يدشن اليمنيون غداً «الخميس» الاحتفالات بأعياد الثورة اليمنية «سبتمبر وأكتوبر» بالتزامن مع اقتراب توصل أطراف مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى صيغة تفضي إلى قيام اليمن الجديد القائم على العدل والحرية والمساواة .. وهي القيم التي ضحى من أجلها رجالات الثورة للخلاص من ربقة الحكم الإمامي المستبد وطرد الاستعمار البريطاني من جنوب الوطن. ومن المناسب هنا التذكير بأهمية تمثّل روح ومضامين الثورة اليمنية ، خاصة ونحن نعيش مرحلة من أكثر مراحل التاريخ اليمني المعاصر دقة وحساسية، حيث تتطلب المسؤولية الوطنية والتاريخية تكاتف مختلف القوى السياسية على الساحة لإنجاز مسار التسوية والخروج بالوطن من أسر صعوبات الماضي إلى رحاب المستقبل. ولا بد ونحن نسترجع انعطافات الثورة اليمنية أن نسترشد بالدروس والعبر المستفادة بسلبياتها وإيجابياتها، خاصة تلك المرارات جراء الاقتتال والتناحر بين رفاق النضال والذي أضاع على الشعب اليمني ردحاً طويلاً من الزمن وعطل القدرات اليمنية في اللحاق بركب العصر والمتغيرات التي شملت حتى أكثر الشعوب تخلفاً. الخشية الحقيقية أن تكون تلك المرارات التي اكتوى بنارها اليمنيون طيلة العقود الخمسة الماضية مجرد ذكرى عابرة لا تثير شجناً أو تحث على الاتعاظ بها ، خاصة أن ثمة من يسعى راهناً لتعطيل العملية السياسية.. وبالتالي إعادة إنتاج التشظي والفرقة والاقتتال، الأمر الذي يضيّع فرصة تاريخية أخرى لالتقاط الأنفاس وتحقيق التطلعات التي انتظرها أبناء اليمن طويلاً، خاصة وهم يتطلعون إلى أن تكون مخرجات الحوار الوطني بمثابة البلسم الشافي لمجمل مرارات الماضي. ومع أهمية وضرورة الاتعاظ بتجارب الماضي المريرة في سِفر الثورة اليمنية .. نرى أن ثمة من لا يعير هذه الحقائق أدنى اهتمام وهو يحث الخطى في اتجاه سد منافذ الحوار وإغلاق فرص البحث عن مخارج تضمن سلامة التجربة من الفشل. ومع ذلك ستبقى قيم الثورة اليمنية ماثلة في الأذهان، يستحضر فيها الجميع حجم التضحيات التي اجترحها طلائع الثوار وهم ينشدون الخلاص من التسلط والاستبداد والقهر والانغلاق وكل أشكال العسف والطغيان، فضلاً عن ضرورة استحضار أهمية التغيير كضرورة حتمية لترجمة تلك التطلعات وبناء اليمن الديمقراطي الحديث الذي يحفظ للإنسان كرامته ويصون مقدراته ويرسخ مبادئ العدل والحرية والمساواة والازدهار .. وهو ما يجب أن نستحضره كذلك واليمن أمام مفترق طرق، حيث يتوجب أن تكون الذاكرة الوطنية حاضرة للاستفادة من دروس الماضي المريرة، والبحث عن موطئ قدم بين الشعوب المتحضرة، فضلاً عن العمل الجاد والمخلص لتجنيب الوطن مغبة تجريب ماضي الاحتراب والذي سيعيدنا – بالنتيجة – إلى نقطة الصفر!. رابط المقال على الفيس بوك