القرآن الكريم أعظم كتاب لعلاج أدواء حياتنا... لكن كيف نستخدم هذا العلاج؟! العلم الواعي يحقق وعي المجتمع والأفراد، وكل علم يسبقه جهل ويعتريه نسيان، لكنه يظل طريقاً نحو التغيير للذات الإنسانية وتوجهاتها. القدرة على خوض غمرات العلم ليس بفك أبجدياته الأولية بل بتوجهات مفرداته نحو الوعي والارتقاء. نهضة الأمم والشعوب إنما تكون بالعلم والعلم المتنوّع، والتجارب السابقة لكثير من تلك الأمم الناهضة هي إعطاء العلم أولويات الاهتمام والتسيد، والفارق كبير بين أمة تهتم بالتقنيات المادية فقط وبين أمة تزاوج بين مادية الحياة وروحها، وتفرد لروح الحياة مساحة كبيرة للعلم. شدّني مقال للكاتب المصري المنشور في مجلة دبي الثقافية العدد(102) بعنوان (الرواية علاج لأمراض النفس والجسد والروح معاً)، عرض الكاتب ما أسماه صرعة ثقافية: العلاج بالقراءة أو بالكتب). الحقيقة إننا جميعاً نسمع أو قرأنا أن هناك بعض العيادات المتخصصة تقوم بمعالجة أمراضها الوافدين إليها بعلاج سماع الموسيقى، ووجود نتيجة التأثير الوجداني والنفسي لهذه الطريقة العلاجية، غير أن العلاج بالقراءة وفق دراسة نفسية وواقعية مرتبطة بالحالة النفسية والشعورية قد تكون أكثر أثراً وأنفع فائدة، بحيث لا تعالج(الذات النفسية) لحالة مؤقتة بل تعمل انقلاباً في حياة الفرد نحو التغيير الشامل من حالة مصابة إلى حالة فاعلة ومؤثرة. قام الكاتب بعرض حادثة قامت بها المؤلفة (إلا برثود) مشاركة مع صديقتها المؤلفة (سوزان الدركن) بعد دراسة استغرقت 25 عاماً بتأليف كتاب جاء اسمه بعد ترجمته وطباعته الثانية (العلاج بالرواية: العلاج الأدبي من الألف إلى الياء). أضاف الكاتب بعض الإشارات لما ورد في كتاب المؤلفتين، فالمرض النفسي والروحي والجسدي وبجانبه العلاج(الكتاب أو الرواية)(تشخيص الداء وإعطاء الدواء).فعلى سبيل الأمثلة: (اللامبالاة أو جمود الإحساس: ساعي البريد يدق جرس المنزل مرتين/ التقمص الوجداني: جوني حصل على بندقيته/الإفلاس: جاتسبي العظيم/الإهمال: الأمير الصغير الأبوة : الطريق/المقامرة: رجل الزهر/مريض الحب: ثمن الملح/الخوف من الموت: مائة عام من العزلة/الفقر: الهدية الحقيقية/البدانة: الصرخة الآتية من بعيد/التسويف : بقايا النهار/الغضب الشديد: اصرخ يابلدي الحبيب/العجز عن الكتابة : توقف الكاتب عن الكتابة لأسباب نفسية/كراهية الأجنبي: أغاني الثوم/ الاشتياق: الحرير). نحن كمجتمع عربي لدينا عالم زاخر بالكتب والروايات التي تعالج أدواءنا، وتشكّل وعينا، وترسم مسار حياتنا، بل وتجلد ذاتنا المنتفخة وتلسع غفلتنا النائمة، ترتقي بنا لتصصح حياتنا وخيباتنا المتكررة. يمكننا فقط أن نضع (أسلحتنا القاتلة) جانباً ليحل مكانها (سلاح العلم) ولا علم إلا بالقراءة، ولا قراءة إلا بالوعي والفهم بحالنا الراهن المطحون تحت جهلنا وأمراضنا. رابط المقال على الفيس بوك