المفكر السياسي، الكاتب، الصحافي، الباحث، الأديب، الإعلامي، وغيرهم ممن يتعاملون مع القلم، يفترض أن يكونوا على درجة عالية من الأمانة والحرص على أمانة الكلمة، وأن يتحروا العدل والإنصاف عندما يتناولون الأحداث، والنظم، والشخصيات، والحركات، والتحولات.. ولا ينجروا وراء العواطف بكل أشكالها، وألا تأخذهم انتماءاتهم السياسية، والحماس، والاختلاف عن هذا، أو ذاك بعيداً عن الحقيقة، عن العدل، عن أمانة الكلمة، عن الإنصاف، عن الموضوعية والمنطق أثناء الكتابة وإمساك القلم، فالكلمة مسئولية عظمى لا يجوز خيانتها، أو التفريط بها؛ لأن ذلك التفريط أو الخيانة تهبط بقيمة ومكانة صاحبها.. فإن حدث ذلك لأحد فمن الصعب استعادة مكانته، واستعادة ثقة القارئ بقلمه. لن أطيل الحديث عن الإنصاف والعدل عندما نكتب عن حدث أو واقعة، أو تحول، أو تطور، أو شخص، أو جماعة، أو حزب، أو حركة، أو زعيم، أو رئيس؛ لأن العدل والإنصاف يقتضيان الكتابة عن السلبي والإيجابي في ذلك، وأنا بصدد الكتابة عن الرئيس السابق لمصر العربية محمد حسني مبارك.. ليس دفاعاً عنه، ولكن إنصافاً له. محمد حسني مبارك الذي قامت ضده ثورة الربيع العربي في ال25من يناير 2011م حتى استقال في 11فبراير 2011م، وهذا شيء طبيعي، وأنا مع رحيله، وكان يجب أن يرحل من سنين وبنفسه؛ لأنه أصبح كبيراً في السن، وترك الدولة من سنين لشلة في الحزب الوطني، وبرئاسة ابنه جمال ليفسدوا، ويعبثوا بمصر، وبمقدراتها، ولذا نجد أن أكثر أركان نظامه مازالوا قيد المحاكمات.. بينما هو بريء من كل الدعاوى التي نسبت إليه هذا من ناحية. من ناحية أخرى يكفي أنه ترك لمصر وشعب مصر جيشاً وأجهزة أمنية قوية وسليمة ومؤهلة ومجهزة بإمكانات هائلة، وذات كفاءة وخبرة عالية، وعقيدتها وطنية قومية، هي أن تموت من أجل مصر وشعب مصر، ولم يسمح مبارك خلال حكمه لأي أحد أن يمس المؤسسة العسكرية والأمنية، فسلمت من الفساد، والعبث، وقد كشفت الأحداث من 25يناير 2011م حتى الآن عن الكفاءة، والخبرة، والقدرة، والحرفية في الأداء، والانتماء إلى الشعب، والوقوف في صفه، بل لقد كشفت الأحداث أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تمتلك قيادات ذات تأهيل عال، وولاؤها لمصر وشعب مصر، وتتسم بأنها تمتلك ثقافة وفكراً عالياً، وليس بعضلات قوية فقط.. وخلال الأحداث تعاطت بالفكر، وحتى الآن، حتى أجبره على استخدام العضلات حين لجأ البعض إلى العنف والإرهاب. القوات المسلحة والأمنية لاحظت أنه خلال سنة من حكم الإخوان يونيو 2012م حتى يونيو 2013م.. أن الجماعة يتجهون بمصر إلى الهاوية.. وأن حركة شبابية تشكلت هي حركة تمرد التي لقيت أصداء لدعوتها بإسقاط الإخوان، واستعادة مصر والثورة منهم، وحصلت على أكثر من 22مليون توقيع تؤيد دعوتها ونصرتها لإسقاط النظام.. ودعت في بداية يونيو إلى عودة المصريين إلى الساحات والميادين، وأمام وزارة الدفاع في عموم مصر لتعتصم حتى رحيل الرئيس مرسي وحكم الإخوان بدءاً من 30يونيو 2013م، وواجه الإخوان ذلك بالتهديد والوعيد والتكفير لشعب مصر.. ودعت إلى اعتصامات مماثلة وصار الوضع خطيراً.. فتدخلت القوات المسلحة، ودعت الإخوان والقوى السياسية إلى الحوار، والوصول إلى حلول تنهي المشكلة، وتجنب مصر حرباً أهلية، ومضى الأسبوع، ونزل الملايين إلى الساحات والميادين وأمام وزارة الدفاع مطالبين الجيش الذي تواصل مع الداخلية بإعطاء الإخوان والقوى السياسية 48ساعة للخروج بحلول وفاقية.. لكن مرت الساعات ال48دون اتفاق. وعليه قام الجيش والأمن بإعلان خارطة طريق علقت الدستور وعينت رئيساً مدنياً مؤقتاً، وكلفتهم بتنفيذ خارطة الطريق وتشكيل حكومة كفاءات لإدارة البلاد.. فهلل الشعب وكبر.. بينما الإخوان لجأوا إلى العنف فتصرفت معهم قوى الأمن بكل كفاءة ومهنية، وبأقل الخسائر.. بينما قام الجيش بالتعامل مع الجماعات الإرهابية في سيناء.. لتثبت المؤسستان أن مبارك قد حافظ على المؤسستين وعقيدتهما الوطنية وولائهما للشعب، وعمل على تطويرها وحمايتها من الفساد، وهذا محسوب لمبارك. رابط المقال على الفيس بوك