عاد مصطلح "الجنوب العربي" إلى الواجهة مجددًا، بعد تصريح لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، حول ضم محافظتي تعز ومأرب إلى ما سماه "دولة الجنوب العربي"، والتي ربط إعلانها بانهاء جماعة الحوثي. حضرموت ليست جنوبية وفي هذا السياق، دار سجال بين هاني وعمرو، نجلي نائب رئيس دولة الوحدة اليمنية (1990 – 1994) علي سالم البيض، على خلفية مقال نشره هاني على حسابه في "إكس"، قال فيه إن حضرموت ليست جزءًا من الجنوب العربي، معتبرًا ذلك حقيقة تاريخية يجب أن تكون واضحة. مصطلح استعماري وأشار هاني البيض، المعروف بواقعيته السياسية وآرائه المستقلة، إلى أن الحديث كثر مؤخرًا عن ارتباط حضرموت بما يسمى "الجنوب العربي"، مؤكدًا أن المصطلح وُلد ضمن خطط بريطانية استعمارية في خمسينيات القرن الماضي، لكنه لم يصمد سياسيًا واجتماعيًا. بين جنوبين لكن عمرو البيض، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، قال عبر حسابه في "إكس" إن "الجنوب العربي" لا يعني "جنوباليمن"، بل يشمل جنوب الجزيرة العربية بامتدادها من حضرموت والمهرة إلى عدن وسقطرى. وأضاف أن البعد الجغرافي للاسم ليس ضعفًا، مشيرًا إلى أن "اليمن" أيضًا أساسه جغرافي، أما القوة فهي في المشروع اللامركزي الحديث والمتعدد المستند إلى تاريخه العريق. حقيقة تاريخية وأكد هاني البيض أن التاريخ ينفي أي علاقة لحضرموت بهوية أو كيان الجنوب العربي، مستعرضًا عدة أسباب. ومن الاسباب التي اوردها ان حضرموت كانت كيانًا سياسيًا واقتصاديًا شبه مستقل، ومن الناحية الاجتماعية مثلت منظومة ثقافية واجتماعية منفردة. مشيرا الى ان سلطنتا القعيطي والكثيري في حضرموت ظلتا خارج اتحاد الجنوب العربي الذي أنشأته بريطانيا عام 1959، وصُنفت حضرموت ضمن ما سُمّي "المحميات الشرقية". اختلاق واضاف ان الجنوب العربي مسمى استعماري، لم يُعرف تاريخيًا شعبيًا أو رسميًا، حيث اختلقته بريطانيا وحلفاؤها المحليون لجمع مشيخات عدن في اتحاد فيدرالي دون مشاركة حضرموت. رفض وأشار إلى أن سلطنتا حضرموت القعيطي والكثيري رفضتا الانضمام إلى اتحاد الجنوب العربي، وسعتا لتشكيل اتحاد خاص بالمحميات الشرقية، إلا أن المشروع لم يكتمل بفعل انسحاب بريطانيا والتطورات اللاحقة. واختتم هاني البيض بالقول إن حضرموت؛ أرض وهوية وتاريخ، ولم تكن يومًا جزءًا من كيان الجنوب العربي، بل حافظت على استقلاليتها حتى آخر لحظة من الوجود البريطاني. منحى ديني من جهته، أوضح عمرو البيض أن ارتباط حضرموتبالجنوب العربي له بعد ديني، معتبرًا أن المدرسة الحضرمية الشافعية لم تكن مجرد فقه، بل الرابط الثقافي والديني الذي وحّد الجنوب العربي اللامركزي وحافظ على تماسك نسيجه الاجتماعي رغم تنوع مناطقه وهجراته. قوة جيوسياسية ورأى هاني البيض أن حضرموت ليست مجرد كيان اجتماعي وجغرافي، بل منظومة استراتيجية متكاملة، تمتلك مقومات الدولة وأدوات التأثير، وتمثل قوة جيوسياسية صاعدة تمتد بجذورها من التاريخ وتتجه بثبات نحو المستقبل. مشاريع التمزق وتكشف مقاربتا نجلي البيض عن رؤيتين متباينتين: فهاني يبدو مدافعًا عن استقلالية حضرموت في حال انهيار الوحدة السياسية للجمهورية اليمنية، بينما عمرو يتبنى موقفًا انفصاليًا ملتزمًا بخط الانفصال الذي يدعو إلى استعادة دولة ما قبل 22 مايو 1990، لكن بعيدًا عن الهوية اليمنية. وتعكس المقاربتان أن مشاريع تجزئة الجغرافيا اليمنية تتجاوز فترة ما قبل 1990، نحو إنشاء كيانات صغيرة أشبه بالإمارات والسلطنات والمشيخات التي كانت قائمة في الجنوب قبل إعلان الاستقلال عن بريطانيا في 30 نوفمبر 1967م. تم نسخ الرابط