أبي العزيز...اليوم تحل علينا الذكرى الثالثة منذ رحيلك عنا...تركتنا وحدنا نواجه متاعب الحياة، كنا بوجودك لا نحس بها لأنك كنت تواجهها وحدك وتتألم وحدك. اليوم اكتشفنا كم كنا غير مدركين لما تعانيه في حياتك من أجلنا، كنا نراك تسهر الليالي وترهق نفسك من أجل أن توفر لنا احتياجاتنا، وكم كنا قاسيين عليك حين كنا نطلب منك مطالب كانت مرهقة عليك، وكنت توفرها لنا مهما كانت بعيدة المنال. اليوم ادركنا كم جعلناك تقدم التضحيات والتنازلات من أجل سعادتنا وأدركنا كم كنا لا نهتم إلا بأنفسنا وسعادتنا ونسينا سعادتك أنت، لقد تحملت الكثير من أجلنا حتى هجمت الأمراض عليك من كل مكان فتحملت الأمراض والآلام ولم تجعلنا نشعر بآلامك، خوفاً علينا أن نحزن لأنك كنت لا تستطيع أن ترى الحزن في وجوهنا، فكنت تبتسم لنا في شدة الألم وكنت تمسح دموعنا في الوقت الذي تنهال دموعك دون أن نحس بها. كم علمتنا التمسك بالأخلاق والقيم الفاضلة وكيف نواجه الصعاب، كم شجعتنا على النجاح والتفوق كم حذرتنا من المستقبل وتقلبات الزمان. ما أعظمك من أب كنت تخاف علينا صغاراً وكباراً كنت تخاف على حاضرنا ومستقبلنا حتى بعد مماتك. رحلت عنا فاكتشفنا كم كنت عظيماً وكم كنا غير مدركين لهذه العظمة في حياتك اكتشفنا أننا لم نكن نبادلك الحب بالحب والتضحية بالتضحية والإيثار بالإيثار، وكيف كنت وفياً معنا ولم نكن أوفياء معك قمت بواجبك الأبوي ولم نرد لك الجميل. كم نحن نادمون اليوم أشد الندم لأننا لم نوف قدرك ولا قيمتك ولا صفاء روحك ولا سمو أخلاقك ولا مدى تحملك وصبرك. ماذا نعمل اليوم وقد رحلت عنا؟ كيف نرد لك الجميل؟ كيف نحسن لك؟ كيف نرد لك ولو قليلاً من إحسانك ووفائك. حققت لنا كل رغباتنا في حياتنا وجعلتنا أمام الناس نعيش في عزة وكرامة، على الرغم من صعوبة الحياة ربيتنا تربية متوازنة ننعم بها بالعزة والكرامة دون الوقوع في الغرور والكبرياء. أبي العزيز: منذ رحيلك وأنا أحس انك كنت روحي ولم يبق إلا شيء بسيط من الروح أحاول به تكملة المشوار اني أرآك في كل مكان كنت تجلس فيه وتأكل فيه وتنام فيه أشم رائحتك واسمع صوتك وأجيب عليه، أراك في المنام تحدثني وتوجهني كما كنت. ماذا اعمل لأرضيك أية قوة في الكون تجعلني أرضيك لأجعلك تسامحني عن كل ألم سببته لك وكل أمر لم أقم به وكل طاعة قصرت في أدائها تجاهك. أقسم أن حياتي بعدك حسرة وندم وفراق وألم، كم أنا اليوم بحاجة إلى أن ابكي وأذرف الدموع تحت قدميك لعلي أحس برضاك عني. كلما استطيع اليوم قوله في ذكراك طيب الله ثراك وأدخلك فسيح جناته وأتمنى من الله تعالى أن يوفقني لأن أكون ذلك الولد الصالح الذي يدعو لأباه فينتفع بها اسأله تعالى أن يأخذ حسناتنا كلها ويجعلها في ميزان حسناتك. نصيحه أنصح كل القراء والذين ما زال آباؤهم على قيد الحياة أن يقوموا بواجباتهم تجاههم، وأن ينتهزوا الفرصة ويعملوا على طاعة آبائهم والإحسان إليهم قبل فوات الأوان، وقبل أن يأتي يوم يندمون فيه على ذلك في يومٍ لا ينفع فيه الندم. رابط المقال على الفيس بوك