يغرق المجتمع اليمني في تفاصيل السياسة، ويبالغ في انتماءاته الحزبية والسياسية، ويدافع عنها كأنه يدافع عن شرف الوالدة، لا شيء يرجى من مجتمع يتشح الغباء كما يتشح «السماطة» ويمضغ الوهم كمضغه للقات. لا شيء يرجى من مجتمع يتحلّق حول أفراد يتداولون مصيره كتداولهم قصبة المداعة في ديوان مغلق لا يسمح لأحد أن يرتاده سواهم..!!. قيل إن هناك ثورة شبابية ستغيّر واقع هذا البلد، وستجعل منه البلد الذي يستحق، ولكن ما حدث هو أن رقعة الشطرنج الممدودة منذ عقد من الزمن غيّرت اتجاهها، وتغيرت أسماء أحجارها؛ فالملك صار وزيراً، والوزير صار جندياً، والقلعة صارت حصاناً، الأسماء ذاتها المتداولة منذ عرفتُ نفسي منذ زمن بعيد لا أتذكره جيداً ولكني أتذكر شمسه وريحه وأمطاره، لم يتغير شيء سوى مسميات الشخصيات ذاتها، ومن توفاها الله برحمته خلّفها أبناؤها بجدارة..!!. ويلح عليّ سؤال في منتهى الحقااارة؛ إن كان اليمن على اتساع رقعته الجغرافية والبشرية لم يستطع منح الثقة سوى لأشخاص بعينهم يمرّر مصير أكثر من خمسة وعشرين مليون فرد بين أصابعهم كما يمرّر المصلون ماء الوضوء بين أصابع أقدامهم، فلماذا يجب أن يبقى هذا الشعب هنا، لماذا يصرُّ على أن يقطن هذه البقعة المسكونة، لماذا يصرُّ على أن يظلُّ خادماً وعبداً لأفراد لا يملكون سوى المكر؛ ولا يجيدون سوى العبث والاستعباد..؟!. ألا يجب أن نبدأ في البحث عن وسيلة جديدة تجعل منّا مجتمعاً فاعلاً بعيداً عن سلطة الفندم «زعيط» والشيخ «معيط» ألا يجب أن نستثمر أفكارنا وطاقاتنا وحماسنا نحن الشباب جيداً بعيداً عن كل هذا العفن المسمّى «سياسة» ألا يجب فصل السياسة عن الإبداع والحماس الذي يزيّن فكر الشباب، بحكم أن السياسة عالم متسخ جداً، متسخ إلى حد استحالة التنفس جيداً في محيطه فضلاً عن التفكير..؟!. الاستثمار في الشباب مشروع ناجح لو أراد الشباب ذلك؛ ولكنهم يصرّون على السير في ذات القطيع المعصوب العينين إلى أي مكان يرتد فيه صدى صوت سياسي متعفّن لطول ما بقي على كرسيه ومنصبه، ما الذي يعانيه هذا المجتمع البكر، لماذا فقد حيلته ورضي بهذه المشقة..؟!. قبل أيام فقد ذلك الشاب المتعلّم المحاسب في أحد البنوك الكبرى أمله وحماسه وحبه للحياة ولأطفاله؛ فقد كل المشاعر والأحلام التي يمكن أن تربط الإنسان بالحياة، ألقى بطفلتيه من الدور خامس في المنزل الذي يقطنه ثم انتحر، معلناً لنا أن تراكمات سوء الوضع وسوء التدبير في هذا البلد الغارق في الحديث عن السياسة؛ متناسياً كل إمكانياته التي يمكن أن تغيّر ليس فقط وجه الوطن ولكن نفسية أبنائه لن تجلب لنا سوى مزيد من اليأس، مزيد من الجرائم، ليس الأمر كما يحلو لأقسام الشرطة والأطباء أن يبرّروه كلما فُجعنا بجريمة تخلخل الأمان النفسي المتبقي لنا ليظهروا يخبرونا أن الجاني أو المُجنى عليه يعاني حالة نفسية. يا أخي والله ما جاءت لنا الحالة النفسية إلا بسبب صوركم "البهية" اللي ننام ونصحى ونشب ونشيب عليها، فكوووونا يااااه..!!. رابط المقال على الفيس بوك