لم يكن احتفاء جزء كبير من الثوار وحشد تلك الجموع بمناسبة مرور ثلاث سنوات لثورة 11 فبراير لأجل التباهي والافتخار بما حققته الثورة على يد من أوصلتهم للسلطة وإنما كان الحشد وذلك الزخم الثوري لا يحمل سوى المكايدة والنزق الثوري أو المراهقة الثورية المتأخرة إن صح التعبير. للأسف الشديد أن يتحول جزء كبير من ثوار الأمس للنظر إليك بهذه النظرة المشككة فيما تدعو إليه من إحداث تغيير في حكومة الوفاق على أنه مؤامرة و خيانة ثورية و ثورة مضادة. لا توجد اليوم أصلاً معارضة حقيقية في الشارع لتقيّم أداء الحكومة الحالية ولترفع الصوت في وجهها سوى ذلكم الثوار وتكويناتهم الذين حاولتم إبرازهم بمظهر المتمردين الخارجين عن الشرعية ! وأطلقتم عليهم مسمى ( الثورة المضادة ) . مؤلم أن تتحول كتلة كبيرة لتفكر بهذا الشكل وتحمل نفس نظرة قواعد الحكام السابقين للمخالفين لهم ولحكوماتهم وتمارس البجاحة والاستهزاء وكيل التهم لإخوانهم الذين وقفوا بجانبهم صفاً واحداً.. مشكلتهم فقط أنهم مستقلون لا ينتمون لأحزاب مشاركة في حكومة الوفاق أو أنهم مخالفون لنهج وسياسة أحزابهم. من حق الشباب الذين ينتمون للأحزاب الحاكمة أن يدافعوا عنها وعن سمعتها بالمنطق والعدل وليس عنادا وتكبرا وتبريرا لفشل البعض.. كان يفترض بهم أن يكونوا في مقدمة من يحاسب الواصلين على أكتافهم ولو حساباً يسيراً. من المعيب الحكم على إخوانهم المطالبين بإحداث تغيير في الحكومة على أنهم خونة للثورة ومخربين للوطن. وكان من المفترض بمن أعلنوا أنفسهم حملة تغيير للحكومة الحالية ألا يستفزوا الآخرين ببعض تصرفاتهم الهوجاء التي توحي أنهم هم فقط المخلصون وتصوير بقية الشباب أنهم عملاء للسلطة كان عليهم أن يقتربوا أكثر لإظهار حسن نواياهم ومقصدهم الشريف. باختصار شديد.. معيب جداً انقسام الشارع الثوري بطريقة مستفزة وعنادية لبعضهم البعض لا هدف له في إمكانية حدوث تغيير جذري والمطلوب إعادة النظر في إمكانية إيجاد وسائل تهدف للم الصف الثوري والسعي لرقابة أداء الحاكم أو إسقاطه بالطرق المشروعة والمتاحة ..وكفانا عناداً واستعراضاً وتضييعاً للوقت.