يقولون في الأمثال: «ما ينط عود إلا من حصاه» وبالرغم من أن العود ينط من عود وسواه, لكن واقعنا وأحوالنا تقول شيئاً آخر تماماً، ربما لا نجد جواباً مقنعاً لحالات التشنُّج والاحتقان والتأزم السائد في أمور كثيرة ما انعكس بظلاله على أوجه الحياة والعلاقات الإنسانية العامة, زاد الطين بلة الانفلات والاختلال غير المسبوق للأوضاع الأمنية وكسر هيبة النظام والقانون. والأكثر إيلاماً هو إمعان البعض على تكدير الحياة العامة وإلحاق الضرر البالغ والأذى المباشر بالبسطاء من عامة الناس وإرباك المشهد العام الذي لا يحتاج إلى المزيد من المتاعب. حتى لغة التخاطب العقلاني الرصين التي تؤدّي إلى الرشد والصلاح صابها ما أصابها, وتعطلت، فسادت لغة أخرى تجسّد شريعة الغاب و«حماري يسبق حمارك»..!. للأسف إنه في ظل هذا الهيجان والأوضاع المحبطة والمتشظية تاهت الكثير من القيم, بل إنها غيّبت وفقدت, وطغت المصالح الأنانية الضيّقة والاحتكام إلى لغة الشارع غير المنضبط, وأسدل الستار عن سيادة النظام وروح القانون. لكن الأفظع في هذا المشهد الملبّد بالفواجع هو الإفراط في استخدام السلاح وفرض القوة التي ستدمي الجميع وتثقل كواهلهم, وما حدث في مدينة «سعاد الزبينة» قبل أيام معدودة من أحداث مرعبة ومؤلمة يستدعي من العقلاء التدخُّل السريع لإيجاد معالجات حقيقية لمنع تكرار ما حدث, وفي مقدمة منها إبعاد المعسكرات عن التجمعات السكنية وكذا النقاط الأمنية وتوزيعها في أماكن تحقّق أغراضها. أقول لكم شيئاً آخر: قبل أيام كنت راكباً في حافلة ركّاب في خط المكلا – فوه, وعلى ما يبدو أن هناك لغطاً سائداً حالياً بين أصحاب الباصات المشتغلين في هذا الخط حول ترتيب أوضاع الفرزة وتنظيمها في ظل عدم الالتزام بما هو متفق سابقاً, ولأن لغة اليوم هي لغة ال “قح بم” وشعار البعض “خذ حقك بيدك” فقد كان من المناظر المألوفة – كذا مرة – اعتراض الباصات في هذا الخط وإنزال ركابها بالإكراه في عز الظهر, لكن من غير المألوف – على الأقل في مجتمع كحضرموت – أن تصوّب أعيرة الرصاص على إحدى الحافلات وهي محمّلة بركُّابها من أجل إيقافها ليس لشيء خطير لا سمح الله إلا لأن هذه الحافلة مخالفة لنظام الفرزة.. ألم نقل إننا لم نجد جواباً لهكذا حالات..؟!.