغرض استخدامها في البناء.
وظلت حركة الحياة مستمرة وتهيأ وضع اليمن وتحول المناخ السياسي وانتهى العهد الإمامي بقيام الثورة المجيدة وبالمقابل تزايدت آلية التهديد للآثار من قبل العابثين ولكن وللانصاف كان الاهتمام بعد قيام الثورة ملموساً لوحظ ذلك من خلال إنشاء مصلحة حكومية هي الهيئة العامة للآثار والمتاحف تعنى بالاهتمام بقضايا وهموم الآثار والاهتمام بحماية المواقع والمعالم الأثرية من العبث والتدمير والسلب والنهب ، لكن للأسف مالبث ذلك حتى اتجهت أنظار الناس مجدداً إلى تلك المواقع في الواحة الخضراء في مأرب عاصمة المحافظة ومستوطنات الآثار في المديريات في سباق عجيب للقضاء على ما يمكن القضاء عليه من منشآت أثرية ومعالم تاريخية وحضارية.
اعتقاد خاطئ
وأعتقد بأن ما دفع الجميع إلى هذا الأمر هو اعتقاد خاطئ وهو الشعور بأن وجود الدولة يهدد مصالح القبيلة وتزامن هذا الاعتقاد مع عدم وجود الوعي الأثري وتدني التفكير لدى الأغلبية بأهمية ذلك الإرث الحضاري الكبير ومستقبله التنموي .. بل وعادت من جديد ظاهرة التزمت للملكية الخاصة في حيازة المواقع الأثرية والادعاء بملكيتها .. ذلك الشغل الشاغل الذي تعاني منه الآثار إلى اليوم وقد أدى إلى تطور هذه النظرة الساذجة عدم الاهتمام من قبل السلطات الأثرية بتلك المواقع.
وأضاف مبخوت مهتم قائلاً : وحين انصب اهتمام الباحثين والدارسين على الكشف عن اثار المحافظة ولا سيما الأماكن الرئيسية والشهيرة في عاصمة المحافظة بدأ كذلك إلى جانبها النظرة الضيقة والسعي وراء المصلحة الخاصة فعلى مدى ما يقارب من ثلاثين عاماً تعمل البعثات الأثرية على بعض المواقع الأثرية الهامة في الوقت الذي يقوم فيه المواطنون بتحطيم العديد من المواقع ذات الأهمية مثل نهب آثار معبد المساجد في مديرية الجوبة لبناء القصور والمساكن ويعمل لصوص الآثار على سرقة الأحجار من سد الجفنية .. بالإضافة إلى ما نتج عن الهجرات ا
الداخلية والذين انتقلوا إلى السكن وشراء مزارع في منطقة مأرب وأهم ما في هذا النوع مزرعة العاقل وآثار معابدها المعروفة في جميع أنحاء العالم حسب النقوش المبعثرة هنا وهناك ومزرعة الأعوش والآنسي آثار الجنة اليمنى وما قام به درهم الخولاني من أعمال التدمير والتخريب لكل الآثار هنالك.
تواصل الهجمة الشرسة على المعالم الأثرية
ويقول مدير مكتب الآثار بالمحافظة ولكن لعل خير مثال على تواصل تلك الهجمة الشرسة على آثار مأرب هو ما يحدث على مرأى ومسمع الجميع في مدينة (هجر العادي) بمديرية حريب وهو الأمر الذي شغل بال إدارة الآثار بالمحافظة حيث تدمر حالياً معالم المدينة الشهيرة ذات الآثار الفريدة فيه والسبب في ذلك بعدها عن مركز المحافظة حيث تبعد بحوالي مائة كيلو متر مما جعلها بعيداً عن المتابعة وكذا عدم وجود سور أو حراسة يحميها من العبث والتدمير الذي سيؤدي إذا مااستمر بهذا النحو إلى فقدان حلقة هامة من حلقات تاريخ اليمن ، مع العلم أن لجنة الإعلام والثقافة والسياحة بمجلس النواب زارت الموقع العام الماضي 2007م بصحبة قيادة المحافظة ومدير عام الآثار بالهيئة ومدير أمن المحافظة في إطار زيارتها للمواقع والمعالم الأثرية لمحافظة مأرب .. حيث زارت كذلك موقع العادي في حريب ومع ذلك لم يتم وقف هذا العبث والتدمير لهذا الموقع بالرغم من مرور عام على تلك الزيارة .. وقال متهم : نستعرب من قيادة الهيئة ترك هذا الموقع الهام بدون حراسة أو سور يقيه من لصوص الآثار في الوقت الذي تزيد فيه حراسة مدينة براقش رغم أن هناك ستين حارساً مدنياً للموقع وكذلك كتيبة عسكرية.
هناك من لا يشعر بالانتماء لهذا الوطن
ويضيف قائلاً : يصعب على المرء القول بأن هنالك من لا يشعر بالانتماء إلى هذا التراث الحضاري .. وينعكس هذا الأمر عندما نجد اليمن بلغت حداً كبيراً في الانتقال إلى مسيرة التطورات والأنظمة الاستراتيجية ولا سيما الديمقراطية فيها وتخطت كل أشقائها العرب في انتهاج الحكم المحلي والنهج الديمقراطي وترسيخ مفهوم الاستقرار السياسي إلا أننا مع الأسف في جانب التاريخ الحضاري نتجه إلي الخلف خاصة عندما نشاهد الآلات الثقيلة تعمل على طمس المواقع الأثرية في وضح النهار وخير مثال على ذلك ما يقوم به الشيخ ناصر قماد حالياً من انتهاكات وتدمير موقع كرا.
لعلنا لانتمكن من صد وردع مثل هذه الهجمات عندما ندخل مدينة مأرب من الجهة الغربية حيث بدأت المساكن تزحف باتجاه المدينة لمحاولة تحجيم مواقعها الأثرية في المساحة المسورة التي تقدر بحوالي 4.5كم ولن نعيب العامة إذ نجد المؤسسات الحكومية تتخذ من موقع المدينة الأثرية موقعاً لحفر الآبار الارتوازية لغرض شبكة مياه المدينة الحديثة.
إن هذا الأمر بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في استقرائنا لما تحمله معالم الآثار من رسائل ومعانٍ وليست آثار مأرب لليمنيين وحدهم بل هي آثار المنبع والجذور آثار لكل العرب وبمعنى آخر إن اهتمام الدراسات الأخرى لن يفيدنا ولن يجدي نفعاً إذا لم نعمل على إبراز هذا التراث وفق المعايير والاستراتيجيات الهادفة انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على التراث حفاظاً على الهوية الوطنية وغرس الانتماء الوطني لدى كل أبناء اليمن.
مقترحات لحماية الآثار
وبالنسبة للحلول والمعالجات الكفيلة بحماية المواقع والمعالم الأثرية يقول مبخوت متهم : لكي ننجح في حماية تلك المواقع وتنجح كذلك عملية برنامج الآثار التنموي الرافد للاقتصاد القومي يجب التركيز على النقاط التالية :
1) تطوير وتأهيل الفرد الإنسان في البيئة المحيطة والعمل على نشر الوعي الأثري.
2) التخطيط السليم لدراسة وحماية مواقع ومعالم الآثار في المحافظة.
3) إعطاء مساحة تليق بأهمية آثار المحافظة من الاهتمام والرعاية من خلال المسح والتنقيب والتوثيق والمتاحف وتزويد المواقع بالحراس لحمايتها والحفاظ عليها.
4) انتشار المرافق التنموية والسياحية وجذب المواطن للتعامل معها أي أن هنالك فائدة من وراء الحفاظ على الآثار وسوف يقوم هو بحماية الموقع.
التقينا عصراً بالأخ جابر بن علي الشبواني الأمين العام للمجلس المحلي في محافظة مأرب في مبنى المحافظة وطرحنا عليه بعض التساؤلات المتعلقة بقضايا الآثار وما تتعرض له المواقع والمعالم الأثرية والتاريخية من أعمال النبش العشوائي والتدمير ونهب وسلب كل ما تحتويه من كنوز أثرية وتحف فنية فقال الشبواني في هذا الجانب : لاشك أن قضايا الآثار من أهم القضايا التي لا تهم قيادة المحافظة فحسب بل الدولة بشكل عام كون محافظة مأب محافظة أثرية سياحية ويتجلى ذلك من خلال الزيارة الميدانية للجنة السياحية والثقافية والإعلام بمجلس النواب والتي زارت في شهر نوفمير من العام الماضي مختلف المواقع الأثرية في محافظة مأرب وأهم هذه المواقع موقع هجر العادي في مديرية حريب والذي تعرض وما زال لأعمال النبش والتدمير .. وقد اجتمعنا باللجنة وطالبنا عبرهم على ضرورة تسوير مختلف المواقع الأثرية في مديرية حريب وفي مختلف مديريات المحافظة وتوفير الحراسات اللازمة لها لأن المال السائب يعلم السرقة ولكن للأسف حتى اليوم لم نجد أي تجاوب من الجهات المعنية.. وبالنسبة لحراس المواقع الأثرية الذين لايقومون بواجباتهم في حماية المواقع الأثرية ولاهم لهم سوى الحصول على المرتب نهاية كل شهر كما تصرح بذلك قيادة هيئة الآثار، يقول الشيخ جابر الشبواني الهيئة العامة للآثار هي التي وظفت حراس المواقع وليس السلطة المحلية وبدون التشاور معنا، لو تم التشاور معنا كنا سنختار الحراس بعناية وسنلزمهم باحضار الضمانات اللازمة حتى يقوموا بواجباتهم في حماية المواقع ولكن للأسف الهيئة توظف حراساً للمواقع بعشوائية عجيبة بدليل ان مدينة براقش الأثرية يوجد بها كتيبة عسكرية وكذلك ستون حارساً مدنياً ومع ذلك توظف الهيئة حوالي سبعة حراس لبراقش في الوقت الذي تفتقر المواقع الأثرية الأخرى لأي حراس لهذا هي التي تتحمل المسئولية وبالنسبة لعلاقة السلطة المحلية بالهيئة العامة للآثار.
الهيئة لاتقوم بمهامها
يقول الشبواني إذا كنت تقصد العلاقات الشخصية فهي لابأس بها أما في جانب حماية الآثار فلا تقوم الهيئة بمهامها نحن طالبنا الهيئة بتسوير المواقع الأثرية وتوفير الحراسة الأزمة لها لكن لم يتم أي شيء من ذلك حتى الزيارات الميدانية لاتقوم بها قيادة الهيئة، ويضيف الشبواني قائلاً أنا شخصياً لم التق رئيس الهيئة أبداً تواصلنا حوالي مرتين عبر الهاتف قد تكون هناك مواقع أثرية في محافظات أخرى تشغل بال قيادة الهيئة عن المواقع الموجودة في محافظة مأرب.
نطالب بتشكيل لجنة
أما عن رؤية السلطة المحلية في المحافظة لمعالجة قضايا الآثار يقول الأمين العام للمجلس المحلي في محافظة مأرب الشيخ جابر بن علي الشبواني:
نحن في السلطة المحلية نرى أن تشكل لجنة من الهيئة العامة للآثار والمتاحف والسلطة المحلية في المحافظة وتزور مختلف المواقع الأثرية في مختلف المديريات للاطلاع على وضع جميع هذه المواقع ومايجرى بها من عبث وتدمير ونهب وسلب وترفع مقترحات وتوصيات يكون الجميع ملزمين بتنفيذها الهيئة والسلطة المحلية وأن يعمل الجميع على تسوير المواقع الأثرية وتوفير الحماية اللازمة لهذه المواقع من حراس يتم توظيفهم بالتشاور مع السلطة المحلية وأن نكون طرفاً عند توقيع اتفاقيات التنقيب مع البعثات الأثرية الأجنبية لأننا لانعلم شيئاً عن هذه الاتفاقيات، وأن تتم أعمال الحفر والتنقيب الأثري من قبل هذه البعثات بصورة منتظمة ومتواصلة حتى لاتتعرض تلك المواقع للنبش، وفي هذه الحالة سوف نتحمل أمام الجميع مسئولية حماية تلك المواقع من أي اعتداء.
محافظ مأرب
وفي العاصمة صنعاء بعد زيارتنا لمأرب التقينا العميد ناجي بن علي الزايدي والذي كان متواجداً في العاصمة لمتابعة بعض المسئوليات والجوانب المتعلقة بالمحافظة وبتنميتها وتطورها فطرحنا عليه مجمل تلك الاشكالات التي تعاني منها المواقع الأثرية في مأرب فقال من جانبه وتعرضت وماتزال تتعرض للاعتداءات المتكررة وهناك مواقع أثرية بنيت عليها مساكن وتم تهريب العديد من القطع الأثرية إلى السنوات السابقة والتي تباع حالياً في المزادات العالمية بمبالغ كبيرة حيث وصل سعر بعضها إلى أكثر من خمسة ملايين دولار، والجهات المعنية في الدولة يجب أن تتابع هذا الموضوع وأن تعمل على اعادة هذه القطع الأثرية التي خرجت من اليمن بصورة غير شرعية، وحالياً للأسف لاتزال المواقع الأثرية في مديرية حريب تتعرض لأعمال النبش والتدمير بهدف سلب ونهب كنوزها وقد التقيت بالأخ رئيس الهيئة خلال زيارتي للعاصمة صنعاء وأكدت له خلال اللقاء على ضرورة مسح كافة المواقع الأثرية وتوثيقها ومن ثم العمل على تسويرها وتوفير الحراسة اللازمة لحمايتها، وكذلك توفير الكادر الأثري المتخصص لمكتب الآثار في المحافظة لدراسة تلك المواقع وتوثيقها، ومن ثم تهيئتها وتجهيزها سياحياً هذا هو الحل من وجهة نظر المحافظة وأي حل خارج هذا الإطار أرى أنه من الصعب أن يكون كفيلاً بحماية المواقع الأثرية في المحافظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.