اليمن بأكملها محشورة الآن في الحافلة رقم 565 واللهم جنبنا المطبات وحوادث الحوار على جنبات الطريق. لقد بدأ مؤتمر الحوار الوطني إذن، وعلى فنان اليمن العظيم أيوب طارش عبسي أن يغني للشياطين "باعدوا من طريقنا" فاليمن لم تعد بحاجة إلى حوادث مؤلمة، اللي فيها مكفيها بصراحة. على ركاب الحافلة أن يحترموا آداب السير وآداب الحوار، كما وأنه يتعين على كل واحد منهم أن يضع أحقاده وخصوماته وتفاهاته في " الخانة" ويستعد للانطلاق بروح جديدة واللي مش عاجبه يمكن له أن ينزل بعد أقرب جولة ويهجعنا الشغلة. لا أعرف إذا ما كان يحق لسائق الحافلة أن يحتفظ بحقه "الصميل" مغروزا ما بين الكرسي الذي يجلس عليه والباب، أم ينبغي عليه أن يسلمه إلى أقرب نقطة تفتيش؟ لا بأس، ليس هذا هو المهمة مناقشته الآن.. الأهم هو أن على سائق الباص أن يركز جيدا، لأن طريق الحوار وعر ومليء بالمنحدرات والمنعطفات الخطيرة و.. ربنا يستر. سيحتاج الباص إلى وقود يمكنه من السير لمدة ستة أشهر.. هذه المشكلة محلولة، إذ يوجد على متن الحافلة ممثلون لمهربي الديزل والوقود يمكن الاستعانة بهم. سيصاب بعض الركاب "بالدوخة " وآخرون بالصداع، وثلة أخرى ستشعر بالمغص.. هذا شيء طبيعي جدا، خصوصا إذا ما عرفنا أن هناك – على متن حافلة الحوار- أشخاصا مجرد النظر إلى وجه أحدهم يجعلك تشعر بالغثيان، لكن المشكلة محلولة برضه، يوجد على متن الرحلة ممثلون لمهربي الأدوية، ويمكن لأي واحد منكم الاستعانة به لتوفير شنطة إسعافات أولية. بالمناسبة، نخطر جميع ركاب الحوار البالغ عددهم 565 أن منظر اليمن من نوافذ الحافلة يبدو جميلا جدا وشيقا، على عكس الحياة فيها، لذا يمكنكم الاستمتاع بالمشاهدة فقط، ولمزيد من المتعة تجنبوا مشاهدة نشرات الأخبار التي تبثها غالبية قنوات التلفزة في اليمن، إن فيها من القرف والغثى ما يكفي لأن تذهب الحافلة ومن عليها في ستين ألف داهية، خصوصا وأن "الفرزة" الفنية للإعداد للحوار نسيت أن تكتب عرض الحافلة عبارة "على كف الحوار نمشي.. ولا ندري عن المكتوب ". هناك أشياء كثيرة ستحصل أثناء هذه الرحلة التي يفترض بها أن تنقل اليمنيين إلى الضفة الأخرى بسلام، بالتأكيد سيتم تناولها أولا بأول.. بكرة – مثلا – سنتعرف على عدد ركاب كتلة الاقتصاد اليمني المتواجدين في هذه الرحلة، وسنفتقش من الضحك ومن الأسى – معا- حينما نعرف أن عددهم "اثنان" فقط.. امسكوا الخشب وقولوا يا حاسد بعينك عود!