من المؤكد أن النضال لا يعدو في كونه تضحيةً جلية من أجل الحفاظ على السيادة الوطنية وخدمة أبناء الشعب وترجمة طموحاتهم فالمناضل يضحي في معظم وقته إذ لم يكن كله ويعمل جاهداً في سبيل رقي وازدهار وتقدم أمته بغرض إيجاد حياة كريمة لعامة هذه الأمة بدون استثناء أو تمييز وبالطبع لا يكون النضال ذو هدف إلا أن كان نابعاً من الوجدان ويسكن في أحشاء الوطني الغيور على وطنه وشعبه وبصورة مستمرة خلال مسارات حياته النضالية، فالوطني الشريف يأتي نضاله الحقيقي بمضامين لا تعرف طريقاً للمساواة في إطار ضيق كالمصلحة الشخصية والانتفاع الذاتي والكسب الرخيص.. وللتوضيح بصيغة أشمل فالنضال ينقسم إلى قسمين ويتمحور بعدة محاور فهناك نضال سلمي الغرض منه حب الوطن ويأتي هذا المسار عن طريق الكتاب المستنيرين والمفكرين العظماء والمخلصين الذين يُسخّرون أقلامهم الوطنية وأفكارهم النيرة وطاقاتهم الإبداعية الهادفة لتوعية العوام من الناس بقضايا مصيرية ترتبط بسبل حياتهم. وهناك نضال مسلح يكون من خلال حمل السلاح والدفاع عن حياض الوطن وكرامته ويعمد إلى تأسيس مقاومة ضد المحتل الأجنبي الغاصب للأرض والناهب للثروة بدون وجه حق لذا قام الأحرار المناضلون بتأسيس المقاومة الرافضة للظلم بكافة أشكاله بقوة السلاح فليس كل مقاوم أو محارب يعتبر مناضلاً فقد تجد مقاتلا مُجبراً على القتال بدون هدف أخلاقي وقد تجد محارباً يدخل معركة بأوامر عسكرية أو قبلية أو عنصرية والمناضل الحر والثائر هو من يقاتل ويقاوم دون أن يجبره أحد أو يُملي عليه ذلك من منطلق قناعته بما يقوم به وفاءً لتراب أرضه الطاهرة وعرض أبناء شعبه. ولنا في عارضة التاريخ أمثلة لأولئك المناضلين الشهداء الأحرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لأوطانهم ولم يتركوا لأبنائهم الثروات الطائلة أو السيارات الفارهة أو العمارات الشاهقة والفلل الباهظة الأثمان بل تركوا لأبنائهم رصيداً نضالياً عظيماً يحمل في طياته معاني الحب والاحترام والتقدير والتضحية المقدسة لأرضهم وأوطانهم بلا ثمن وقد دوّن التاريخ أسماء هؤلاء الشهداء في سجلات المجد والشموخ والاعتزاز بأحرفٍ من نور فتحية فخر وإجلال ومحبة وعرفان لكل مناضل وطني شريف في كافة بقاع الأرض وفي كل زمان.