كتب/ أحمد عبدربه علوي في بلادي مرض خطير اسمه النفاق وهو لا يقل خطورة عن مرض الإيدز أو السرطان، للأسف الشديد أصبح النفاق ظاهرة مألوفة في مجتمعنا، حيث أصبح هذا الشيء هو الطريقة الوحيدة للصعود المبكر إلى أعلى درجات المراكز الاجتماعية والحساسة. أما الكفاءات والمواهب والقدرات والخبرات فلا مكان لها في الهرم الوظيفي إذا لم تكن مشفوعة بقصائد النفاق والدجل وعبارات المديح للممدوح!!. والنفاق عاهة مستديمة إذا ابتليت بها أمة أو مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب تحول هذا المجتمع أو ذاك الشعب إلى أمة خاملة كسولة غير منتجة ما يجعلها تصاب بالتخلف عن ركب الحضارة. والنفاق له دلائله وله مواصفاته وليس بمقدور أي شخص أن يعتمد النفاق منهجا في حياته، لأن المتخصصين به قلة معظمهم من الأذكياء. للأسف فالمنافق عادة ما يكون مرحا، يبدو خفيف الظل، محبوبا من قبل من لا يعرفه من الآخرين، يستأثر بك منذ زمن طويل جدا وبعد مرور الوقت تكتشف أنك خدعت بمعرفته وأنك في أشد حالات الندم، لكونك تسرعت وتعرفت على إنسان مثله. للأسف أن النفاق اليوم أصبح ينخر في عظام الكثيرين منا ولذا نريد أن نعيد الاحترام للمواطن اليمني، فلا يتملق أو ينافق أو ينسب إلى أصحاب النفوذ عبقريات ليست لهم أو نضال لم يسبق أن شارك فيه. واجبنا أن نمنع كل ألوان النفاق، ونقصر التكريم والتهاني على الذين تفانوا أو حققوا تميزا في أعمالهم.. بعد أن تركوا المناصب القيادية سوف يختفي الإحساس بالحقد والحسد والنزعة لمحاربة كل نجاح لأن الذي وصل إلى الصفوف الأولى يستحقها في الماضي، كنا نتميز بالقدرة على العمل الجماعي والعطاء المبذول الصادق والوقوف صفا واحدا في مواجهة الصعاب.. أما اليوم فقد حلت المصلحة الشخصية مكان المنفعة العامة، ملأت الأنانية قلوبنا، بعد أن عرفنا أن المناصب تستند إلى المنافقين ويحرم منها الأكفاء الذين يؤمنون أن الإخلاص للعمل وحده وليس لشخص بعينه.. فبدأت أساليب الدس والوشاية عند الرؤساء أو المسئولين تسود في المؤسسات الحكومية لأنها أقصر الطرق إلى الترقي! دعونا نصلح من أنفسنا بعد أن نعترف بعيوبنا في عصر الديمقراطية حسبما نقول عن هذا الشيء، وهناك فئات متعددة من النفاق ومن أبرز وأخطر هذه الفئة المتخصصة في نقل الكلام وتلفيقه وتغليفه وتقديمه لك على أساس أن يعتبر لونا من الخدمة الشخصية يقدمها لك هذا بعد أن يكون الأخ الكريم قد أقنعك بأنه شديد الحرص على مصلحتك وعلى مستقبلك وأن كل أمله في الدنيا أن يطيل الله في عمرك وأن يحفظك دوما للإنسانية والحضارة والرقي والتقدم إلى آخر الاسطوانة، وما ينتهي من مهمته الخاصة جدا -وأغلب الظن أنها مهمة سرية لصالح أحد الحاقدين عليك- إلا ويبدأ باسطوانة جديدة من الإشاعات والتلفيقات المغرضة وأول شخص يبدأ الهجوم عليه سيكون أنت حبه وزميله وأغلى الناس والأصدقاء لديه. هذه الظاهرة خطيرة جدا كما أشرنا ومن أبرز أخطارها التفكك الحاصل الآن في العلاقات الاجتماعية بين الناس، فقلما تجد اثنين متفقين على شخص ثالث بأنه إنسان محترم وقلما تجد إنسانا ناضجا في عمله محبوبا أو له مكانة في القلب، والنجاح دائما يهز هذه الفئة ويزلزل كيانها فهم دائما ضد النجاح وضد الناجحين لذلك فاحذروهم أينما كانوا ولا تبالوا؟!