بشكل متعمد كان أو سهوا فقد تجاهلنا الكثير من أبجديات الألم للحاضر المعاش رغم إدراكنا بضرورة متطلبات التمعن بها والوقوف أمام الحد من تفشيها كظاهرة غاية في الأرق. هي لا تحتاج بصورة أساسية إلى القمع والترهيب كونها من الأشياء الحسية لذا يبقى مطلبها الأساس هو إيعاز الضمير الإنساني الغافل عنها قبل كل شيء, وربما يكون عدم اعترافنا بالحكم والأمثلة كقراءة لواقع حقائق حدوثها وكأبرز أسباب بقائها المؤدي إلى نموها المتسارع. فلوا قلنا «يمشي الفقير وكل شيء ضده حتى الكلاب اذا رأته كشرت أنيابها» من المؤكد سنجد قمة التوافق وبلوغ الذروة في سياق هذا المثل أو الحكمة مع انساق بيئة واقع الحاضر ..لكننا من باب مناجاة هذه الحكمة النابعة من رحم المعاناة نتلمس أشياء عديدة قد تبعدنا في غالبية الأحيان عن المفهوم القديم لها والذي كان يشير على أن الفقير هو من ليس له مال وحسب غير أن في حاصل الوقت بات مفهوم الفقير على أنه الإنسان البسيط مكسور الجناحين الذي لا ينتمي إلى التكتلات العملاقة والجماعات المسلحة والتي باتت الدولة نفسها تخشاها فكيف بالمواطن متوسط النفوذ لذا أصبح البسيط مذموما مدحوراً من كل شيء حوله ابتداء بالأقوى منه من المواطنين وانتهاء بالتكتلات البشرية, وهي حقيقة يمكن الحصول على مؤكداتها من خلال العديد من الأماكن والمواقف الإنسانية ..على سبيل المثال: لو ذهبنا إلى النيابات والمحاكم سنلاحظ صدور العديد من الأحكام لجهات, ومواطنين, ومشائخ, وتجار, وووووالخ ولكن عند البحث الدقيق سنكتشف بأن التنفيذ لا يتعدى “البسيط” وفي ظروف خاصة يكون فيها «بسيط» بريء إلا أنه يقبع خلف القضبان لينعم بمرارة الظلم الجائر لا لشيء فقط كون خصمه متنفذ ولابد أن يبقى حرا طليق ليسمع الناس قهقهاته البشعة. لقد أصبحت هذه الوسائل والأساليب موضة قديمة لدى أبناء شعبنا فهناك ما هو جديد وبمضمونه ينتزع الروح من داخل كل جسد حي فقد صدر مؤخراً الحكم على الخلية الإرهابية المتورطة في عملية تنفيذ التفجير الانتحاري الذي حدث بميدان السبعين خلال أداء سرايا من أبناء القوات المسلحة وطلبة الكليات العسكرية بروفات العرض استعداداً لعيد الوحدة 22مايو 2012م بالسجن من 2الى 3سنوات مع ادراك الجميع بوصول عدد ضحاياه الى86جندياً واكثر من200جريح وكأن المحكوم عليهم كانوا ممن شاهدوا ذلك الانفجار. مفارقات عجيبة تضعنا مرغمين أمام تمرير صعب لهذا الحكم الذي مازال حدثه ألماً في وجدان كل يمني. في واجهة أخرى تناقض شديد فهناك احد ضباط القوات المسلحة حكم بالسجن لمدة 3سنوات لأن مسؤوله المتنفذ يعاديه شخصيا حيث تم استدعاؤه من غرفة المستشفى التي ترقد بها والدته وطلب منه التحرك للمشاركة ضمن الحرب الأخيرة في صعدة وهو في كل الحالات “بسيط” ..اليوم نعيش واقعا عجزت خفقات القلوب عن وصفه حيث تتقدم الاغتيالات صوره الجلية وهي كالسيل الجارف لا تخص أحداً بل تشمل الجميع مدنيين وعسكريين, وكما هو معروف لاوجود للقانون المدرك بان من يتجرأ على تنفيذ هكذا أعمال في المدن الرئيسية وفي وضح النهار يعد اخطر من مجرد البحث عنه ومقاضاته وقد يكون نهجاً لاتباع “ضم راسك” وطالما ليس الفاعل هو “سيد بسيط” فليس الأمر من اختصاص كافة الجهات المعنية التي وجدت فقط من أجلك “مستر بسيط” فلو حتى عن طريق الخطأ قمت بكسر أحد مصابيح الإنارة في الشوارع أو منزل متنفذ فلابد أن تطالك يد ورجل القانون كون استمرار الاعتداءات على أبراج الكهرباء تختلف فيها أوجه الشبه كثيراً ليس من ناحية المكان والزمان إنما هو من ناحية المسافة المصممة ليد القانون والتي لن تتمكن من الوصول إلى تلك المجاميع كون الحد الأدنى يقف عندك «مستر بسيط».