كالعادة لازلت كغيري من الأمهات والأخوات اللواتي تنتابهن حالة من التشاؤم والغلق بعد كل مرة يتحدث فيها الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية منذُ أن صعد للرئاسة بانتخابات 21 فبراير 2012 م - عن الانتصارات والنجاحات التي تحققها اليمن في حروبها على الإرهاب في اليمن .. وليس في الأمر ما يتعلق بالكراهية أو عدم الرضا لحديثه .. بل على العكس فالرجل كل يوم يبرهن للداخل والخارج بإعماله وأفعاله أنه صادق ووفي مع شعبه ومحارب الإرهاب بكافة صوره وإشكاله ويتجلى ذلك من خلال حرصه على ربط القول بالفعل ، وهذا ما يجعل ردة الفعل الصادرة من تنظيم القاعدة أو من الأطراف التي تتقاطع مصالحها مع بقاء نشاط التنظيم في اليمن تصدر مباشرة بعد نشر أي تصريح له يتعلق بنجاحاته في الحرب على الإرهاب في اليمن. هذه المرة بمجرد أن أكملت قراءتي لحوار صحفي مع فخامته نشر في صحيفة (الشرق الأوسط ) بتاريخ 22 نوفمبر 2013 م العدد (12778) .. حتى إقراء رسالة إخبارية بالجوال تنقل خبر اغتيال البرلماني وعضو الحوار الوطني الدكتور عبد الكريم جدبان ، المقرب من جماعة أنصار الله له والذي اغتيل غدرا مساء نفس اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2013 م ، برصاص مسلحين كالعادة يستقلون دراجة نارية ولاذوا بالفرار ، بعد أدائه صلاة العشاء في جامع الشوكاني في العاصمة صنعاء ، والذي اعتبرته واعتبره كثيرون أنه جاء كرد مباشر من تنظيم القاعدة أو تلك التيارات التي أصبحت مصالحها تتقاطع وتتشابك يكاد أن يكون شبه علني هذه الأيام مع أهداف القاعدة وأنشطتها وبقائها مسيطرة على الساحة السياسية والإعلامية ووصول تأثيراتها السلبية على مجريات الحوار والتسوية السياسية للازمة في اليمن – وبالنظر إلى ملابسات وأدوات هذه الجريمة المدانة والمحرمة شرعاً كما جاء في قوله تعالى: “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق” (33) الإسراء، سيتبين أنها تحمل نفس بصمات ارتكاب جرائم القاعدة، مع اختلاف وجهات النظر حول السؤال المطروح من المستفيد من الجريمة؟! التي لاشك أنه قد يكون هذه المرة المستفيدون من ارتكاب هذه الجريمة كثر مع التعقيدات التي تشهدها اللحظات الأخيرة لإنهاء الحوار الوطني ، وحرب دماج وغيرها.. لكن كثيرا من المؤشرات تؤكد أنها جريمة مشتركة بنتائجها تصب لصالح القاعدة وبعض التيارات، وهذا أمر خطير اذا ما صحت هذه التوقعات والاتهامات المتبادلة بين الأحزاب التي وصلت إلى أروقة مجلس النواب وما شهدته جلساته من اتهامات ومشادات كلامية بين أعضاء ابرز الكتل فيه ، وتكمن خطورته في انتقال تقاطع الأهداف والمصالح الخفية بين بعض التيارات والتنظيمات الإرهابية، إلى مستوى الشراكة في الأهداف وهذا لاشك انه سيؤثر على صناعة المستقبل، و سيستفيد في الأخير منه تنظيم (القاعدة) لإعادة لملمة أشلائه، بعد أن بدأ نشاط تنظيم القاعدة في اليمن بالانحسار مقارنة بعامي 2011 و 2012م، كما جاء على لسان هادي في الحوار المشار إليه في صحيفة “الشرق الأوسط “ بسعيها الحثيث لمعالجة مكامن ضعفها وما ألحقته بها من هجمات طائرات بدون طيار التي حققت نجاحا في القضاء على أعمدتها باستهداف قياداتها لتضع أمامها عددا من الأهداف لتحقيقها سعياً منها لاستعادة قوتها بعد فشلها في إقامة إماراتها الإسلامية ومن تلك الأهداف استقطاب الشباب والعاطلين عن العمل واستغلال الأوضاع غير المستقرة في اليمن والحروب والنزاعات واستمالة الشباب واستقطابهم ودغدغة عواطفهم ، لتحقيق تلك الأهداف، ولتأكيد ما قاله الرئيس هادي في اكثر من مناسبة وآخرها ما جاء في (الشرق الأوسط) الذي قال فيه “إن نشاط تنظيم القاعدة في اليمن بدأ في الانحسار مقارنة بعامي 2011 و 2012، بفضل جهود السعودية، ودول الخليج، و أن عناصره اختارت الهجرة عن اليمن بعد الحملة الأمنية الشرسة التي شنت ضد قواعده في محافظة أبين، وأن عناصر التنظيم فضلوا الهجرة إلى دول أخرى مثل سوريا ومصر وليبيا والمغرب العربي، حيث تعيش هذه الدول اضطرابات”. وما بيان القاعدة الذي تلاه القيادي البارز في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، حارث بن غازي النظاري، بصوته على اليوتيوب “و وسائل الإعلام في 12 نوفمبر 2013 م، الذي اتهم فيه الحوثيين (انصار الله)” بشن حرب إبادة على السلفيين بمنطقة دماج بمحافظة صعدة شمال اليمن .. وتوعد بنصرة السلفيين وتقديم العون لهم والمدد، وأن الهجوم على مركز دماج بصعدة، يدل للقريب والبعيد مدى الإجرام الذي تمارسه جماعة الحوثي باسم آل البيت - رضوان الله عليهم - وآل البيت منه براء”، وما تضمنه أيضاً من عبارات لدغدغة العواطف “نقول لهم أن جرحكم هو جرحنا وأن مأساتكم هي مأساتنا وأن عدوكم هو عدونا .. فلننسى كل خلاف، فاليوم يوم التناصر والتعاضد والاتفاق و الاتحاد على عدو لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة”- إلا تعزيز لما ذهبت إليه قناعة الكثير منا، بأن القاعدة تسعى لاغتنام الفرص لاستمالة السلفيين، وكسب ودّهم لمعالجة مكامن الخلل، والضعف الذي يعاني منه التنظيم من خلال استغلال النزاعات، والحروب والأوضاع غير المستقرة، واستغلال الصراع السياسي، والديني للتيارات السياسية، والدينية لتحقيق غايتها وأهدافها القريبة والبعيدة . ورغم الرفض العلني والمطلق من قبل السلفيين لعروض تنظيم القاعدة “إنهاء الاختلاف ونسيان الماضي، والحث على الاتحاد والتعاضد، وتوحيد العدو” فإن استمرار ارتكاب بعض الجرائم التي تحمل بصماتها نفس بصمات جرائم تنظيم (القاعدة) أو تؤكد علاقة ارتكابها بالتيارات الصديقة له والتي كان آخرها جريمة اغتيال الدكتور عبد الكريم جدبان باعتبارهم جميعاً المستفيدين منها، لا يمكن الإغفال عنه كونه يعد أسلوباً وعملاً ممنهجاً، يتطلب فضحه بعد أن اصبح مؤشراً عن إصرار التنظيم وعزمه على تحقيق أهدافه وبوسائل اكثر خسة ودناءة، عبر خلاياها النائمة، التي بها ومن خلالها يساقون كالبهائم إلى مقابر المذلة والعار لأنهم يباعون ويشترون في سوق النخاسة بأرخص الأثمان، كالبضائع المهربة التي لا عنوان ولا هوية لها، لتحقيق أهدافهم ومآربهم ومقاصدهم التي غايتها إدخال اليمن في دوامة الصراعات الهمجية، واستدامة حالة اللا أمن، أو اللا استقرار، وإدخال اليمن في أتون حروب دائمة لا تقوم لها قائمة عن طريق الكثير من الوسائل التخريبية لإثارة الفتن والقلاقل والحروب، وإدخال المجتمع اليمني بكل شرائحه، وتياراته السياسية والمؤسسات التشريعية، وحكومة الوفاق في دوامة الانشغال، وتبادل الاتهامات فيما بينها ، وعدم الالتفات إلى القضية المحورية، و الأساسية لاتخاذ ما يمكن اتخاذه لسد الثغرات، ومعالجة بعض القضايا والمشكلات وأبرزها “حرب دماج” التي يوفر استمرارها للتنظيم عددا من العوامل المهمة لعل في مقدمتها، صرف الأنظار عنه وعن أنشطته، وهز الاصطفاف المجتمعي الحكومي لمحاربته، وتحويله لها إلى منابع رئيسية لاستقطابه ورفد صفوفه بقوى ودماء جديدة في وإبقاء هادي وحيداً يحارب الإرهاب في اليمن. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك