يقول المفكر المستنير إبراهيم بن علي الوزير في كتابه «على مشارف القرن الخامس عشر الهجري» :«إن «الجيل المعاصر» قد ولد في منعطف تأريخي أفضى به إلى مراحل جديدة ولكن بدون «ميزان» يقوّم به أين كان ؟؟ وأين يجب أن يكون ..؟؟ لقد لفّه الضباب .. ضباب الشعارات التي أطلقها الذين أرادوا تحقيق شهواتهم ومآربهم دون أن يُروا على حقيقتهم ,لقد ركزوا على « الإثارة» العاطفيّة وتمكين «غيبوبة العقل والوعي عن واقع السير في الضباب الكثيف !!» .. ذلك الضباب الذي لا يكاد هذا الجيل المعاصر يتبين فيه مواقع أقدامه» . وكأن المفكر الفقيه وهو يكتب ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً يرى ببصيرة الحصيف الواعي ما نحن فيه الآن .. وما الذي يدور من إشكالٍ تتوارثه النفوس الدنيئة .. وافتعالات رخيصة يقوم بها المرتزقة في عالم السلطة والمال .. يدفع ثمنها الحمقى ممن سقطوا في غابة الانبهار فتاهوا .. وأيقظوا رماد الفواجع فاحترقوا بها .. وأناخوا قوافلهم في رخو الزيف فمادت بهم الأقدار، إذ قذفوا بماديتهم قبل معنوياتهم فيها . يضيف الوزير « وفي هذا الجو الانتهازي الهابط نحو الدرك الحيواني تستيقظ الغرائز والشهوات وفي مقدمتها « شهوة الحكم» .. و «التسلّط» و«شهوة جمع المال» والاستيلاء عليه .. في مثل هذه الأجواء يكون قانون المجتمع هو قانون الغاب , حيث السبيل إلى الحكم هو :القوة .. والإرهاب المهول .. وخنق الإرادة الحرة في الإنسان ..! والسبيل إلى المال هو : المصادرة .. أو النهب .. أو الرشوة .. أو استغلال مراكز النفوذ .. أليس ذلك ما نحن عليه الآن؟ ألم تدفع شعوبنا العربيّة الثمن الفادح لعشّاق جرائم الإرهاب وهم في طريقهم للتسلّط على رقاب الناس تحت ذرائع دينية ودنيوية وهميّة؟ ثم أليس استغلال مراكز النفوذ صار وضوحاً مفزعاً في عتمة أحلام الكادحين وهم يتذوقون الحرمان في زمن استئساد عيال الذوات على خيرات شعوبهم ونهبها تحت ذرائع واهية ووفق شعاراتٍ ثوريّة زائفة؟ .. ثم أليس الالتفاف على أحلام البسطاء وسرقة ثوراتهم وصحوة عقولهم هو المحكّ الحقيقي وراء هذا الانحطاط الأخلاقي اللاإنساني مما جعل المجتمعات العربيّة على الأقل هي الأكثر بؤساً وشقاءً من بين شعوب العالم المتوثّب لأزمنة الأمان والعيش الكريم في إطار الإنسانيّة الحقّة !. [email protected]