اليوم اليمن تعيش السنة ال«51» من عمر الثورة اليمنية الخالدة.. أي خمسة عقود من الزمن... وبعد هذا الزمن، والعمر نجد أن التحولات التي حدثت لا تذكر بالنسبة للفترة الزمنية.. ويكفي دليلاً على ذلك ما نعيشه الآن من المتاعب، والمصاعب، والمعاناة من مشاكل كثيرة.. وما زال الشعب يبحث عن أشياء كثيرة كان من المتوجب أن تكون الثورة قد حققتها مثل العدل والمساواة والأمن والاستقرار، ما زال المواطن يبحث عن الماء، والصحة والكهرباء، والتعليم والعمل، والطريق والاستقامة الإدارية، والمالية، وإزالة الفوارق، والامتيازات بين المواطنين، ما زال الشعب يبحث عن الدولة المدنية العادلة، المسؤولة، دولة القانون والمؤسسات، ما زال الإنسان يشكو من العصبية القبلية والأسرية والعشائرية، والحزبية، والمذهبية، والمناطقية، والجهوية، وهيمنة هذه العصبية على أجهزة الدولة والتحكم بها، وبمن يتولى قيادات الحكومة وإدارتها.. وهم من يستحوذون ويجمعون بين السلطة والثروة، والموارد، وسبب في إعاقة إحداث التحولات الثورية الديمقراطية لصالح الشعب.. هذا الشعب الذي ما زال ضحية لقوى التخلف الاجتماعي، والديني، والعسكري المعوقة لكل محاولات إقامة الدولة المدنية الحديثة، والمعاصرة القادرة على تحرير البلاد، الأرض والإنسان من التخلف، والعبودية، والاستبداد. الإنسان في اليمن لم يحرر من قوى التخلف والاستعباد، والاستبداد ..لم يحرر فكرياً، فتفكيره متخلف، عصبي، خرافي، مأسور، ومقيد في سجن رهيب من العادات والتقاليد الاجتماعية المتخلفة، وغيرها من قوى التعصب والتطرف والتكفير الديني المتحالفة فيما بينها، ومع العسكرتارية لتشكل طاغوتاً يشكل كابوساً على رأس الشعب لا يمكنه من التنفس، وحكاية الديمقراطية الانتخابية هي أكذوبة وزيف في ظل عدم تحرر الإنسان اقتصادياً واجتماعياً، وفي ظل بقاء حاجاته الأساسية الحياتية، وأمنه الحياتي والمعيشي بيد هذه القوى، وغيرها من القوى البرجوازية الطفيلية.. مما يجعل الممارسة الانتخابية من قبل الإنسان غير حرة، وتتم تحت العديد من الضغوط، والهيمنة الاجتماعية المتخلفة.. ولذلك لم يحدث التغيير المطلوب، ولا حتى 10 % منه بعد «51» سنة من عمر الثورة.. لأن التغيير لا يستطيع أن يقوم به إلا الإنسان الحر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. وهو ما لم يتم بالنسبة للإنسان اليمني.. وذلك لأن الثورة عجزت عن تحقيق الدولة الثورية المدنية الحديثة والمعاصرة خلال خمسة عقود من الزمن. إن التحول والتغيير لا يمكن أن تقوم به سوى قوى الحداثة، والمعاصرة.. وهي قوى ضعيفة مهمشة، مقموعة، مقصية، لم تتح لها الفرصة، ولم تكن، لأن قوى التخلف هي الأقوى، وتمتلك عوامل القوة «السلطة ، الثروة، والموارد» والهيمنة على الآليات الأخرى مثل «الجيش والأمن» والوحدات الأمنية وأجهزة الأمن الأخرى.. الأمر الذي لم يعد أمام قوى التغيير والتحول، قوى الحداثة، والتطور إلى الارتماء في أحضان قوى التخلف المعوقة للدولة المدنية، ولتحرير الإنسان، التي تحرص على بقاء هيمنتها وسطوتها على الشعب حتى لا ينفلت من بين يدها، ويثور عليها.. إننا أمام متطلب الاستمرار في النضال من أجل تحرير الإنسان، وتثويره.