كاتب صحفي: هذه الدولة الخليجية هي الراعي والداعم العسكري لمليشيات الحوثي في اليمن!    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    "هدية أمريكية" تُسعف اليمنيين في ظل فشل اجتماع المانحين    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالصين في أبريل الماضي    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    الاتحاد الدولي للصحفيين يدين محاولة اغتيال نقيب الصحفيين اليمنيين مميز    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    الوزير البكري: قرار مجلس الوزراء بشأن المدينة الرياضية تأكيد على الاهتمام الحكومي بالرياضة    جماهير البايرن تحمل راية الدعم في شوارع مدريد    هجوم حوثي جديد في خليج عدن بعد إطلاق "الجولة الرابعة" وإعلان أمريكي بشأنه    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    قمة حاسمة بين ريال مدريد وبايرن ميونخ فى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مورينيو: لقد أخطات برفض البرتغال مقابل البقاء في روما    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    الاشتراكي اليمني يدين محاولة اغتيال أمين عام نقابة الصحفيين اليمنيين ويدعو لإجراء تحقيق شفاف مميز    عصابة معين لجان قهر الموظفين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    مقتل مواطن برصاص عصابة حوثية في إب    الحكومة الشرعية توجه ضربة موجعة لقطاع الاتصالات الخاضع للحوثيين.. وأنباء عن انقطاع كابل الإنترنت في البحر الأحمر    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    سيتم اقتلاعكم عما قريب.. مسؤول محلي يكشف عن الرد القادم على انتهاكات الحوثيين في تهامة    تحديث جديد لأسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن    رغم إصابته بالزهايمر.. الزعيم ''عادل إمام'' يعود إلى الواجهة بقوة ويظهر في السعودية    إغلاق مركز تجاري بالعاصمة صنعاء بعد انتحار أحد موظفيه بظروف غامضة    محاولة اغتيال لشيخ حضرمي داعم للقضية الجنوبية والمجلس الانتقالي    الحزب الاشتراكي اليمني سيجر الجنوبيين للعداء مرة أخرى مع المحور العربي    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار الجنوبي- الجنوبي... مشكلات الواقع.. ومقترحات تجاوزها

الحوار الجنوبي- الجنوبي... مشكلات الواقع.. ومقترحات تجاوزها
12-13-2012 11:58
الجنوب الحر - بقلم الدكتور حسين مثنى العاقل
بسم الله الرحمن الرحيم
*
ورقة مقدمة من الدكتور/ حسين مثنى العاقل إلى ندوة السياسية والفكرية المقامة خلال الفترة من 27 – 28 نوفمبر 2012م وذلك بمناسبة الذكرى 45 لعيد الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م
مدخل
على الرغم من وضوح الأهداف السياسية للقضية الجنوبية ومشروعية تعدد وسائل النضال الممكنة والمتاحة لأبناء الجنوب في سبيل تحقيق تلك الأهداف، ومنها النضال السلمي الذي ارتضاه والتزم به شعب الجنوب طوال سنوات الهيمنة والاستبداد اليمني، وعلى وجه الخصوص منذ انطلاقة الحراك السلمي الجنوبي في 7/7/ 2007م، وما سبقت ذلك التاريخ من مقدمات وارهاصات نضالية معلنة أو غير معلنة. جميعها اتصفت بروح النضال السلمي وطرحت الخيارات مفتوحة في حالة تعثر وعدم الاستجابة من قبل نظام السلطة بصنعاء للمطالب السياسية لشعب الجنوب، في التحرير والاستقلال واستعادة دولته المغدور بها، إلا أن خيار النضال السلمي الذي يعد خيارا إنسانيا رائعا تحلى به شعب الجنوب في مواجهة آلت القمع والبطش اليمني، يتوقع أن يتعرض للانتكاسة والتحول المفاجئ نحو العنف والكفاح المسلح في ضل هذا التعتيم والتجاهل والتسويف المتعمد ضد قضية شعب الجنوب، سواء كان ذلك من قبل مراكز قوى النفوذ القبلي وتحالفاتها الدينية والعسكرية بصنعاء، أو من قبل المجتمع الإقليمي والدولي، الذي كما يبدو ما زال في ضلالة الخداع اليمني، ومرتهن لمزاعم توصيف الحراك السلمي الجنوبي بأكاذيب (الحراك المسلح والحراك القاعدي)، وربما أن مفاسد المصالح الاقتصادية والامتيازات العسكرية الممنوحة للدول الغربية في انتهاك السيادة البرية والبحرية والجوية للأراضي الجنوبية، فضلا عن عقود الاتفاقيات المشبوهة والمبهمة في شروطها القانونية، والمبرمة بين الشركات العالمية وجهابذة الفساد لرموز السلطة وزعماء القبائل، وذلك وفق اتفاقيات مذلة وغير مشروعة، مكنت الشركات والدول الراعية لها من إن تجد ضالتها العبثية في نهب الثروات واستباحة موارد الشعب الجنوبي. الأمر الذي وطد علاقة المصالح بين نظام صنعاء والشركات العالمية ومنها الشركات النفطية، التي تجاوز عددها حتى نهاية عام 2006 م بأكثر من (38 شركة نفطية) بالإضافة إلى الشركات الاستثمارية في مختلف المجالات التعدينية للخامات الثمينة كالذهب والرصاص والثروة السمكية غيرها ؟!. وما تدرة هذه الثروات من فوائد وارباح مالية طائلة على شركاء النهب اليمني وشركات النفوذ العالمي.. وبالتالي فإن استمرارية هذه العلاقة وضمان هيمنتها في نهب خيرات شعب الجنوب، مرهون أساسا بانحياز الموقف الإقليمي والدولي لصالح مراكز قوى الاحتلال اليمني في صنعاء، وتجاهلهما لقضية شعب الجنوب وأهدافها السياسية العادلة. ولكن إلى حين .. طالما وشعب الجنوب قد حسم خياره النضالي، وأدرك مدى أهمية وضرورة تسامح وتصالح مختلف مكوناته السياسية والاجتماعية، والتفكير الجدي في إجراء حوار جنوبي شامل بينها، يتحلى فيه الجميع بروح وطنية مسئولة ومستوعبه لطبيعة وخصوصية الواقع وظروفه الذاتية والموضوعية ومنها:-
الحوار الجنوبي .. ومشكلات الواقع.
نعتقد أن الموقف الإقليمي والدولي يراقب بدقة ويرصد كل ما يدور ويحدث في الواقع الجنوبي، بل ويتابع عن كثب مجمل التطورات والمستجدات التي يعيشها الحراك السلمي الجنوبي، وما يعانيه من اختراقات ومن خلافات وتباينات في معظمها عبارة عن خلافات مفتعلة وغير مبررة، ليس بين المكونات السياسية الفاعلة في الحراك السلمي التحرري في الداخل فحسب، ولكنها أيضا خلاقات وتباينات تكاد تكون ظاهرة معيبة وخطيرة بين قيادات النخب السياسية والقيادات الجنوبية المنفية في الخارج. والتي كان يراهن على أنها بخبراتها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، خلال سنوات توليها حكم وقيادة دولة الجنوب، يمكن أن تشكل تلك القيادات الأداة القوية والمحورية للقضية الجنوبية، وأن لديها الإمكانيات والوسائل المناسبة للتحرك السياسي والدبلوماسي خارجيا، وفي قدرتها على توحد مختلف المكونات والكيانات السياسية الجنوبية المتعددة !. وأنها وفق هذه الحيثيات ستحظى بحب والتفاف الجماهير الشعبية حولها، وبخاصة جماهير قوى الحراك الصامدة في ميادين الساحات النضالية.. ولكن للأسف لقد صارت تلك القيادات والنخب السياسية الجنوبية في الخارج عبئا تقيلا على القضية وحاملها السياسي الحراك السلمي التحرري، حيث لم نجد منها سوى افتعال الأزمات فيما بينها، وتصدير نتائج عيوبها وخلافاتها إلى الداخل عبر المكونات المستجيبة لمشاريع برامجها السياسية، وفي نفس الوقت تزداد حالة التناسخ والتفريخ بواسطتها لتيارات وتكتلات سياسية وهمية وهلامية، تزيد وتضاعف من معوقات وحدة الصف الجنوبي، ومن إمكانية توافر الظروف الذاتية والموضوعية لحوار جنوبي جنوبي.
لذلك: وطالما وأن هذا هو حال الواقع الجنوبي، ومشكلات نخبه وقياداته السياسية في الداخل والخارج، فإن ظاهرة التجاهل والتسويف لأهداف قضية شعب الجنوب من قبل المجتمع الدولي، إنما هو انعكاس مباشر لمعنى قول الشاعر المتنبي (من يَهْنْ يَسْهُلُ الهَوَانُ عليْه *** مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ). ولأن المجتمع الدولية حينما يتبنى حلولا عادلة لقضايا الشعوب المطالبة بحقوقها السيادية في الحرية والاستقلال، لابد أن يستند على حقائق ووقائع معتمدة على طبيعة الواقع الموضوعي السائد على الأرض من ماحية، وعلى الموقف العام للقوى السياسية والاجتماعية لذلك الشعب من أهداف قضيته، ومدى وحدة وتوافق هيئاته ومكوناته ونخبه السياسية ومنظمات المجتمع المدني فيه، على رؤية برنامجيه تتضمن مشروعها النضالي وأهدافها السياسية من ناحية أخرى .. بالإضافة إلى مستوى انضباط الهيئات والمكونات في تأدية مهامها تحت قيادة موحدة ومنتخبة تمتلك الحق الرسمي في تمثيل الشعب والتفاوض أو التحاور باسمه أمام الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
لذلك: نعتقد أن هذه المشكلة بحد ذاتها هي بالفعل جوهر الأزمة السياسية، التي تلقي بظلال عيوبها، على واقع الحراك الجماهيري ومكوناته في الداخل، وتزيد من حدة التباينات في الموقف السياسي بين للقيادات الجنوبية في المنافي ودول الشتات، والتي ابتلاها الله بالتخاذل وتفويت الفرص المتاحة لها في تعزيز علاقات الثقة والتواصل فيما بينها، فضلا عن غياب أو ضعف مستوى الشعور بحسن النية تجاه بعضها البعض، وذلك من خلال ما تفتعله من معوقات لإمكانية الجلوس مع بعضها على طاولة الحوار والتفاهم، باعتبار هذه الخطوة هي القاعدة الأساسية والمهمة لضمان وتأمين الطريق لعقد مؤتمر جنوبي يخرج بنتائج سياسية حاسمة في سبيل تحقيق أهداف القضية الجنوبية..
وبالرغم من معنوية الثقة والأمل الكبير في تجاوز هذه المشكلة قريبا.. فأننا في الوقت نفس لا بد أن نشير ولو بإيجاز إلى بعض المشكلات الأخرى، والتي تعد من وجهة نظرنا الشخصية من أبرز المشكلات التي يجب الاعتراف بها أولا، وبمدى خطورتها وعواقب نتائجها ثانيا ، في حالة تلكؤ وتسويف قوى الحراك وقياداته في الداخل والخارج من سرعة وضع الحلول العاجلة والمناسبة لها، والتي يجمع السياسيون والأكاديميون والدبلوماسيون وغيرهم، على أن ظاهرة أتساع فجوة الفراغ السياسي والقيادي لمكونات الحراك الجنوبي، وتباطؤ إمكانية توحيد أو توافق رؤاها البرنامجية، إنما هي مشكلات ناتجة عن الحالات الآتية:-
1- غياب هيئات العمل المؤسسي.
من أكبر المشكلات التي تعيق وتربك الجهود النضالية لشعب الجنوب وحراكه السلمي، هي غياب العمل التنظيمي والمؤسسي القائم على هيئات تخصصية تنضوي في إطار جبهوي أو أي تسمية سياسية تمارس مهامها وفق آلية تنفيذية توجه مسارها وتشرف على أدائها قيادة حكيمة تحظى سياسيا وشعبيا بالثقة والاحترام، وهذه القاعدة التي تعد من أهم شروط النضال التحرري، تكاد تكون من أبرز الحلقات المفقودة التي للأسف لازمت الحراك وعرضته لمخاطر كثيرة، ما زال يدفع ثمن عواقبها السلبية حتى اليوم ؟!.
2- تراجع وانسحاب عدد من القيادات الطليعية للحراك السلمي ..
جميعنا يدرك بأن هناك عدد من المناضلون الجنوبيون، قد كان لهم شرف الريادة في البسالة والتضحية، وكانوا سباقين إلى ساحات كسر حواجز الخوف والرعب الاستبدادي، وإلى المواجهة والتحدي لآلة القمع والبطش العسكري لقوات سلطة الاحتلال اليمني، متعددة التسميات والمهام القمعية والإجرامية. وبفعل قناعاتهم النضالية التي جسدوا فيها النضال السلمي كقيمة حضارية وسلوك مدني في الواقع الجنوبي، حيث امتد مداه بعد ذلك إلى بعض الدول العربية أو ما يسمى بثورات الربيع العربي. إلا أن بعض من تلك القيادات الطليعية، لم تواصل دورها الذي كانت قد حظيت به من مكانة وكفاءة قيادية، ولكنها بصورة مفاجئة تركت الساحات مفتوحة لتسابق وظهور قيادات لم تكن في مستوى الخبرة والحنكة السياسية، والبعض منها انسحبت من واجهة المشهد القيادي للنضال السلمي الميداني، وهناك قيادات جاءت لتحاول ملء أو سد جزء من الفراغ القيادي، لكنها لم تحدد بوضوح خيارها السياسي، أو أنها بقيت في حالة من الغموض المثير للحيرة، على الرغم من حالة التفاؤل وتفاعل قواعد الحراك الشعبي بمواقفهم التاريخية وادوارهم النضالية، ومع ذلك فقد اكتفت بمراقبة الأوضاع والتطورات الداخلية والخارجية من داخل غرف مكاتبهم الخاصة، دونما حسم لخياراتها السياسية المتقلبة !!. في حين بقيت جماهير الحراك الناشطة ميدانيا، تراقب هي الأخرى مدى تبني تلك القيادات بوضوح الأهداف السياسية والاستراتيجية للقضية الجنوبية المشروعة.
3- تعارض الأهداف السياسية بين خيار (فك الارتباط) ومشروع (الفيدرالية).
من الحقائق التي يجب علينا طرحها والمصارحة بكل شفافية بين مختلف المكونات والقيادات السياسية الجنوبية لتأسيس قاعدة حوارية فيما بينها، هو: الاعتراف الصادق والمجرد من المزايدات والحسابات الذاتية على أن أكثر الاخفاقات والانتكاسات التي تعرض وما زال يتعرض لها الحراك السلمي وقواه الحية والفاعلة في ميدان الفعل التحرري، ترجع أسبابها العامة إلى ما سبق لنا ذكره، وفي أسبابها الخاصة إلى بروز مشروع (الفيدرالية) الذي تبنته مجموعة كبير من القيادات السياسية الجنوبية البارزة، والشخصيات الاجتماعية والعسكرية المشهود لها بالريادة النضالية، فانساقت دونما تنسيق أو تشاور وتوافق سياسي مع قوى التحرير والاستقلال (فك الارتباط)، وراء مشروع الفيدرالية الذي واجهته معظم قوى الحراك في الداخل والخارج بالرفض والمقاطعة، واعتبرته الجماهير في ميادين النضال التحرري، مشروع سياسي له توجهات وأهداف مختلفة ومتعارضة مع خيارها السياسي الذي على أساسه أنطلق الحراك السلمي الجنوبي في 7/7/ 2007م، وعليها ترسخت بين الجماهير قناعات التضحية في سبيل تحقيق تلك الأهداف والمبادئ الاستراتيجية والمتمثلة بالتحرير والاستقلال واستعادة الدولة.
وفي هذا السياق نرى بالضرورة التفكير الجدي البدا أولا وقبل كل شيء.. باجرا حوار تمهيدي بين القيادات الجنوبية لكل من قوى التحرير والاستقلال (فك الارتباط)، وتيار أو قوى مشروع (الفيدرالية). وذلك لوضع آلية توافقية بينهما وضوابط إجرائية لقبول كل منهما الآخر، ومن ثم التنسيق مع بقية المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية، بالتحضير والاستعداد الفعلي لأجرا حوار جنوبي شامل أو عقد مؤتمر جنوبي عام تتمثل فيه مختلف شرائح المجتمع الجنوبي دون استثناء.
4- التجاذبات الحزبية ومحاولات اختطاف الحراك.
نعتقد أن مشكلة الانتماءات الحزبية وتعدد برامجها السياسية، قد كانت وما زالت المعوق الكابح لإمكانية تجاوز الحراك المشكلات والصعوبات المتوالية عليه، فمنذ نشأته وهو يعاني من تفاقم أزمات الثقة بين قيادات الأحزاب الجنوبية من جهة وقيادات مكونات الحراك السياسية من جهة أخرى. وبحكم طبيعة الظروف السياسية في المنطقة ومستجداتها المهيمنة على الوضع الدولي، فقد القت بظلالها على الواقع السياسي الجنوبي بصورة خاصة والواقع اليمن بصورة عامة. ولان المجال لا يسمح الخوض في عرض الكثير من التفاصيل حول هذه المستجدات، إلا أن الشي المنظور أمامنا بالنسبة للتجاذبات الحزبية وما تعكسه من مشكلات على واقع الحراك السلمي وخياراته النضالية، يمكن تلخيصه بالآتي:-
- افتعال الخلافات وتأجيج مشاعر الاتهامات واجترار احداث الماضي، وذلك بمحاولة نبش نتائج الصراعات المأساوية على أن الحزب الاشتراكي يتحمل أزرها، بالرغم من ما لمبدأ وقيم التصالح والتسامح من فاعلية ايجابية كان لها عظيم الأثر على وحدة قوى الحراك، ومع ذلك هناك قوى ترى أن الحزب الاشتراكي هو الحزب الجماهيري المنخرطة أعضاءه في الحراك، وبالتالي تتوجس تلك القوى من مخاوف عودة الحكم الشمولي الذي يتهم به الاشتراكي دون سواه ؟!.
- تسعى بعض القوى السياسية الجنوبية إلى محاولة تحويل الحراك السلمي إلى حزب سياسي، وتنشط بطرق متعددة بما يخدم انتمائها السياسي بالرغم من مواقفها غير الواضحة من أهداف ومطالب الحراك السياسية في مرحلة انطلاقته الأولى، بينما نجدها منذ عهد قريب تحاول أن تشغل زعامة التمثيل والتحدث على أنها من القيادة الفعلية للحراك والمخول لها التحدث باسمه.
- نتيجة تعدد مصادر الدعم المالي المحدود والذي يعتمد على تبرعات أبناء الجنوب في الخارج وبالذات من تبرعات واسهامات المغتربين الجنوبيين.. وبفعل اشتداد ظروف الحصار الاقتصادي والسياسي والمالي الذي تواجهه قوى الحراك السلمي إقليميا ودوليا، فقد ترتب على تعدد هذه المصادر ظاهرة توزيع مزاعم الشكوك والاتهامات السياسية بين قيادات بعض المكونات، والتي في معظمها تشكلت بهدف الحصول على مصادر دعم مالي، أو بحسب رغبة وشروط الجهة الداعمة لها، مع أن أكثر تلك المكونات ليست سوى ظاهرة صوته محدودة الجماهير .. ومع ذلك بقي الباب مفتوحا على مصراعيه دونما ضوابط قانونية وإجراءات مالية محكمة يمكن لمكونات الحراك التعامل بها، وفق أصول منظمة لعمليات استغلالها وتسخيرها. وبالتالي فإن أكثر ما تعانيه مكونات الحراك في هذا الجانب هو: أن هذه المصادر الدعمة نتيجة غياب الضوابط المالية وإجراءاتها القانونية، قد تحول إلى مصدر سلبي ليس في أضعاف عوامل التفاهم ومكانيات التوافق على توحيد الرؤى والبرامج السياسية للحراك فحسب، وإنما في خلخلة وحدة الصف الجنوبي وقوة الحراك، بفعل ظاهرة تناسخ وتكاثر المكونات والكيانات والتيارات بحسب مصادر دعمها المالية.
الحوار الجنوبي.. ضرورة عاجلة.
من المؤكد والثابت وفق التجارب البشرية أن الحوار الهادف والقائم على حيثيات موضوعية، تتحلى أطرافه المعنية بالتحاور بروح المسئولية والاعتراف بالحق والأخطاء أو المشكلات التي دفعتهم للتحاور، واستعداد كل منهما مسبقا بالحلول العادلة والمنصفة لجوهر تلك المشكلات، والتنازل لبعضهما البعض بما يؤمن علاقة الثقة السياسية والاجتماعية بينهما. لذلك فالحوار وفق هذه الأسس والشروط الموضوعية سيكون حوارا ناجحا وموفقا في مخرجاته العملية.
وتطبيقا لهذه الأسس الحوارية بين مختلف القوى السياسية الجنوبية، والتي تقف جميعها أمام اختبارات حقيقية مع ذاتها ومع قضية شعبها، وذلك بمدى حنكتها في مواجهة هذه المرحلة العصيبة والخطيرة من تاريخها النضالي، وعليها اليوم مسئولية كبرى ومهام عظيمة تقتضي منها الدفاع عن كيانها وموطن وجودها، وقد لا نبالغ أن صارحناكم القول: بأن (الجنوب) أرضا وإنسانا مهدد مستقبلا وخلال السنوات القليلة القادمة بدخول مرحلة الاغتراب النفسي والوطني، وبعد خمسة عقود حسب التوقعات العلمية، في ضل هذه الهيمنة اليمنية المرعبة، سيجد معظم أبناء الجنوب أنفسهم مقيمين بكفالات قبلية من مشايح اليمن ؟!. أو أنهم أقله وبقايا شعب مهمش وغريب في وطنه؟!.
فإذا كان شعبنا الجنوبي العظيم وحراكه السلمي المجيد، قد استلهم خيارته النضالية، وأدرك بفطرته النقية وخصوصية وعيه الحضاري وثقافته المدنية، مخاطر المؤامرات المحلية والإقليمية والدولية، التي تحاك ضده، من خلال محاولة طمس هويته واجتثاث قيمه وعاداته الاجتماعية والإنسانية، واستئصال مقومات ارتباطه التاريخي والاقتصادي بأرضه، من خلال السيطرة المطلقة على موارده وثرواته البحرية والبرية، وما تختزنه أرضه البالغ مساحتها بأكثر من 338 كيلو مترا مربعا في باطنها واعماق بحارها الإقليمية من كنوز الخيرات والثروات، لن يجدوا من عائداتها غير الفتات، وسيجدون أنفسهم عما قريب على هامش الحياة الاقتصادية في أحسن الأحوال؟؟.
فإن ما انجزه هذا الشعب الجبار من مكاسب سياسية في ابراز قضيته العادلة للرأي العام الداخلي والخارجي، لم يكن من الممكن تحقيقه بدون وحدة وعزيمة قواه الحية، وبفضل تضحيات أبناءه الأبطال وقوافل شهداءه الأبرار، وصمود وإصرار شبابه ومختلف مكونات حراكه السلمي ومنظمات مجتمعه المدني، وبلوغه مرحلة اليقين من حتمية انتصار قضيته وتحقيق أهدافها السياسية المشروعة. ولطالما وقد صارت القضية الجنوبية تشكل أهم القضايا المطروحة على طاولة المشهد السياسي اليمني، فأنها بذلك قد أصبحت عرضة لمحاولات الإجهاض، وتتسابق مراكز قوى الاحتلال اليمني وحلفاءه إلى محاولة تسويقها في بورصة الحوارات العبثية.. بينما المعنيون بها والمسئولين أمام الله والتاريخ عنها، تحتدم فيما بينهم المناكفات والخلافات المفتعلة، وتفرق جهودهم حماقات التصرفات الذاتية، وتشتت وحدة أهداف قضيتهم الاستراتيجية، خصوصية المواقف السياسية للقيادات الجنوبية، التي تكاد تعصف بمصداقية نضالها التحرري، طبيعة العلاقة والحسابات السياسية المبهمة مع مراكز وقوى إقليمية ودولية.
الحوار الجنوبي.. وبعض المقترحات لضمان نجاحه.
في سبيل الاسهام المتواضع بطرح بعض المقترحات التي يمكن مناقشتها في هذه الورقة والاستفادة منها في إمكانية تسوية ملعب الحوار الجنوبي، وتهيئة الظروف والعوامل المناسبة لتأسيس مداميكه على أرضيه سليمة تساعد أبناء الجنوب بمختلف اطيافهم ومكونات انتمائهم الحزبية والسياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، من تفعيل حوار جنوبي فيما بينها، لما من شأنه تحقيق أهداف قضيتهم السياسية العادلة ونجاح هذا الحوار كما نعتقد مرهون بضرورة التوافق والاجماع على الحقائق التالية:
1- الاعتراف الجمعي لمختلف المكونات والكيانات والتكتلات والأحزاب والتنظيمات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية المؤمنة بعدالة القضية الجنوبية، بأن الواقع الجنوبي أرضا وإنسانا يعيش سياسيا واجتماعيا في ظل واقع (احتلال) واستعمار عسكري وقبلي من قبل نظام سلطة صنعاء.
2- الاقتناع الكامل لمختلف المكونات والكيانات والتكتلات والأحزاب والتنظيمات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني الجنوبية المؤمنة بعدالة القضية الجنوبية، على أن من أوليات أهدافهم السياسية هي: (التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية) المغدور بها في جريمة الحرب الدموية في صيف 1994م، والتي بموجتها انتهت الوحدة الاندماجية بين نظام دولة الجنوب (ج . ي. د. ش) ونظام سلطة (ج. ع. ي). وأن النضال التحرري لأبناء الجنوب للخلاص من ويلات الاحتلال لأرضهم ونهب خيراتهم واجبا شرعيا على الجميع دونما استثناء.
3- ينبغي من القيادات الجنوبية في الداخل والخارج، أن تعترف بشجاعة على أن الجميع قد كانوا شركاء عن تلك الإخطاء التي حدث في الواقع الجنوبي، سواء كان ذلك في فترة نظام دولة الجنوب وما ترتب عليها بعد ذلك في خديعة الوحدة الفاشلة، أو كانت وما زالت تمارس بعيوبها المختلفة في ظل النضال السلمي التحرري حتى اليوم. وبالتالي فإن الضرورة تقتضي اجرى حوار جنوبي شامل يهيأ الظروف الموضوعية لدراسة وتقييم تلك الإخطاء والسبل الممكنة لمعالجتها وتجاوزها.
4- على القيادات الجنوبية بمختلف انتماءاتها السياسية والحزبية والاجتماعية، أن تجعل من المطالب السياسية لشعب الجنوب وأهداف قضيته العادلة مرجعية لها. وأن تستمد شرعيتها القيادية إلا من شرعية تلك المطالب، وعلى القيادات السياسية الجنوبية أن تتخلى عن تمترسها وتمسكها بماضيها القيادي السابق دونما اسناد شعبي، ولها مواقف ملموسة وواضحة من خلال دعمها ومساندتها لقوى الحراك، ومشاركتها الفاعلة في النشاط الميداني داخليا، أو في النشاط السياسي والدبلوماسي خارجيا.
5- هناك حالة انسداد لعلاقات من الثقة والمودة بين الرموز الجنوبية، التي يجب عليها قبل غيرها أن تترفع عن مأرب الضغائن الممقوتة ضد بعضها البعض، مع أنها تدرك بخطورة ذلك على سمعتها ومكانتها السياسية أولا: وما ينعكس بفعلها من احباطات لدى الشارع الجنوبي ثانيا، والذي كلما تفاءل بتقارب تلك القيادات وتفاهمها حول أهداف قضيتها، يصاب بخيبة الأمل عندما يجدها طوال هذه السنوات العصيبة، وهي على حالها بل أنها تنشغل في مواجهة بعضها دون معرفة الأسباب والدوافع لذلك. وعلى سبيل التمثيل يتساءل الشارع الجنوب: هل يمكن أن يلتقي رئيس الوزراء المناضل المهندس حيدر أبوبكر العطاس والمناضل الرمز حسن باعوم رئيس المجلس الأعلى لتحرير الجنوب، والمناضل عبد الرحمن الجفري رئيس حزب الرابط ، مع المناصل الرئيس الشرعي للجنوب علي سالم البيض، خصوصا بعد أن أعلنوا في القاهرة عن رفع مستوى خيارهم السياسي إلى هدف التحرير والاستقلال؟؟ وهل ستكون هذه الخطوة المتقدمة عامل مساعد على طريق الحوار الجنوبي؟؟.
6- يجب تحلي مختلف القوى السياسية الجنوبية بروح قيم التسامح ومبادى التصالح الجنوبي، المتفق عليها في جمعية ردفان الخيرية بمحافظة عدن في 13 يناير 2006م، والتي حظيت بالقبول والاستعداد المعنوي للتنفيذ..
7- ضرورة أجرا حوار تمهيدي بين القيادات السياسية لقوى التحرير والاستقلال، وقوى مشروع الفيدرالية، كشرط موضوعي لإيجاد أسس وضوابط يتفق بشأنها، ومن ثم التوافق والتنسيق فيما بينهما ومع بقية الأطراف السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني الجنوبي، حول إمكانية تذليل الصعوبات وتجاوز المشكلات القائمة، لضمان أجرى حوار جنوبي يخرج بنتائج مرضية..
8- نقترح أن تؤخذ بعين الاعتبار ملاحظات الرؤية الموضوعية المقدمة من قبل الرئيس علي سالم البيض والموجهة للرئيس علي ناصر محمد بتاريخ 7 نوفمبر 2012 حول السبل الكفيلة لعقد لقاءات وحوارات جنوبية جنوبية، وهي في اعتقادنا ملاحظات هامة لا بد من العمل بها لضمان نجاح أي حوار أو لقاء بين مختلف القوى السياسية الجنوبية..
9- ضرورة التوافق على صياغة وأعداد برنامج سياسي جامع يتضمن الرؤى والأهداف الاستراتيجية القريبة والبعيدة للقضية الجنوبية، وكذا أعداد وثيقة ميثاق شرف تتضمن الأسس والضوابط السياسية والتنظيمية للنضال التحرري لشعب الجنوب، وتنظم حياته الداخلية وفق النظم واللوائح القانونية والتشريعية، وبما يأصل العمل المؤسسي للحياة السياسية والإدارية وغيرها في المجتمع الجنوبي. على يتم بعد ذلك اتخاذ إجراءات تعميها ومناقشتها على مستوى القواعد الشعبية للحراك وفق آليات مناسبة يتفق بشأنها.
10- اعتماد اسلوب المشاركة التمثيلية لقوى الحراك السلمي في مختلف اللجان التحضيرية، وفقا لشروط ومعايير الكفاءة أولا، وعلى القدرات السياسية والمؤهلات العلمية والفنية وغيرها ثانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.