هنالك شعوب ذات امتداد تاريخي طويل يقال عنها أمة أصيلة أو شعب أصيل بما يعني سكاناً أصليين في بقعة ما من الأرض، وأكيد لهذه الشعوب الأصلية موروثات تاريخية عديدة يتناقلها ويفتخر بها جيل بعد جيل، بل وصلت في بعض الشعوب إلى مرحلة القداسة والتقديس لموروثات ما. ونحن اليمنين أرضاً وإنساناً من أقدم التكوينات البشرية لنا نصيب كبير في مكونات الحضارة الإنسانية. ومورث شعبي كبير متنوع ومتعدد غزير وهائل ومعروف ودونما أي شك بأن هذه الأرض هي مننبت أصيل للغة العربية، وهذا من العوامل التي جعلت موروثنا الشعبي موروثاً غزيراً، ومثلما ناسف على ندرة البحوث والدراسات والاستكشافات التاريخية وما يتعرض له هذا الإرث الإنساني من اعتداءات وسرقات وتخريب وطمس هوية يصاب موروثنا الشعبي بإهمال وتجاهل وعدم اهتمام ،فكل يوم يمر نفقد الكثير والكثير من هذا الموروث بل يدفن كل يوم على مساحات الوطن مع الأشخاص الذين يحملونه أو يجيدونه ويتقنون أداءه وعرضه سواءً كان المنتقلون إلى رحمة الله رجالاً أو نساءً والمدوّن زهيداً قد لا يذكر ما دونوه أناس حريصون بمجهودات شخصية. وفي اعتقادي بأننا جميعاً ندرك الطمس الذي يصيب هذا الموروث العظيم وأبنؤئنا وأحفادنا يكبرون أمام أعيننا وليس ذلك من اهتماماتهم وأنشطتهم ولا يدركون وجوده وأهميته في تكوين الشخصية الأصلية المرتبطة جذوراً وضاربة في أعماق التاريخ الإنساني يسيطر على اهتماماتهم أنشطة يمارسونها ويهتمون بها ليست منا ولا من عادتنا ولا تقاليدنا وهذا مما لاشك فيه يؤثر في تركيبة الشخصية طبعاً تأثيراً سلبياً. لا ينتقدون ولا يلامون لا التربية في البيت ولا المدرسة مهتمة ولا المؤسسات العامة ذات الصلة مهتمة بذلك ولا أعلامنا في محتوياته وفي ذاكرته ذلك، وهذا يحز بالنفس ويحزن ،فقد وصل الحال إلى أننا نشاهد على تلفاز ما شيئاً ما من تراثنا وموروثنا يُؤدى ويقدم دونما احتفاظا بالحق إلادبي والفكري وإن قلنا اثناء المشاهدة لأبنائنا أو أحفادنا هذا يمني سخروا منا ونعجز عن الرد أو الإجابة أو الشرح فماذا نقول وبمن نسخر هل نسخر من أنفسنا أو من المؤسسات المعنية! وفي هذا الغياب أو التغيب هنالك نافذة واحده وبعامل الصدفة أو الحظ اسمع سواءً كنت ماراً في الشارع أو راكبا سيارة ما تسجيلاً يبدأ في أوله شخصا بمقدمة، بما سوف يقدم يُعرف بالشاعر ونوع ما سوف يقدم وماذا يقصد فيه ومن المقصود وهذا المقدم تسجيلات الكوماني ذمار وفروعها، وما كنت أهتم بذلك أوآخذه بمأخذ الجد، وعلى هذا الحال سنون تمر إلى قبل أربعة اشهر واذا بأحد الأصدقاء يقدم لي شريطاً هدية وفوجئت القصيدة تعزية لشخص انتقل إلى رحمة الله أعزه جداً وعلاقتي به قوية منذ سنين هو المرحوم الشيخ محمد ناصر شرفات سمعت ما به واندهشت ودفعني ذلك إلى الاهتمام بهذا الجانب والبحث عنه في كل الاتجاهات العامة والى كتابة هذا الموضوع وجدت تسجيلات الكوماني هي المؤسسة الوحيدة والمتفردة بالاهتمام والتميز في التدوين والحفظ للشعر الشعبي والفلكلور اليمني ودفعني ذلك إلى زيارتهم إلى ذمار، فوجدتهم مجموعة تستحق كل الشكر والثناء والتقدير وجل الاحترام فبإمكانات متواضعة ومجهودات شخصية دونوا ذلك حافظوا عليه قرابة ما يزيد عن 45عاماً ساندوا وتبنوا عدداً كبيراً من الشباب الموهوبين، حافظوا على أهم موروث فكري وأصدقكم القول وأنا أمامهم دار في مخيلتي وأنا أسمعهم وأراهم كيف يقرؤون النص ويصيغون له اللحن.. وضعتهم بكفة ومؤسساتنا الإعلامية في كفة فكانت كفتهم هي الأرجح وعجزت أمام هذا الإبداع عن الكيفية واللغة التي أعبر لهم عن إعجابي وتقديري وإن كان هنالك من وسام خصصته الدولة لهذا المجال فهم الأجدر بهذا الوسام وإن لم يكن موجوداً فعلى الدولة أن توجده لتمنحهم والله من وراء القصد ،، رابط المقال على الفيس بوك