من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء حفظ النفس، وتواترت النصوص الشرعية الداعية للحفاظ على حرمة النفس، بل حذرت حتى من مجرد ترويع المسلم ولو على سبيل المزاح. إلى من طوعت لهم نفوسهم التحريض على القتل أو التخريب ماذا أنتم فاعلون أمام الله تعالى وقد تواترت النصوص الشرعية تحذر من القتل والتخريب، فلنُفق، ولا داعي للعصبية، ولنعد إلى الله وليضع كل منا يده في يد أخيه كي نصلح بلادنا، ولا نسمع لهذا أو ذاك، فالأعداء كثر يريدون لليمن أن تتفرق وأن تتراجع، فهل يحق لأبنائها أن يعاونوهم على ذلك؟! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرًا”، و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ لم يزال المؤمن في فسحة من دينة ما لم يصب دمًا حرامًا». ومن هنا فقتل المسلم - سواء أكان جنديًّا في الجيش أو الشرطة أو متظاهرًا أو مارًّا في الطريق- لا يُبنى على الشك أو الظن أو التخمين، أو مجرد مخالفة الفكر، فإلى كل غيور على دينه وعرضه ووطنه، إلى كل الذين يعيرون سمعهم لأولئك الداعين للتخريب والقتل وإراقة الدماء، دعكم من هؤلاء الذين اعتادوا ونبتت جلودهم وأجسامهم على السحت وأكل الحرام. أخي المؤمن إياك إياك أن تقع في دماء المسلمين ؛ فإنَّ المعلوم من الدين بالضرورة وتواترتْ به الأدلة من جميع المصادر الشرعية ، حُرمة دم المسلم؛ فإنَّ المسلم معصوم الدم والمال، لا تُرفعُ عنه هذه العصمة إلاّ بإحدى ثلاث؛ حيث قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يَحلُّ دمُ أمرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: كَفَرَ بعدَ إسلامهِ، أو زَنَى بعد إحصانهِ ، أو قَتَلَ نفساً بغير نفس» ، وما عدا ذلك ، فحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة ، بل من الدنيا أجمع. وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا» ، وهذا الحديث وحده يكفي لبيان عظيم حرمة دم المسلم، ثم تذكر ماذا سيكون موقفك عند الله يوم القيامة إنْ أنت وقعت في دم حرام ، نسأل الله السلامة، وهكذا يتضح لنا إلى أي مدى كان تشديد رسولنا الكريم على أهمية حرمة سفك دم المسلم، قال المفسرين عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [ النساء: 93 ]: “يقول الله تعالى: ليس لمؤمنٍ أنْ يقتل أخاه بوجه من الوجوه ، وكما ثبت في أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلُ دم امرئ مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة » ، ثم إذا وقع في شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أنْ يقتله، وإنَّما ذلك إلى الإمام أو نائبه “ ، وقالوا تفسير نفس الآية: “وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله، حيث يقول الله سبحانه في سورة [الفرقان: 68] {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ} الآية، وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} إلى أنْ قال: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [ الأنعام: 151 ]، وعلى المسلم أنْ يقف كثيراً عند قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [ محمد: 22 ]. ومما لا بد من علمه أن الله عز وجل لم يجعلْ عقوبةً بعد عقوبةِ الشرك بالله أشدَّ من عقوبة قتل المؤمن عمداً حيث يقول: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [ النساء: 93 ] ، وقال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ثكلتْهُ أُمُه رجلٌ قتلَ رجلاً متعمداً يجيء يومَ القيامة آخذاً قاتله بيمينه أو بيساره وآخذاً رأسه بيمينه أو شماله تشخبُ أوداجه دماً في قبل العرش يقول: يا رب سَلْ عبدك فيم قتلني؟» . لا بد لنا معرفة أنَّ أول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ” وما ذلك إلا لعظم خطرها يوم القيامة فاستعد للموقف العظيم، والسؤال الصعب الذي ما بعده إلا جنة أو نار. وكل الذنوب يُرجَى معها العفو والصفح إلاّ الشرك، ومظالم العباد. ولا رَيبَ أنَّ سَفْكَ دماء المسلمين وهَتْكَ حرماتهم لَمِنْ أعظم المظالم في حق العباد. رابط المقال على الفيس بوك