القيادة العسكرية والأمنية فن وعبقرية وأمانة    تقرير أمريكي يكشف عن حجم أضرار (ترومان)    اهداف الصراع الدولي على الصومال ..أبرز اللاعبين    الاحتلال يرفض فتح معبر رفح وترامب يهدد حماس    أقصى فرنسا.. المغرب إلى نهائي مونديال الشباب    سعودي الناشئات يتعادل مع لبنان    الفرنسي رينارد يقود السعودي في المونديال وآسيا    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    شرطة عدن تعلن عن مستجدات في قضية اغتيال شيخ العقارب    السقلدي: من يترحم على الاحتلال البريطاني يهين دماء الشهداء ويشكك بمشروعية الثورة    من قتل الحمدي قتل أمين؛ ومن قتلهما قتل اليمن    قراءة تحليلية لنص "فضاءٌ ضاق بطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    لحج.. ندوة نسوية تناقش تمكين المرأة الريفية في التنمية    صنعاء: ضبط 2,957 دراجة نارية خلال 5 ايام    هل نشهد قريبًا تحركًا حقيقياً لإعادة تشغيل مصفاة عدن.!    دي يونغ يجدد عقده مع برشلونة حتى عام 2029    سقوط كذبة الحكم الذاتي واحتراق ورقة الإخوان في حضرموت    انتقالي يهر والسلطة المحلية يكرمان أوائل طلاب ثانوية الشهيد عبدالمحسن بالمديرية    تقرير : أكتوبر مجيد عهد جديد.. الجنوب يحتفي بالذكرى ال 62 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيد    عطيفي يتفقد أعمال الجمعية الزراعية في باجل بالحديدة    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    اعتقال مسؤول محلي سابق وناشط مدني خلال تظاهرة احتجاجية في عدن    صندوق المعاقين يحوّل الدفعة الثانية من المساعدات الدراسية للعام 2024-2025    تعز تودع شهيدين من أبطال الجيش الوطني    مرصد منظمة التعاون الإسلامي: الأقصى يواجه اقتحامات إسرائيلية يومية رغم وقف إطلاق النار    الذهب يرتفع قرب مستوى قياسي جديد    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    انجاز امني: ضبط عصابة خطف التلفونات بالدراجات النارية    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    ترامب: المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت وحماس ستتخلى عن سلاحها    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو في السعودية إلى 4% في 2025    ما سر حضور رئيس فيفا قمة شرم الشيخ؟    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إين هي حرية الاختيار المزعومة؟!
نشر في يمنات يوم 08 - 07 - 2025


عبد الوهاب قطران
أنا لم أوقع عقدًا مع الحياة.
لم أجلس على طاولة الكون لأُدلي برأيي في وجودي.
جئتُ كما تسقط السماء قطرة في عرض المحيط، تائهة لا تعرف الشاطىء ولا السؤال.
لم أختر أن أكون ،فكيف يطلب منّي أن أكون كما يريدون؟
لم أكن شاهدًا حين قرر اسمي، ولا كنت موجودًا حين قُررت القبيلة، أو حين خُتم على جبيني بختم الطبقة، والجنسية، والمكان والزمان.
أُخرجت من العدم كما يُقتلع حجر من جوف الجبل، لا رأي لي في الزمان الذي نزلت فيه، ولا المكان الذي تسلّمت فيه أول شهقة هواء.
لم أُسهم في هندسة سلالتي،
ولا وضعتُ أصبعي على خريطة اليمن لأقول:
هنا أُولد،
وهنا أكبر،
وهنا أُقذف إلى الحياة مثل سهمٍ طائش في عاصفة.
لم أختر المدرسة التي دخلتُها،
ولا الطباشير الذي علّمني أول الحروف،
ولا المدرّسين الذين زرعوا في رأسي أسلاك الطاعة،
ولا المقاعد التي شهدت أول خيبتي، وأول عزوفي عن كل شيء.
لم أختر نمط العيش في طفولتي، ولا القيم التي تشبّعت بها بالوراثة، ولا الأغاني التي شكّلت وجداني، ولا صور القادة على الجدران، ولا الشعارات التي كانت تُدلق في أذني بطابور الصباح بمعهد التوفيق كما يُسكب الزيت على النار.
لم أختر الظرف، ولا الطريق، ولا المنعطفات التي زُرعت دون إذني.
لم أُمهل لحظة لأفكر في مهنتي، ولا في مسؤولياتي، ولا في ثقل السنين الذي ألقته الحياة على كتفي كما تُلقي الجبال ظلها على الوادي.
أنا الذي جنى عليّ أبي،
لا لأنه أراد بي شرًّا،
بل لأنه سلّمني ميراثًا لم أختره،
وقلت: نعم.
ثم كرّرتُ العبء ذاته
وجنيت على خمسة أولاد،
أحببتهم أكثر مما أحببت نفسي،
لكنني لم أكن حرًا حتى في أن أمنحهم ما لم يُمنح لي.
كل ما فيّ حُفر قبل أن أبدأ.
حتى أحلامي كانت مسروقة من قبلي،
مزروعة في رأسي كألغام نائمة،
أحلام لا تشبهني.
ولا تشبه الطريق.
ورغم ذلك، لم أركع.
لم أبيع كرامتي على رصيف الأوهام.
لم أتسوّل شيئًا من أحد.
ولم أجعل من أوجاعي أداة للاستعطاف.
أنا رجلٌ يكتب وجعه كما تكتب الجبال صمتها،
رجلٌ حين يُخدَش، لا يصيح
بل ينزف قصيدة.
رجلٌ حين يُظلم، لا يطلب الرحمة.
بل يواجه الكون بصدره العالي.
فأين هي حرية الإنسان المزعومة؟
أين العدالة في أن يُحاسَب المرء على حياة لم يختر ملامحها؟
أين المساواة؟ حين يولد أحدهم على وسادة من حرير،
ويولد الآخر على حجرٍ في العراء؟
لم أكن ضعيفًا يومًا،
لكنني كنت مدركًا لكل ما فُرض عليّ.
مدركًا أن هذا العالم ليس ساحة عدل، بل مسرحًا كبيرًا تُصفّق فيه الجماهير للطغاة والمجرمين،
وتُقصى فيه العقول الحرة إلى هامش الحكاية.
أنا لست ضحية.
أنا شاهد.
شاهد على قرونٍ من التزوير،
وشاهد على شعبٍ يُسلَب كل يوم تحت رايات الكذب.
وشاهد على نفسي، كيف مضيتُ رغم الريح،
رغم الضيق،
رغم صمت العالم.
لهذا، لن ألوذ بالصمت.
سأكتب،
وأشهد،
وأترك أثرًا فوق جدار الحياة،
يقول:
هنا كان رجلٌ لم يُمنح شيئًا،
لكنّه اختار أن يكون صوتًا حرًّا في زمن الخضوع.
وعلمًا مرفوعًا من كبرياء لا تنحني...
إلا لخالقها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.