استطاعت اليمن بإرادة أبنائها الأوفياء تجاوز أكبر عقبة تواجه المرحلة الانتقالية وهي إنجاز الحوار الوطني وجمع الفُرقاء حول أهداف ورؤى محدّدة وعبر توافق يرضي جميع القوى السياسية. وبالرغم من حملات التشكيك التي قام بها طابور المتخاذلين والمُغرضين ودعاة الفتنة في الداخل والخارج من عدم قدرة اليمن ومؤتمر الحوار الوطني على تجاوز الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، وتحقيق أي هدف من أهداف الثورة التي خرج من أجلها الجميع متذرّعين في ذلك بالأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. لكن إرادة اليمنيين الصلبة وعزمهم القوي أبت إلا أن تعطي الجميع درساً قوياً في أننا شعب أدرى بمشاكله ومعاناته؛ وهي ليست جديدة علينا؛ بل ندركها جميعاً ولا يمكن أن نسمح لها أن تقف أمام تطلُّعات وطموحات اليمنيين الكبيرة، فاطمأن الجميع وفي مقدّمتهم الدول المانحة ورُعاة المبادرة؛ وهذا ما عبّر عنه المبعوث الأممي أكثر من مرّة في أن اليمنيين قادرون على مواصلة التوافق الوطني وعلى بناء الديمقراطية بوصفها مبادئ وآليات ذات فاعلية كبيرة، وأن اليمنيين سوف يُقدمون على عملية التنمية التي ستعالج الكثير من قضاياهم وفي مقدّمتها الفقر وتوابعه. وبناءً على هذا الاطمئنان والوضوح في الرؤية نحو المستقبل وعزم اليمنيين على إقامة دولة النظام والقانون؛ يتطلّب الأمر من رُعاة المبادرة والمانحين متابعة دعمهم وتقييمهم للمساعدات التي قدّمت في المرحلة الماضية وخاصة في الجوانب التنموية والإنسانية وتقييم الأنظمة والسياسات التي اتبعت في هذا الجانب. في الوقت الذي يتطلّب من الجانب اليمني تقديم تصوّرات واضحة للأولويات والاحتياجات التي تتطلّبها المرحلة القادمة وفقاً لدراسات واستطلاعات يتم إعدادها لهذا الغرض، إضافة إلى صياغة البرامج والخدمات التنموية وإخراجها إلى أرض الواقع بالتعاون مع المكوّنات والجهات المسؤولة ومنظمات المجتمع المدني. فلاتزال هناك العديد من الخدمات والبُنى التحتية المهمّة بحاجة إلى عملية إنقاذ وتطوير وإصلاح، وأن أي تأجيل أو تأخير في هذا الجانب من شأنه مضاعفة الأزمة القائمة، وسيعمل على عدم الاستقرار في البلاد. والجميع يدرك أن الحكومة اليمنية لا تستطيع من خلال مواردها الذاتية المحدودة أن تتحمّل أعباء مرحلة ما بعد مؤتمر الحوار الذي يعوّل عليه اليمنيون الكثير؛ بل يعتبرونه المنقذ الحقيقي لهم من الحالة الاقتصادية المتردّية التي يعيشونها، فلم يبق أمام الدول المانحة سوى الاستمرار بتقديم المساعدة والدعم؛ لأن ذلك سيمثّل الضامن الحقيقي لاستمرار تقدُّم اليمن نحو الاستقرار والهدوء، وسيُسهم هذا الدعم في الدفع بالمسيرة السياسية والاقتصادية والأمنية للبلاد. خلاصة ما نود التأكيد عليه؛ هو أن اليمن بعد مؤتمر الحوار تنتظر من الدول التي وعدت بتقديم المساعدة والدعم ثلاثة أشياء: الإيفاء بتعهدات المنح التي أعلن عنها، والإسراع قدر الإمكان في تقديم هذه المساعدات نظراً للحاجة الماسة التي تمر بها البلاد، ومساعدة الدول المانحة في وضع الخطط والاستراتيجيات التي من شأنها وضع حلول للكثير من المشكلات الاقتصادية والأمنية التي تمرُّ بها البلاد. وسيظل اليمنيون يحملون هذا الجميل ويعترفون بدوره في إنقاذ اليمن وإنجاح مسار التسوية والمصالحة السياسية. [email protected]