حرب الخدمات، وانهيار العملة، والتجويع المتعمد، والحرمان من أبسط مقومات الحياة... كلها فصول من مأساة يومية يعيشها المواطن الجنوبي في وطنه كغريب، يتجرع مرارة الفقر، وبؤس الحال، وسط انعدام شبه كامل للخدمات، وضيق لا يحتمل في سبل العيش. وكل هذا يحدث بينما يتصدر المشهد من يتحدثون باسم الجنوب من فنادق الخارج، ينعمون برغد العيش، وقد تخلوا عن الشعب وقضيته، وأصبحوا مرتهنين لقوى لا ترى في الجنوب سوى ورقة مصالح. تركوا عدن والجنوب يغرقان في الحرمان والموت الصامت، وكأن الأمر لا يعنيهم. فهل باتت حماية هذا الشعب وتغيير هذا الواقع المهين مجرّد حلم مؤجل؟ أم سنقف أخيراً ونقول: إما أن نكون...أو لا نكون؟ أعلم جيداً أن هناك من يملك من الحكمة ما يجعله يتفهم ما أكتبه، ويقرأ كلماتي بروح وطنية صادقة. وأشهد الله أن كل حرف في هذا المنشور نابع من محبتي العميقة للجنوب، ووفائي لشعبه الصامد، وتضحياته العظيمة منذ انطلاقة الحراك الجنوبي في عام 2007م. ما أطرحه ليس تهجماً ولا تشويهاً، بل هو نداء مخلص لتصحيح المسار قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة. فالمتربصون كثر، والخطر يترصد من كل الجهات، وما إن يسقط الثور، حتى تتكالب عليه الذئاب والخبثاء لذبحه دون رحمة. فهل سننتظر تلك اللحظة؟ أم نعيد حساباتنا، ونقف صفاً واحداً، بشرف وصدق، من أجل الجنوب وأهله؟ المحبة تقتضي المصارحة، والوفاء يفرض علينا قول الحقيقة...وإن كانت موجعة. فلم يتبقَّ لنا إلا خطوات محسوبة وعقلانية في معركة وجود لا تقبل التردد..!! ويبقى الجنوب، كما عهدناه، حراً أبياً، شامخاً...لا ينكسر.