كنت قد أشرت بوضوح إلى خطورة المديح الذي لايعني غير الدجل من الحفاظ على المصالح المحققة أو الوصول إلى مصالح خاصة جديدة, وأشرنا إلى أن الأزمة الكارثية التي اجتاحت اليمن قد كشفت حجم ذلك النفاق الذي تحوّل إلى فجور وطغيان على المبادئ والقيم ومكارم الأخلاق وصار لدى مستخدميه وسيلة فاجرة لتحقيق غاية أكثر فجوراً, وكنت أتمنى أن يُستفاد من ذلك المسخ القيمي والأخلاقي الذي تجاوز مكارم الأخلاق, غير أن المؤسف حقاً هو أن البعض من الذين اكتووا بنار النفاق لم يتعلموا من تلك الظاهرة, ومازالوا كما هم، فنفاق الأمس ظهر اليوم بصورة أكثر دناءة, والغريب أن الذين يطالهم النفاق مغرمون بذلك النفاق ولم يدركوا أن ذلك النفاق والدجل كان سبب الفشل لدرجة أن أصبح النفاق هو سوق العصر ولا قبول إلا لرواده فأصبحوا نجوماً تُضحك الشياطين. إن الحياة مدرسة ينبغي التعلم من تجاربها والغبي الذي يظل متجاهلاً ولا يهمه إلا من يكيل له المديح، أما من يصدُقه القول والفعل فلا مكان له على الإطلاق, ولعل هذا الأسلوب الغوغائي هو واحد من أسباب الإخفاقات التي تعاني منها البلاد من خلال الركون على المداحين والمتزلفين الذين لاتهمهم مصالح البلاد والعباد إذا تحققت مصالحهم الخاصة. إن المتابع لهذه الظاهرة سيجد أن الذين يسلكون طريق النفاق والدجل والتضليل ويكتمون الحقيقة بل ويلوون عنقها هم الذين يفوزون بالحظوة والقبول لدى المعنيين بالقصد من التزلف والنفاق, ولذلك فلا غرابة أن تظل البلاد تعاني من الإخفاقات المتلاحقة مادام سوق الكذب والنفاق هو السوق الرائج ومادام صُنّاعه هم المقربون وهم المصدّقون وهم نجوم العصر. لقد ذهلت عندما اطلعت على بعض من تلك الأكاذيب وذلك المديح المخجل من خلال الصدفة لأنني لم أعد متابعاً لأصحاب التزلف والنفاق, لأنهم على قدر عالٍ من الفتنة ولكنهم لايخدعون إلا من في قلبه مرض, وكان من واجبي أن أذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وأقول: لايمكن أن يُكتب الفلاح للنفاق والدجل وعدم قول الحقيقة ولايفلح قوم لايعتمدون إلا على صنّاع النفاق الذي تهمهم مصالحهم الخاصة ولايفكرون في الوطن ومصالحه العليا, ومن هنا من أراد أن يزول عنه الفشل فعليه أن يفتش حوله ليكتشف من يخدعه بالنفاق بعدها سيتحقق النجاح الذي يرضي الله ثم الناس أجمعين بعون الله. رابط المقال على الفيس بوك