كان قرار أمير دولة قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني, تخليه عن الحكم لصالح نجله الشيخ تميم, أبرز حدث سياسي لهذا العام وأهمه. تكمن أهمية خبر كهذا في واقع عربي صار من الصعب جدا فيه, أو لعلنا نقول من المستحيل أن يتخلى زعيم عربي عن كرسيه بهذه الطريقة السلسة والآمنة. يؤكد هذه الفرضية الضريبة الباهظة والمكلفة التي دفعتها بعض شعوب المنطقة للإطاحة ببعض رءوس الحكم.. كانت هذه الصيغة المتسقة تماما مع دستور الإمارة الفتية صيغة مقبولة, ومن المهم النظر إليها بعين الإجلال, بل واتخاذها سبيلا لانتقال السلطة في الأنظمة التي تتفق شكلا(في نظام الحكم) مع دولة قطر. في أواخر يونيه 1995م حكم الشيخ حمد البلاد وخلال فترة وجيزة حقق الرجل للقطريين أشياء كثيرة في جميع الأصعدة, حتى لقد غدت هذه الإمارة الصغيرة جغرافيا من أغنى دول المنطقة, لا بل الأغنى, وارتفع دخل الفرد فيها إلى أكثر من 100 ألف دولار في السنة بعد أن كان لا يتعدى ال16 ألفا في 1995م وأصبحت قطر من أهم الأسواق في المنطقة وتحتل المرتبة الأولى عالميا في تصدير الغاز, كما شهدت نقلة نوعية في مجال الإعلام والرياضة. وفي السياسة الخارجية تؤدي قطر دورا مهما ومؤثرا في مختلف القضايا الإقليمية وحتى الدولية, وصار من الصعب اتخاذ أي قرارات دولية تخص المنطقة دون أن يكون لقطر قصب السبق والتأثير فيه, حتى لقد قيل إن قطر سحبت البساط من تحت دول مهمة في المنطقة. وبالجملة شهدت هذه الإمارة طفرة نوعية سياسيا واقتصاديا وتنمويا لم تكن لتبلغها لولا القيادة الحكيمة والنظرة الثاقبة التي يتمتع بها أميرها السابق. أجل هناك مفارقات كثيرة في السياسة القطرية خارجيا كفتح مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة واستقبال مسئولين في حركة المقاومة الإسلامية(حماس) في ذات الوقت أو كوقوفها مع حزب الله في 2006م وزيارة أميرها السابق لبنان بعد الحرب وهي تقف الآن ضد الحزب في عدوانه الأخير على سورية. على أن هذه المفارقات شكلية؛ فوجود مكتب تجاري إسرائيلي في الدوحة أمر ليس ذا بال كما يمكن تفهمه, إذا ما نظرنا للفعل القطري شديد الأثر في المصالح القومية للمنطقة؛ إذ تدعم إمارة قطر القضية الفلسطينية بشكل سخي ومواقفها معها تتقدم دائما على كل المواقف العربية, وذلك أمر فيه من الوضوح ما لا يحتاج إلى كثير أدلة وبراهين. والخيط الناظم لهذه المواقف المتناقضة شكلاً هو الوقوف مع المظلومين والقضايا المصيرية للأمة. وبعد.. هل سيواصل الأمير الجديد سياسة والده إزاء مختلف القضايا التي تمس الشأن الداخلي وتلك التي تمس السياسة الخارجية!؟ المؤكد أن الرجل فيه من النبل والنخوة والرجولة والدهاء ورجاحة العقل ماهو كافٍ ليجعله يسير في الخط نفسه الذي سلكه والده. ومهما تكن التوقعات فسيظل خبر التسليم الطوعي للحكم وعن قناعة تامة أبرز خبر سياسي وتاريخي لهذا العام ملأ الدنيا وشغل الناس! رابط المقال على الفيس بوك