لا يزال العناد والمكابرة هما من يتحكمان بعقليات بعض الساسة اليمنيين الذين رموا بعقولهم جانباً وتركوا الأحقاد والكراهية تسيِّرهم يمنة ويسرة غير آبهين إلى أين سيقودهم المسير في هذا الاتجاه وإلى أين سيصلون باليمن واليمنيين!.. تصريحاتهم التي نقرأها هنا وهناك تستدعي الفوضى وتذهب أيضاً صوب استدعاء المزيد من الحقد والمزيد من الكراهية والمزيد من الدعوات المناطقية والمذهبية والشللية والطائفية المقرفة..يتبادلون نفس الاتهامات وكل يروج لها في أكثر من وسيلة إعلامية وموقع أخباري، وفي جميعها ترى روائح الكراهية وقد انتشرت ووصلت إلى كل الأمكنة، وتكون النتيجة المزيد من العنف والفوضى والمزيد من الأوجاع والآلام التي تقود إلى انتظار الموت!.. جميعهم يهرولون نحو الهاوية لا تستوقفهم العبر ولا يراجعون الدروس ولا يستفيدون مما يحدث في بعض بلدان الربيع العربي التي سبقتنا في المضي صوب الهاوية أو تلك التي قادتها أقدار أمريكا وحلفائها إلى التشتت والتشرذم والانقسام وفي المقدمة منها السودان الحبيب!.. روائح الموت تنبعث من كل مكان، وصراع الشعوب العربية يشتد ويمتد وتبدو البلدان العربية تائهة وحائرة وتنتظر مصيرها الذي سيقودها لا محالة نحو التمزق أكثر وأكثر.. الصورة المرسومة اليوم في اليمن وفي كثير من الدول العربية تبعث على القرف والاشمئزاز، ولا يحسدنا عليها شعب من شعوب الأرض، بقدر ما يتوجهون بالدعاء إلى الله أن يحفظ بلدانهم ولا يبتليهم بربيع عربي أسود يقودهم إلى الويلات والخراب والدمار.. كلما نظر الآخرون إلى الشعوب العربية اليوم وهي تتصارع وتتآكل فيما بينها زادوا يقيناً بأن العرب ليسوا أكثر من غوغائيين وقبائل متناحرة يغلبون مصالحهم الشخصية والجهوية على مصالح أوطانهم وشعوبهم وتترسخ في أذهانهم أن العرب لم يغادروا عقلية داحس والغبراء والبسوس، وغيرها من المعارك العربية التي دمرت القبائل العربية لأتفه الأسباب واستمرت لقرون!.. إن كان العرب يرفعون العصبية القبلية في السابق فهم اليوم يرفعون المذهبية والطائفية لذات الأغراض القديمة الباحثة عن السيطرة والهيمنة وكأن قروناً من الإسلام لم تغير شيئاً من العقلية العربية.ما يجري في اليمن اليوم لا يختلف عن ما يجري في معظم البلدان العربية من حيث الأهداف والدوافع.. صراع قبلي ومذهبي وطائفي يقود اليمن واليمنيين إلى التشظي والانقسام وإلى مزيد من الويلات وإن تعددت الدوافع فكلها تصب في بوتقة واحدة وهي تدمير اليمن وتمزيق وحدته الوطنية، وتحويله من دولة يمنية موحدة إلى دويلات ومشيخات لا قيمة لها أو وزن.. لا سبيل للخروج من هذا المنزلق إلا بتغليب العقل والتخلي عن المشاريع الصغيرة والعمل على استعادة هيبة الدولة قبل فوات الأوان.. ما يجري في حضرموت يمكن أن يتكرر في أكثر من محافظة سواء جنوبية أو شمالية، وهو ما سيؤدي إلى تآكل اليمن وبروز زعامات قبلية تعمل على تأسيس ممالك وإمارات خاصة بها..، وتفتح المجال لصراعات طويلة يدفع اليمنيون ثمنها باهظاً بما فيهم من يعتقدون أنهم بمنأى عن أية صراعات.. إن اليمن يمر بمنعطف خطير للغاية يستوجب إعمال الحكمة اليمنية لإنقاذ اليمن وشعبه، ولن يكون ذلك إلا بالتخلي عن لغة الكراهية والحقد ودعوات التحريض والفتنة المذهبية والطائفية والاصطفاف في خندق اليمن واليمن فقط.. [email protected]